بيبي.. القائد اليميني المخلص فقط لنفسه ومجده

TT

يعتبر بنيامين نتنياهو، الذي كلف أمس بتشكيل الحكومة الجديدة في إسرائيل، أول قائد لليمين الصهيوني يصل إلى هذا المنصب وهو يحمل ملفا دسما من الشبهات. فقد سبقه من زعماء اليمين مناحم بيغن وإسحاق شامير، لكنهما وعلى الرغم من كونهما متطرفين متعصبين، يتميزان بمصداقية عالية في السياسة الإسرائيلية ويوصفان بالاستقامة والوضوح. أما نتنياهو الذي يشتهر باسم بيبي، فقد تمكن من طعن سلسلة من رفاقه في القيادة. ثلاثة منهم يسيرون معه اليوم وكانوا قد اتهموه بالكذب والخداع. وشريكه السابق، وزير الخارجية دافيد ليفي اتهمه بالخيانة الوحشية وحتى بالعنصرية. والصحافة الإسرائيلية تمتلئ بالمقالات والتقارير التي تبين مدى تلونه والتواءاته. ومن الصعب إيجاد سياسي إسرائيلي يمتدح أخلاقياته. وحتى القادة الغربيون الذين تعاملوا معه في الماضي يذكرون له الخدع. وقد كتب دنيس روس أن الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، اعتبره «متبجحا صلفا».

ومع ذلك، فإن نتنياهو فاز بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة في إسرائيل، ليس لأنه قائد فذ، بل لأنه لم يجد قائدا منافسا له بجدية من حزبه والأحزاب الأخرى. والجميع متفقون على انه ليس بصاحب مبادئ مميز، بل «براجماتي»، الأمر الوحيد المخلص له هو مجده الشخصي. ولذلك، فإن الكثيرين يصدقونه اليوم عندما يدعو إلى تشكيل حكومة وحدة، لأن حكومة كهذه تحقق له مجدا كبيرا في إسرائيل والعالم، مع أنها تؤدي إلى خسارة أقرب المقربين منه مناصب رفيعة كان قد وعدهم بها و«سيضطر» إلى نكث وعوده لهم مرة أخرى.

ولد بنيامين نتنياهو في القدس سنة 1949 لأبوين معرفين بتطرفهما السياسي، ووالد بنتسيون هو مؤرخ معروف. بسبب عمل الوالد في الولايات المتحدة، نما بنيامين نتنياهو وترعرع هناك. وأنهى فيها دراسته الثانوية، ثم قدم إلى إسرائيل لكي يخدم في الجيش الإسرائيلي. وقد أنهى خدمته ضابطا بدرجة نقيب، وذلك في أهم وحدة قتالية مختارة. وقد شارك في تحرير الرهائن في طائرة سافوي المخطوفة في مطار اللد سنة 1972. ثم تسرح من الجيش وعاد إلى الولايات المتحدة للدراسة الجامعية. درس الهندسة وإدارة الأعمال وحصل على اللقب الجامعي الثاني. وقد قطع دراسته الجامعية ليشارك في حرب أكتوبر 1973. في سنة 1976، نكبت عائلته بفقدان شقيقه يونتان، الذي كان القائد الأول لوحدة رئاسة الأركان القتالية. فقد قتل يونتان وهو يقود قوات الكوماندو الإسرائيلية التي طارت إلى مطار عينتيبة في أوغندا لتحرير رهائن الطائرة الفرنسية التي ضمت مسافرين إسرائيليين. هذه الحادثة، كما يقول بنيامين نتنياهو، رسمت طريقه السياسي فيما بعد «قررت من ذلك الوقت تكريس حياتي لمكافحة الإرهاب». وقد ألف كتابا في الموضوع وأقام معهدا لمكافحة الإرهاب سنة 1978. في سنة 1982 عين ملحقا سياسيا في السفارة الإسرائيلية في واشنطن وبعد سنتين ممثلا دائما في الأمم المتحدة. وفي 1988 انتسب إلى حزب الليكود وانتخب إلى الكنيست ثم عينه موشيه أرنس نائبا له في وزارة الخارجية وبرز في مؤتمر مدريد للسلام بهذا المنصب، مناكفا مثل زعيمه شمير. ومع هزيمة الليكود في الانتخابات التالية سنة 1992 انتخب رئيسا للحزب. وقاد حملة شرسة ضد اسحق رابين بسبب اتفاقات أوسلو، وعندما قتل رابين وتم تبكير موعد الانتخابات وفاز نتنياهو برئاسة الحكومة، أعلن قبوله اتفــاقـات أوسلو. وعلى الرغم من خطابه المتطرف وممارساته العدوانية (حفر نفقا تحت أسوار القدس وحاول اغتيال قائد حماس خالد مشعل في الأردن ونفذ عشرات الاغتيالات بحق الفلسطينيين)، فقد وقع على اتفاق الانسحاب من الخليل وانسحب من 13% من الضفة الغربية وأطلق سراح زعيم حماس الشيخ أحمد ياسين. وأدار سياسة ازدواجية تحمل الشيء ونقيضه حتى سقوطه عام 1999 لصالح باراك.