إطلاق دفعة جديدة من «الصواريخ المجهولة» على إسرائيل.. ولبنان يعتبرها «تحديا لإرادته»

حزب الله نفى مسؤوليته وإسرائيل ردت بقصف مدفعي لمنطقة إطلاقها

جنود إسرائيليون يتفحصون بقايا صاروخ أطلق من الأراضي اللبنانية على شمال إسرائيل (رويترز)
TT

شهدت الحدود اللبنانية أمس فصلا جديدا من فصول «الصواريخ المجهولة» التي انطلقت منها دفعة جديدة أمس من الأراضي اللبنانية باتجاه المستوطنات الإسرائيلية الشمالية هي الثالثة (إحدى الدفعات لم تنطلق) منذ بداية العام الحالي. وفيما ردت إسرائيل بشكل محدود، مطلقة قذائف مدفعية استهدفت محيط منطقة إطلاق الصاروخين، أجمعت القيادات اللبنانية على رفض العملية والرد الإسرائيلي «المخالف لأحكام القانون الدولي»، كما أكد رئيس الجمهورية ميشال سليمان أمس، مكررا مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ووزير الخارجية فوزي صلوخ، إعلان التزام لبنان «مندرجات القرار الدولي 1701»، الذي صدر عقب الحرب الأخيرة عام 2006. وأبدى سليمان رفضه أن يكون لبنان «منصة» معتبرا أن في ذلك «تحديا للإرادة اللبنانية».

وكان مجهولون قد أطلقوا صباح أمس، من جنوب مدينة صور، صاروخين من طراز «كاتيوشا» قصيري المدى، باتجاه المستوطنات الإسرائيلية سقط أحدهما في الأراضي اللبنانية قرب الحدود في منطقة الناقورة. وأتى الرد الإسرائيلي على دفعتين، فأطلق الجيش الإسرائيلي 6 قذائف في أقل من نصف ساعة على المنطقة الواقعة بين بلدتي الحنية والمنصوري. كما أفيد عن سقوط أربع قذائف في محيط بلدة زبقين لم تسفر عن وقوع إصابات. وقد حضرت إلى مكان سقوط القذائف القوة الإيطالية المعززة في «اليونيفيل» وأقامت انتشارا واسعا في المنطقة، كذلك حضرت وحدات من الجيش اللبناني، وشهدت المنطقة دوريات مؤللة وانتشارا كثيفا لـ«اليونيفيل» وتحليقا للمروحيات الدولية. وأصدرت قيادة الجيش اللبناني بيانا أعلنت فيه أن «جهة مجهولة ومشبوهة الأهداف والنوايا أقدمت على إطلاق صاروخين من المنطقة الواقعة جنوب صور، سقط أحدهما داخل الأراضي اللبنانية، فيما سقط الثاني على مقربة من الحدود». وأضاف أنه «إثر ذلك قام العدو الإسرائيلي بالاعتداء مجددا على لبنان، برمي ثماني قذائف مدفعية انفجرت في محيط القليلة – المنصوري». وأشار إلى أن «وحدات الجيش بالتعاون مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في لبنان عززت إجراءاتها الميدانية، وقامت بتفتيش المنطقة والكشف على الأماكن المستهدفة وتحديد الأضرار الحاصلة».

وبدورها أعلنت «اليونيفيل» أن صاروخين أطلقا من بستان موز داخل الأراضي اللبنانية على مسافة سبعة كيلومترات جنوب صور، وقد سقط الأول داخل إسرائيل على مسافة 10 كيلومترات شرق مستوطنة نهاريا. وجاء في بيان أصدرته «وفقا للتقارير، أصيب شخص (امرأة) إصابة طفيفة، من جراء سقوط الصاروخ الأول. أما الصاروخ الثاني، فيبدو أنه تعطل وسقط داخل الأراضي اللبنانية، ولم يتم تحديد نقطة سقوطه بعد». وأشار البيان الى «أن اليونيفيل تحقق حاليا مع الجيش اللبناني على الأرض، وقد حددت مكان إطلاق الصواريخ، وتواصل اليونيفيل مع الجيش اللبناني الدوريات وعمليات البحث المكثفة في المنطقة». ولفت إلى «ان قائد قوات اليونيفيل الجنرال كلاوديو غراتسيانو على اتصال مع كبار القادة في الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي بهدف المحافظة على وقف الأعمال العدائية، وهو يحث على أعلى درجات ضبط النفس». ونفى الناطق الإعلامي باسم «حزب الله» إبراهيم الموسوي أي علاقة للحزب باطلاق الصواريخ. كما نفى أمين حركة «فتح» في لبنان سلطان أبو العينين علاقة أي فصيل من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بالحادث، مبديا أسفه «لإجراء امتحان للفلسطيني ليثبت براءته من دم يوسف». وقال «لا أعتقد أن إطلاق صاروخ من حين إلى آخر قد يكون له تأثير معنوي أو سياسي، إلا أن أبعاده أمنية».

وكرر الرئيس سليمان موقفه الرافض «أن يكون الجنوب اللبناني منصة لإطلاق الصواريخ»، مجددا «اعتبار ذلك تحديا للإرادة اللبنانية». واستغرب «مسارعة إسرائيل إلى الرد الميداني خلافا لأحكام القانون الدولي وموجبات القرار 1701»، مستنكرا «إتباع ذلك بتحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية إطلاق الصواريخ». وطلب إلى قائد الجيش العماد جان قهوجي ووزير الداخلية زياد بارود «اتخاذ الخطوات لكشف واضعي الصواريخ في الجنوب والمخلين بالأمن في الداخل، وتوقيفهم ومنع تكرار مثل هذه الأعمال». وأكد الرئيس السنيورة بدوره «التزام لبنان القوي بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته واعتبار القذائف الإسرائيلية خرقا مرفوضا وغير مبرر للسيادة اللبنانية». وأضاف «أن الصواريخ التي أطلقت من الجنوب تهدد الأمن والاستقرار في هذه المنطقة وتخرق تطبيق القرار 1701 وهو أمر مرفوض ومستنكر ومدان، في وقت يقوم فيه الأمين العام للأمم المتحدة بمراجعة دورية لتطبيق هذا القرار، وفي وقت تتكرر فيه النيات العدوانية الإسرائيلية تجاه لبنان». وشدد على «ضرورة أن يقوم الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل بتكثيف الإجراءات وتشديد التحقيقات والاستمرار في التنسيق بينهما، للحؤول دون تكرار مثل هذه الحوادث وحماية الجنوب اللبناني من العدوانية الإسرائيلية، وقطع الطريق أمام أي محاولة لتعريض لبنان لدورات جديدة من العنف».

وأكد وزير الخارجية فوزي صلوخ «أن لبنان ملتزم تطبيق القرار 1701 ويرفض الممارسات العشوائية المتمثلة بإطلاق الصواريخ عبر الحدود، غير انه في الوقت عينه ينبغي إدانة التعديات الاسرائيلية التي لم تتوقف قبل إطلاق الصواريخ وبعده». وقال «إن القرار 1701 حدد آلية للتعامل مع الحوادث الحدودية من خلال اليونيفيل وبالتالي فإن الممارسات الإسرائيلية لا يمكن تبريرها وإنما يجب إدانتها واعتبارها خرقا مقصودا للقرار 1701 واعتداء على سيادة لبنان». وشدد على «أن التنسيق بين الجيش اللبناني واليونيفيل قائم ووثيق، وهو كفيل بحفظ الاستقرار على الحدود، وهذا التنسيق سوف يتعزز باستمرار لأجل عدم إعطاء إسرائيل أي ذريعة لمحاولة تبرير تعدياتها».

وتخوف مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني من «تداعيات إطلاق الصواريخ المجهولة المصدر من جنوب لبنان على فلسطين المحتلة، التي أصبحت تشكل خطرا على لبنان وأمنه من العدو الصهيوني الذي رد بقذائف تستهدف أمن لبنان واللبنانيين». ودعا إلى «الحكمة واليقظة والحذر من دخول لبنان في صراعات يفرضها عليه من يريدون بلبنان شرا».

ومن الجانب الإسرائيلي، أعلن أمس، عن إصابة خمسة أشخاص بجروح بعد سقوط صاروخ كاتيوشا أمام ساحة بيت في قرية معليا العربية في الجليل (فلسطينيي 48). وقد رد الجيش الاسرائيلي بإطلاق طائرات الاستكشاف فورا الى الجو وأطلقت المدفعية الاسرائيلية ست قذائف على مصادر الإطلاق في لبنان، وأصدر بيانا يحمل فيه الحكومة اللبنانية مسؤولية هذا الاطلاق. وقد أبلغ قوات الأمم المتحدة «يونيفيل» في الجنوب اللبناني بالحادث مطالبا باعتقال المسؤولين عن الإطلاق. فيما أغلقت الشرطة الإسرائيلية مكان سقوط الصاروخ في قرية معليا ومنعت وصول المدنيين إليه. وتبين أن الصاروخ سقط في ساحة دار في البلدة العربية الواقعة قرب الحدود الشمالية لإسرائيل، وأحدث أضرارا في عدة منازل سكنية، وأما العائلة العربية التي أصيبت فقد اخترقت شظايا الصاروخ شبابيك غرفة نوم الفتاة الصغيرة فيرونيكا (16 عاما)، بينما كانت توجد وبقية أفراد العائلة في غرفة مجاورة. وبأعجوبة جاءت الإصابات خفيفة: فيرونيكا وشقيقها حنا (14 عاما) أصيبا إصابات خفيفة، الشابة كارولين (20 عاما) أصيبت بجراح في رأسها وساقها، والأم جانيت وابنها طارق أصيبا بصدمة نفسية.