شرودر في طهران ينتقد أحمدي نجاد ويؤكد: المحرقة «حقيقة تاريخية» لا معنى لإنكارها

قال إنه لا يحمل رسائل من أوباما وميركل.. ودعا إيران لاحترام القواعد الدولية

أحمدي نجاد لدى استقباله غيرهارد شرودر في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

انتقد المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر، الذي يزور إيران حاليا، الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لإنكاره محرقة اليهود. وقال شرودر أمام الغرفة الايرانية للصناعة والتجارة «محرقة اليهود حقيقة تاريخية ولا معنى لانكار هذه الجريمة منقطعة النظير». وأضاف قبل لقائه مع الرئيس الإيراني «إيران بحاجة لتحمل المسؤولية واحترام القواعد الدولية اذا أرادت أن تؤخذ على محمل الجد بوصفها قوة إقليمية». وقوبل أحمدي نجاد بإدانة دولية منذ توليه السلطة عام 2005 لوصفه المحرقة بأنها «أسطورة» ووصفه إسرائيل بأنها «ورم سرطاني» ينبغي استئصاله. ووصل شرودر الى طهران الخميس الماضي في زيارة غير رسمية الى ايران تستمر أربعة أيام. وفيما قالت وسائل الاعلام الإيرانية ان شرودر يحمل رسائل الى المسؤولين الإيرانيين من كل من أميركا وألمانيا، نفى شرودر هذا، موضحا انه «لا يحمل رسائل.. بل آمالا» في علاقات أفضل بين ايران والغرب. وعلى الرغم من انتقادات شرودر لأحمدي نجاد، فإن السفير الإيراني في برلين علي رضا شيخ عطار استبعد أن تؤثر الانتقادات على الاجتماع المقرر بينهما. وأضاف قائلا «إن العلاقات بين طهران وبرلين من الأهمية بحيث لا يمكن أن يؤثر عليها موضوع كالمحرقة». وذكر السفير أن موضوع المحرقة أمر يهم المؤرخين الذين ينبغي عليهم دراسته ومراجعته من غير محرمات ولا انحيازات. وأوضح شيخ عطار أن زيارة شرودر هي في المقام الأول زيارة خاصة، غير أن المستشار الألماني السابق يتمتع بسمعة طيبة في إيران ويمكن أن تمهد زيارته للبلاد إلى محادثات سياسية على أعلى مستوى.

وقال أحمدي نجاد، الذي كثيرا ما ينتقد اسرائيل والغرب، في يناير، إن مسألة المحرقة استخدمت لتوسيع النفوذ الدولي للولايات المتحدة وبريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية. وردا على تصريحات شرودر قال محمد نهاونديان رئيس غرفة الصناعة والتجارة في ايران إنه سيكون من الخطأ «قياس التطورات في الشرق الأوسط بمقياسين». وأضاف «لا يجب أن ننسى المذبحة الاخيرة للناس في قطاع غزة ويجب أن يدين المجتمع الدولي اسرائيل بسببها». من ناحيته، انتقد المجلس الأعلى لليهود في ألمانيا شرودر بحدة على لقائه بأحمدي نجاد، وقال الأمين العام للمجلس شتيفان كرامر في حديث مع صحيفة «نويه بريسه» في هانوفر «إن السيد شرودر يلحق أشد الضرر بسمعة ألمانيا من خلال لقائه بنجاد». وأشار كرامر إلى أن شرودر سيساهم، من خلال لقائه مع نجاد، في دعم النظام الإيراني والديكتاتور نجاد، وطالبه بالتخلي عن لقاء نجاد في طهران «من أجل حقوق الإنسان».

يذكر أن غيرهارد شرودر شغل منصب مستشار ألمانيا بين عامي 1998 و 2005، حيث قاد ائتلافا حاكما بين حزبه الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر. وكان شرودر صرح لدى وصوله إلى العاصمة الإيرانية، أنه يرحب بعقد محادثات سياسية مع نجاد وغيره من الساسة في إيران. وقال «لا أشغل الآن مناصب سياسية تنفيذية ولكني رجل سياسة وآمل أن أجري محادثات هنا أوهناك». ورفض شرودر تكهنات الصحافة الإيرانية عن حمله رسائل من الإدارة الأميركية الجديدة والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى طهران، مؤكدا أنه لا يحمل رسائل وإنما يحمل آمالا في إقامة علاقات جديدة بين المجتمع الدولي وإيران.

وعلى صعيد آخر، نقل تلفزيون الـ«بي بي سي» البريطاني عن دبلوماسي بريطاني أن إيران اقترحت خلال مفاوضات سرية وقف الهجمات على القوات البريطانية في العراق مقابل تخلي الغرب عن معارضته برنامجها النووي. لكن تصريحات السفير البريطاني حاليا في الأمم المتحدة جون ساورس، التي وردت في فيلم وثائقي بثته «بي بي سي» ليل أمس، لم توضح متى حصلت تلك الاقتراحات. وقال ساورس إن «عدة إيرانيين قدموا إلى لندن واقترحوا تناول الشاي في أحد الفنادق. وقاموا بنفس المبادرة في باريس وبرلين وبعد ذلك قمنا نحن الثلاثة بمقارنة ملاحظاتنا». وتابع الدبلوماسي ان «الإيرانيين كانوا يريدون ان نقوم بصفقة مفادها ان يتوقفوا عن قتل جنودنا في العراق مقابل مواصلة برنامجهم النووي وقالوا: سنتوقف عن قتل جنودكم في العراق ونسف العملية السياسية هناك مقابل أن تمكنوننا من مواصلة برنامجنا النووي دون عراقيل». ورفضت الحكومة البريطانية الاقتراح واستأنفت إيران برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

وتنفي إيران رسميا ارتباطها بالميليشيات في العراق أو قيامها بهجمات على التحالف، في حين تندد بريطانيا والولايات المتحدة بالعثور على عبوات متفجرة ايرانية الصنع في العراق. وافاد الفيلم بعنوان «إيران والغرب: مواجهة نووية» بأن مفاوضات سرية حصلت بين ايران والغربيين اعتبارا من 2001. ويبدو ان الايرانيين ساعدوا الاميركيين على تحديد الاهداف التي يجب ضربها في حملتهم ضد طالبان الافغانية بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001، على ما أفاد مسؤول أميركي في الفيلم الوثائقي. وكانت إيران قد قالت من قبل في مناسبات متعددة آخرها اجتماع دول 5 زائد 1 في جنيف نهاية العام الماضي، إنها تضع مشكلتها النووية مع الغرب في اطار حل شامل لكل القضايا العالقة بين طهران والدول الغربية، موضحة في عرض مفصل من نحو 6 صفحات ان الموضوع النووي مرتبط بحل المسائل الاقليمية ومن بينها العراق وافغانستان والمسألة الفلسطينية ولبنان. إلى ذلك، طالب رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) الرئيس الأميركي باراك اوباما الاعتراف بأخطاء مجلس الامن الدولي ونقض القرارات الصادرة ضد ايران. وقال علاء الدين بروجردي في حديث خاص لوكالة أنباء فارس الإيرانية إن «الكيان الصهيوني» يشكل العنصر الرئيسي لانعدام الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط .

وأضاف أن أحداث غزة الأخيرة أثبتت جليا أن «الكيان الصهيوني المحتل» لا يحمل في ملفه خلال الاعوام الستين الماضية إلا انتهاك الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية. وأوضح بروجردي أن هذا «الكيان الإرهابي» العنصر الرئيسي لإحلال الفوضى وعدم الامن في المنطقة «وذلك بسبب امتلاكه 200 رأس نووي». وأكد رئيس لجنة الأمن القومي «الصهاينة يدركون جيدا العواقب السلبية لارتكاب أي حماقة تجاه إيران الإسلامية، لذلك فإن تهديداتهم لن تترجم في الظروف الحالية على أرض الواقع».

كما اعتبر بروجردي انحراف الرأي العام العالمي حيال البرنامج النووي الايراني هدفا من أهداف الغرب لا سيما أميركا والكيان الصهيوني وذلك من أجل إضفاء طابع سلبي لهذا الملف. وفي اشارة الى نهاية فترة ولاية المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، قال «إنه يتعين على خليفة البرادعي أن يعمل وفقا لأعراف وقوانين الوكالة وليس تحت الضغوط السياسية»، مؤكدا دور هذه الوكالة ومكانتها لتفادي انتشار الأسلحة النووية.

ويأتي ذلك فيما أكد النائب الأول للرئيس الإيراني، برويز داوودي لدى اجتماعه أمس مع نظيره الأفغاني أحمد ضياء مسعود، تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية بين البلدين. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عن داوودي قوله في مؤتمر صحافي مشترك مع مسعود في كابول بعد الاجتماع، أن أولويات سياسة إيران الخارجية ترتكز على تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية مع الدول المجاورة سيما الدول الإسلامية.

وأضاف أن الشعب الإيراني، وبالرغم من الحروب والعقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه من قبل «الاستكبار العالمي» ما زال يقف إلى جانب إخوانه الأفغان، ويستضيف عدة ملايين من المهاجرين الأفغان. واعتبر داوودي أن طريق الحرير من الأهداف التي تتابعها ايران وأفغانستان، وقال إن مشروع ربط خط سكك حديد إيران بطاجيكستان عبر أفغانستان هو أحد هذه الأهداف، وهو حاليا قيد التنفيذ. من ناحيته، اعتبر مسعود تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الطاقة والنقل والتجارة والزراعة والتعليم العالي بأنه كان من أهم محاور مباحثاته مع داووي.

غير أن الخارجية الإيرانية نفت أن يكون لإيران دور في العنف في العراق أو أفغانستان. وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية حسن قشقوي إنه لا صحة لضلوع لإيران في الهجمات على القوات الدولية، سواء في العراق أو أفغانستان. وقال قشقوي لوكالة «مهر» الإيرانية أمس إن «الجمهورية الإسلامية أصرت منذ بدء الحرب في أفغانستان والعراق على ضرورة إعادة السلام والاستقرار والهدوء إلى تلك الدول، وواظبت على المناقشات والتعاون المنتظم مع القوات الدولية». وأضاف المسؤول الإيراني أن «المسؤولين الإيرانيين الرفيعين شددوا تكرارا على عدم ضلوع إيران في الهجمات على القوات الأميركية والبريطانية» في البلدين المعنيين.

إلى ذلك وصفت مصادر فرنسية قصة الـ(بي بي سي) بأنها «صعبة التصور» بالشكل الذي طرحت فيه، ووصفت المصادر الفرنسية هذه المعادلة بالتبسيطية. ولاحظت المصادر غموضا في الأخبار المنقولة، خصوصا ما يتعلق بما ذكر حول احتفاظ إيران ببرنامجها النووي، مشيرة: هل المقصود البرنامج السلمي؟ لأنه لا أحد ينكر على إيران حقها في مواصلة برنامجها السلمي.