العراق : مشروع وطني لرفع المخلفات المعدنية من عموم البلاد

بعد أن كان يعاني من كثرة الحديد بات يجمع ما تركه المهربون والتجار

عراقي يصهر مخلفات معدنية في فرن (رويترز)
TT

افضل وسيلة لمعرفة ما يحتويه بلد مثل العراق من حديد ومعادن أخرى هي بحساب ما استهلكه من أسلحة في الحروب التي خاضها منذ عام 1980 وحتى عام 2003 في ظل النظام السابق. فحربه مع إيران كلفت من الأسلحة أكثر من 193 مليار دولار وحرب الخليج الأولى 300 مليار دولار فيما تقدر الخسائر في البنى التحتية بنحو 200 مليار دولار.

والمعادن التي استخدمت في صنع جزء من هذه الأسلحة محليا قضى عليها الغزو الأميركي عام 2003 تماما. إذ إن الأحداث التي تلت الغزو فتحت حدود العراق على مصراعيها أمام المهربين الذين بدأوا بجمع المعادن وتهريبها لبعض دول الجوار وتحديدا ايران وسورية والاردن، وكانت عمليات البيع تتم على الحدود وباشراف مسؤولين كبار من تلك الدول، فالكميات الخارجة من العراق تستحق الاهتمام، والغريب أن أسعار البيع لم تكن تتجاوز عشر ما كانت عليها في الأسواق العالمية. وبالنسبة للمهربين العراقيين لم يكن عليهم سوى نقل هذه المخلفات من المعسكرات المهجورة عبر طرق سائبة إلى الحدود، فيما بدأ آخرون بجمع بقايا الاسلحة والقنابل غير المتفجرة وحتى غير المستخدمة اصلا والتي تركها الجيش السابق في اماكن كثيرة، وانتعشت هنا صناعات بدائية تتمثل بانشاء (افران الصهر) الصغيرة والتي اخذت على عاتقها تصنيف المعادن بحسب نوعها وتحويلها لسبائك تمهيدا للتهريب، وما سمي تهريبا عام 2003 وعام 2004 اصبح تجارة رسمية ، عندما تمكنت جهات رسمية من استصدار قرار من سلطة الائتلاف بفتح ابواب التجارة بهذه المعادن وبالتالي خرجت من العراق كميات لا تملك أي جهة حكومية أو غير حكومية أرقام محددة عن كمياتها .

وبعد ان استعادت الصناعة العراقية جزءا من عافيتها بدأت تبحث عن المواد المعدنية الخام، ودخلت منافسا لشراء السكراب، لكن تخوف التاجر من التعامل مع الحكومة لكثرة الروتين حال دون توريد ما يجمعونه للشركات المحلية، وهنا لجأت تلك الشركات ممثلة بوزارة الصناعة بالاعلان عن الشراء المباشر من الاسواق وبالاسعار المعتمدة.

وأول من امس اعلنت الصناعة عن بدء حملة وطنية قالت عنها انها لتخليص البلد من السكراب ، واكد سمير جمال عيسى مدير عام اللجنة العليا لمعالجة مخلفات الحديد في وزارة الصناعة والمعادن تخصيص مبلغ 75 مليون دولار من قبل مجلس الوزراء لتمويل مشروع نقل السكراب الحكومي والسيارات المسقطة الى المواقع التسعة الموزعة على محافظات العراق. واضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» انه تم استلام وصرف مبلغ 25 مليون دولار على شراء معدات واليات خاصة بمعالجة مخلفات الحديد وتـأهيل المواقع الرئيسية الخاصة بجمع مخلفات الحديد والمتمثلة بموقعين في التاجي تابعين الى شركة الصمود العامة وموقع بيجي التابع للشركة العامة للاسمدة الشمالية وموقع رابع في الموصل تابع للشركة العامة للإسمنت الشمالية واخر في كركوك تابع ايضا الى الشركة الأخيرة وموقع الاسكندرية التابع للشركة العامة لصناعة السيارات وفي الديوانية التابع للشركة العامة للصناعات المطاطية وموقع بغداد التابع لشركة الفارس العامة. اما الموقع الرئيسي الذي يعد من اكبر واهم المواقع فقد كان في محافظة البصرة التابع للشركة العامة للحديد والصلب . واضاف المدير العام ان اللجنة باشرت اعمالها بنقل كميات كبيرة من السكراب، كما وضعت بالتنسيق مع مديرية المرور العامة السيارات المسقطة مباشرة من قبل المواطنين إلى المواقع التسعة التي تم تحديدها بعد جلب كتاب الموافقة من قبل المرور العامة في بغداد والمحافظات بدلا من تسليمها الى مديريات المرور حيث كان يتم نقلها سابقا من قبل اللجنة الى هذه المواقع مما يكلف الدولة مبالغ طائلة في عملية النقل. وذكر المصدر ان اللجنة تتسلم ما يقارب الألف سيارة مسقطة يوميا وتسعى جاهدة لرفع الفائدة الاقتصادية للسكراب بعد اعادة صهره ليصبح مادة اولية ذات قيمة اقتصادية هائلة تدخل ضمن عملية انتاج شركات وزارة الصناعة والمعادن المتخصصة وذلك بعد تهيئة المكابس والرافعات العملاقة المتخصصة، اضافة الى معامل التقطيع والفرز وافران الصهر مشيرا إلى أن من المؤمل تأهيل عدد من تلك المعدات واستيراد بعضها خلال العام الحالي 2009 .