وزير الداخلية البحريني يرد على التصريحات الإيرانية: إيران متناقضة.. تحضر القمم الخليجية ثم تزور الحقائق التاريخية

قال في حديث لـ «الشرق الأوسط»:لا نجنس السنة لتغيير التركيبة السكانية.. و7000 شخص جنسوا في 5 سنوات

TT

ربما ليس هناك وقت أفضل من الحوار مع الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة وزير الداخلية البحريني من هذا الوقت. فقضية التصريحات الإيرانية بشأن تبعية البحرين وأنها «المحافظة الرابعة عشر»، في قمة اشتعالها ورفض العالم لها، وبينما وزراء الداخلية في العادة يكونون متحفظين في لقاءاتهم الإعلامية، فإن الوزير البحريني كان صريحا ولم يتحفظ في الإجابة على كافة أسئلة «الشرق الأوسط».

الشيخ راشد بن عبد الله قال إن التصريحات الإيرانية الأخيرة لا تنم عن جهل، وإنها لم تأت من فراغ، وإنها «تزوير متعمد للحقائق»، وتساءل عن الكيفية التي يمكن من خلالها تفسير التناقض بين هذه التصريحات وحضور إيران اللقاءات الخليجية والعربية، «وكيف يمكن قبول دعوة إيران لتكوين الحماية المشتركة من الدول المطلة على الخليج؟». ولفت الوزير البحريني إلى قيام «محطة العالم وغيرها من المحطات الفضائية المدعومة من إيران ببث برامج وعمل استطلاعات رأي حول شؤون داخلية بحرينية، كالتجنيس مثلا، وكل هذه الأمور تُعد تدخلا في قضايا وطنية تحل في الإطار الوطني، في حين أننا لا نتعرض للمشاكل الداخلية الإيرانية ولا نناقشها». وفي شأن الغضب البحريني من الحكومة البريطانية في منحها اللجوء السياسي لمعارضين بحرينيين، أشار الشيخ راشد إلى أن موضوع منح اللجوء السياسي للبحرينيين في ظل الحرية والديمقراطية التي كفلها الدستور البحريني أصبح أمرا مستغربا وغير مبرر. وطالب وزير الداخلية البحريني رجال الدين وخطباء المساجد وأولياء أمور الشباب المتورطين بأعمال شغب بين الحين والآخر، بتوعية وتبصير هؤلاء بخطورة أفعالهم. وفي الوقت الذي لم يخف الشيخ راشد بن عبد الله خشيته من تأثير المذهبية على بلاده، إلا أنه أشار إلى أن أصالة الشعب البحريني وتاريخه «هما أكبر سياج لحماية الوحدة الوطنية».

وعندما سألنا الفريق ركن الشيخ راشد بن عبد الله عن اتهامات الجمعيات المعارضة (الشيعية) لوزارته بأنها تجنس السنة لتغيير التركيبة السكانية على حساب الطائفة الشيعية، لم يتردد الوزير البحريني بالكشف عن عدد ممن تم منحهم الجنسية خلال السنوات الخمس الأخيرة وبلغ 7012 شخصا، معتبرا أن الأرقام التي تتداولها هذه الجمعيات «هي مجرد إشاعات وأقاويل مسيسة وغير صحيحة»، وأن منح الجنسية يتم وفق إجراءات قانونية. وأوضح وزير الداخلية البحريني أن عمليات التجنيس في بلاده بدأت منذ عام 1937، وأن كثيرا من العائلات البحرينية السنية انتقلت إلى الدول المجاورة في الخليج لوجود جذور لها بالسابق في هذه الأماكن، في حين ارتحل إلى البحرين من كانوا من العراق وإيران (من الشيعة) واستوطنوا البحرين. كما كشف الوزير البحريني عن توجه السلطات السعودية والبحرينية لتلافي الازدحام الكبير في جسر الملك فهد الرابط بين البلدين، عبر زيادة عدد المسارات وتيسير الإجراءات، «وفى مرحلة لاحقة نتطلع إلى توسعة رقعة المساحة المخصصة للخدمات بالجسر لمواجهة الزيادة المطردة في أعداد المركبات والمسافرين». وفي ما يلي نص الحوار.

* كشفتم في ديسمبر الماضي عن خلية إرهابية تزمع تنفيذ أعمال تخريبية في العيد الوطني للبحرين، وأعلنتم أن المتهمين تدربوا في سورية، هل ضبطتم المزيد من العناصر التي تتدرب هناك؟ - لقد أبدى الإخوة المسؤولون في سورية استعدادا كبيرا للتعاون، حيث تلقيت اتصالا من وزير الداخلية السوري للتأكيد على تضامن سورية وتعاونها مع البحرين للقضاء على مثل هذه الأعمال الإرهابية، كما أرسلت سورية وفدا أمنيا للمملكة تم إطلاعه على كافة المعلومات المتوفرة المتعلقة بالمخطط الإرهابي وذلك من أجل التعرف على مواقع التدريب والوصول إلى المتورطين.

 وفى إطار التعاون الأمني المشترك بين البلدين، فإن التواصل مستمر بين الطرفين، وقد أبدى وزير الداخلية السوري اهتمامه وتعاونه من أجل كشف الحقيقة والتعرف على الأماكن التي تم فيها التدريب، وهذا الأمر يتطلب مزيدا من التنسيق والتعاون الاستخباراتي بين كافة الدول من أجل مكافحة ذلك، فهناك دائما من يحاول أن يعمل في الخفاء من أجل مزاولة أعمال غير مشروعة وعلينا دائما أن نكون يقظين من أجل كشف وضبط هؤلاء من خلال مراقبتهم ومتابعتهم من قبل أجهزة الأمن.

 * لديكم علاقات متميزة مع بريطانيا، لكنكم تبدون غضبكم من بعض المعارضين السياسيين المقيمين هناك، ألا تتخوفون من تأثر هذه العلاقات بسبب أفراد معدودين يقيمون في بريطانيا؟

- لا شك أن ما يصدر من بعض المواطنين الحاصلين على اللجوء السياسي، أو المقيمين في بريطانيا، من أفعال أو تصرفات تشكل أعمالا إرهابية أو إجرامية هو أمر غير مقبول ومرفوض، فهؤلاء يستغلون التسهيلات التي يمنحها لهم الوجود في الأراضي البريطانية من أجل الإضرار بالمملكة. ولقد أوضحنا لمسؤولين بريطانيين هذه الأمور وأطلعناهم على ما توفر لدينا من معلومات حول التورط في المخطط الإرهابي الأخير الذي استهدف أمن مملكة وشعب البحرين، وطلبوا مزيدا من المعلومات الإضافية حول القضية، وسوف يتم تأمين هذه المعلومات من خلال النيابة العامة، باعتبارها الجهة المختصة. والاتصالات حول هذا الموضوع مستمرة في إطار التعاون والتفاهم الموجود بين البلدين، ولكن مما لا شك فيه أن موضوع منح اللجوء السياسي للبحرينيين في ظل الحرية والديمقراطية التي كفلها الدستور البحريني أصبح أمرا مستغربا وغير مبرر.

* شكلت الحكومة لجنة برئاستكم لمواجهة ما ينشر في بعض المواقع الإلكترونية، وقلتم حينها إن بعض المواقع «تمس بالذات الملكية وتضر الوحدة الوطنية». كيف لكم مواجهة مجهولين على مواقع الإنترنت؟ ألا تعتقد أن في مثل هذا المنع تقليصا لحجم الحريات وتعارضا مع المشروع الإصلاحي للملك حمد بن عيسى آل خليفة؟

- الحرية لها حدود ويجب أن تكون مسؤولة، وإلا تحولت إلى فوضى، فعلى سبيل المثال لا تستطيع أن تسير بالسيارة بأقصى سرعة على الطريق من دون مراعاة حدود السرعة المحددة للطرق وأمن وسلامة مستخدمي الطريق، وإلا شكل ذلك خطرا على الآخرين وعلى السائق، وكذلك فإن استخدام شبكة الانترنت بطريقة غير مسؤولة وبتجاوز للحدود المسموح بها يعتبر أمرا ضارا، وأصبح من الوسائل التي تشجع على تجاوز القانون سياسيا واجتماعيا وأخلاقيا. لذلك لا بد من التدخل والمتابعة لضبط الأمور لضمان أن يكون استخدام الانترنت والمواقع الالكترونية دون تجاوز أو مخالفة القانون أو بما يتنافى مع أحكام الدين الحنيف أو الأعراف والقيم والتقاليد، خاصة أن هذه التقنية جديدة، مما يتطلب تطوير التشريعات المتعلقة بها شأنها في ذلك شأن أية تقنية جديدة، وذلك لوضعها في القالب الذي ينظم استخدامها بشكل مفيد.

  * تحدث بين الحين والآخر مواجهات بين قوى الأمن وبين مجموعات من صغار السن التي ترمي عبوات ناسفة أو تستخدم سهاما حديدية مسنونة، كيف تتعاملون مع هذه الفئة صغيرة السن؟ وما دور رجال الدين وخطباء المساجد في توجيه ونصح هؤلاء الشباب؟

- وزارة الداخلية تتعامل مع هؤلاء الشباب وفقا للقانون في حدود الصلاحيات المقررة، ونحرص بالتعاون مع الجهات المختصة ومن خلال مراكز رعاية الأحداث ومراكز الإصلاح والتأهيل على إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع، فهؤلاء الشباب مغرر بهم من قبل قلة من المحرضين الذين اعتادوا على تشجيع ودفع هؤلاء إلى اللجوء والتخريب مستغلين في ذلك صغر سنهم. وفي الحقيقة ان رجال الدين وخطباء المساجد وأولياء أمور هؤلاء الشباب يقع عليهم عبء ودور كبير في توعية وتبصير هؤلاء بخطورة أفعالهم، فعلينا جميعا كمجتمع أن نعمل على حماية وتحصين هؤلاء من التغرير بهم وخداعهم.

* بصراحة هناك من يرى أن هناك خطورة مذهبية وطائفية على المجتمع البحريني، ألا تخشى على البحرين من هذه المذهبية؟

- لعلي أتفق معكم في خطورة المذهبية والطائفية على المجتمع البحريني، ويجب علينا جميعا أن نتصدى لها بالعمل على نبذها والتأكيد على كل ما يؤدي إلى تمتين الوحدة الوطنية والبعد عن الطائفية البغيضة، وأشير هنا إلى أن أصالة الشعب البحريني وتاريخه هما أكبر سياج لحماية الوحدة الوطنية إلا أن هذا لا يمنع أن نبذل المزيد من الجهد من أجل إجهاض أي محاولة لبث المذهبية أو الطائفية في المجتمع، خاصة في ظل الظروف والأوضاع الإقليمية وما تعاني منه بعض الدول من انعكاسات سلبية للطائفية.

* ما هي أبرز التحديات التي تقلقكم كأجهزة أمنية خليجية؟

- لا شك أن العمالة الوافدة من أبرز التحديات التي تواجه دول الخليج العربية وهو الأمر الذي كان موضع الاهتمام في مجلس التعاون على كافة المستويات، للوصول إلى الإجراءات والحلول التي تكفل معالجة المشكلات والتداعيات والسلبيات المتعلقة بهذه العمالة. كما أن ضبط الحدود من الأمور الهامة التي تأتي على قائمة الأولويات لضبط عمليات الدخول والمغادرة من المنافذ الرسمية، وسرعة تبادل المعلومات والاحتفاظ بها لفترة قانونية، وكذلك منع عمليات التسلل والتهريب بكافة أنواعه. هذا بالإضافة إلى التحدي المتعلق بمخاطر وتداعيات الانتشار النووي على منطقة الخليج، بحكم موقعها الاستراتيجي ومكانتها الاقتصادية والسياسية، وهو الأمر الذي دعا وزارة الداخلية إلى عقد مؤتمر حول هذا الموضوع في عام 2006 بهدف رصد تأثير المفاعلات النووية على مختلف مناحي الحياة، وتهيئة دول المنطقة ومؤسساتها الرسمية والأهلية لمخاطر الانتشار النووي ورفع مستوى التوعية العامة في هذا الشأن.

 * وردت في كتاب «دليل الخليج» للوريمر الإنجليزي، وثيقة توضح أن أبناء الطائفة السنية كانوا الأغلبية بالبحرين في عام 1905، والآن هناك جمعيات سياسية بحرينية محسوبة على الطائفة الشيعية تثير قضية التجنيس وتتحدث عن وجود خطة لتغيير التركيبة السكانية لصالح السنة بتجنيس مئات الآلاف، ما قولكم، وما رأيكم في الأرقام التي تتداولها تلك الجمعيات عن عدد المجنسين الذين يفوق عددهم المائة ألف؟  - أستطيع القول إن قيام تلك الجمعيات بإثارة هذه القضية تحرك ليس بجديد، فقد تم طرح هذا الأمر في مجلس النواب في الفصل التشريعي الأول، وتم تشكيل لجنة تحقيق برلمانية وأظهرت نتائج التحقيق أن هذه الأرقام التي يتم ادعاؤها هي أرقام غير حقيقية، وبعد ذلك تم تقديم أسئلة برلمانية بهذا الشأن في الفصل التشريعي الثاني وبيّنّا خلال الإجابة عليها الأعداد الحقيقية.

* ولكن هل من الممكن تحديد أعداد المجنسين خلال السنوات الخمس الأخيرة؟ - عدد من تم منحهم الجنسية خلال السنوات الخمس الأخيرة بلغ 7012 شخصا، وبالتالي فالأقاويل والأرقام التي تتداولها هذه الجمعيات هي مجرد إشاعات وأقاويل مسيسة وغير صحيحة، فمنح الجنسية يتم وفق إجراءات قانونية. ويمكن أن أوجز لك شيئا عن عملية التجنيس في البحرين، التي تعكس خلاف ما تفضلتم به. إن عملية التجنيس بدأت منذ عام 1937 واستفاد منها الكثيرون، ومن المعلوم أنه خلال فترة اكتشاف النفط في الدول المجاورة فإن كثيرا من العائلات البحرينية السنية انتقلت إلى الدول المجاورة في الخليج لوجود جذور لها بالسابق في هذه الأماكن، في حين ارتحل إلى البحرين من كانوا من العراق وإيران واستوطنوا البحرين. وكذلك استقطبت البحرين في فترة النهضة العمرانية أعدادا كثيرة من مختلف الجنسيات اندمجت مع المجتمع، وأن التركيبة السكانية الحالية هي نتيجة تلك الأحداث الرئيسية، وهنا أود أن أؤكد على وطنيتنا التي أكدها الدستور، والتي لا تميز بين المواطنين، فالبحرين فخورة بهويتها الوطنية والعربية وبكل مواطنيها من مختلف الأصول الذين اكتسبوا الجنسية، فهم شاركوا في بناء البحرين حتى وصلت إلى ما وصلت إليه في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، أما ما يردد من إشاعات في هذا الصدد فأُذكِّر أن هناك أقاويل وإشاعات يقولها الشخص ثم يصدقها رغم عدم صحتها، فمثلا سمعنا سابقا عن تجنيس فدائيي صدام ونشرت كشوف تحتوي على أسماء، وعند التدقيق فيها ومتابعة الأمر والتحري، تبين أن كل هذا لا أساس له من الصحة، وهكذا نسمع اليوم أيضا ادعاءات أن هناك عملا لجلب آلاف من الأردن وهذه أيضا إشاعة أخرى من ضمن الإشاعات يتم إطلاقها.

* كيف تواجهون احتمال قيام مواجهة غربية - إيرانية؟

- في فترة ماضية كنا نحس أننا بعيدون عن النزاعات والحروب نسبيا، حتى اندلعت الحرب العراقية – الإيرانية، وما تلاها من نزاعات في منطقة الخليج، وبالتالي فوجود نزاع قريب منا هو أمر لا يمكن استبعاده، وان كنا لا نرغب فيه ولا نتمناه، ولكن في ظل تلك الظروف التي فُرضت علينا، عملنا على تعزيز استعداداتنا لمواجهة الكوارث وتداعيات الحروب، إلا أننا جزء من كل، يتمثل في عمقنا الخليجي والعربي وارتباطنا الدولي.   

* في هذا السياق، وفي الوقت الذي تحتفل البحرين هذه الأيام بذكرى ميثاق العمل الوطني، خرجت تصريحات إيرانية بتبعية البحرين للجمهورية الإسلامية، وأنها محافظة إيرانية، كيف تردون على مثل هذه الدعاوى التي تخرج بين الحين والآخر؟

- ما صدر مؤخرا من تصريحات لا تنم عن جهل، فهي صدرت من أكثر من جهة من داخل إيران، ولم تأت من فراغ، وإنما هي تزوير متعمد للحقائق، ولنا أن نتساءل لماذا صدرت هذه التصريحات في الآونة الأخيرة؟ وكيف يمكن تفسير التناقض بين هذه التصريحات وحضور إيران اللقاءات الخليجية والعربية؟ وكيف يمكن قبول دعوة إيران لتكوين الحماية المشتركة من الدول المطلة على الخليج؟ وماذا عن اتفاقية التعاون الأمني بين حكومتي البحرين وإيران التي وقعها وزيرا الخارجية في البلدين مؤخرا، وتنص على الاحترام المتبادل وحسن الجوار وعدم تدخل أي منهما في الشؤون الداخلية للطرف الآخر واحترام السيادة الوطنية لكل طرف وسلامة أراضيه. فما هو جدير بالملاحظة أنه في ذات الوقت تقوم محطة «العالم» وغيرها من المحطات الفضائية المدعومة من إيران ببث برامج وعمل استطلاعات رأي حول شؤون داخلية بحرينية كالتجنيس مثلا، وكل هذه الأمور تُعد تدخلا في قضايا وطنية تحل في الإطار الوطني، في حين أننا لا نتعرض للمشاكل الداخلية الإيرانية ولا نناقشها، وبالتالي كذلك يجب عليها ألا تتدخل في شؤوننا الداخلية التي تحل في الإطار الوطني ونحن أقدر على حلها. فإذا كانت هذه التصريحات هي جسّ نبض فالرد كان واضحا في الداخل والخارج وأكده حجم الاستنكار الخليجي والعربي والدولي لهذه التصريحات غير المسؤولة، فالمساس بالسيادة أمر تواجهه البحرين وطنيا وخليجيا وعربيا ودوليا، وبالتالي فهذه التصريحات لا تخدم التعاون والاستقرار والمصالح المشتركة بين البلدين الجارين، فقد فوجئنا بتكرار مثل هذه التصريحات ونأمل من الجهات المعنية بإيران أن تقوم بواجبها تجاه هذه الأمور بما يخدم تقوية العلاقات بين البلدين.

* يشكو المواطنون السعوديون والبحرينيون من الازدحام الشديد على جسر الملك فهد الرابط بين البلدين، ما هي الحلول التي يمكن الخروج بها لفك هذا الازدحام؟

- جسر الملك فهد يعبر عن عمق العلاقة بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية الشقيقة، وهو أحد المنافذ الدولية الهامة لمملكة البحرين، فهو المنفذ البري الوحيد، ويعود السبب الرئيسي لمشكلة الازدحام إلى الزيادة المستمرة والمضطردة في أعداد المسافرين، وكذلك المركبات التي فاقت كل التوقعات في ضوء محدودية المساحة المخصصة للخدمات المطلوبة، فقد مر على إنشاء الجسر أكثر من 22 عاما وعندما أنشئ كانت الطاقة الاستيعابية لقسم المسافرين 5 آلاف مركبة في اليوم، وكان المعدل اليومي لمرور المركبات في الشهر الأول لافتتاح الجسر في حدود 4 آلاف مركبة في الاتجاهين يستقلها حوالي 15 ألف مسافر. أما اليوم فقد بلغ أعلى عدد لدخول مركبات المسافرين في يوم واحد حوالي 22 ألف مركبة بها 37 ألف مسافر، أي بزيادة أكثر من 400% من طاقة الجسر الاستيعابية عندما أنشئ.

وكذلك الحال عند افتتاح قسم الشحن في فبراير 1987، فقد كان معدل دخول الشاحنات اليومي150 شاحنة يوميا، أما اليوم فقد تجاوز هذا العدد 1200 شاحنة يوميا أي بنسبة زيادة حوالي 800%.

 فالمشكلة ظاهرة وواضحة، فهناك تزايد في أعداد المركبات والمسافرين ولذلك هناك توجه مشترك من قبل المسؤولين في كلا الجانبين، البحريني والسعودي، لإيجاد الحلول السريعة للتخفيف من المشكلة التي تتلخص في زيادة عدد المسارات، وتيسير الإجراءات من خلال النقطة الواحدة، أي نقطة الدخول إلى البلد، التي تحتاج إلى توفير قاعدة بيانات ونظام آلي يضمن توصيل المعلومات في ذات الوقت فتظهر بيانات الخارج من البحرين في الجهة الأخرى والعكس أيضا صحيح، وفى مرحلة لاحقة نتطلع إلى توسعة رقعة المساحة المخصصة للخدمات بالجسر لمواجهة الزيادة المطردة في أعداد المركبات والمسافرين.

 * كيف تصفون مستوى التنسيق بين السعودية والبحرين في القضايا الأمنية؟

- يمكنني التأكيد على أن التنسيق المشترك بين البلدين الشقيقين في المواضيع الأمنية هو عمل مستمر ومتواصل، فنحن نعمل في إطار منظومة خليجية وبالتالي فأمن البلدين واحد وكل لا يتجزأ، فكلاهما يمثل عمقا وامتدادا للآخر، لذا فالتعاون الوثيق والتفاهم الكامل في جميع القضايا وخاصة الاستراتيجية هو أمر أساسي وحيوي ويتم على أعلى وكافة المستويات وفي مختلف القضايا. وعلى سبيل المثال هناك تنسيق مستمر لضبط الحدود البحرية من قبل خفر السواحل، كما يتم التعاون من أجل مكافحة الجريمة؛ حيث تم ضبط كثير من القضايا نتيجة التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية المختلفة في الجانبين، خصوصا في مجال مكافحة قضايا المخدرات. وبالإضافة إلى ذلك هناك تعاون في سرعة تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية يما يسهم في سرعة ضبط مرتكبي الجرائم، وهناك زيارات متبادلة بين المعنيين، إضافة للتعاون في مجال التدريب وتبادل الخبرات وكل هذا مجرد أمثلة فقط.

* يلاحظ انفتاح وزارة الداخلية على المجتمع البحريني وهو ما فسره البعض على أنه تساهل، فما هي المعادلة التي تمكنتم من خلالها من التواصل مع كافة أطياف الشعب البحريني وبماذا تردون على من وصف هذا التعاطي بأنه تهاون؟

- هذا الانفتاح يعود الفضل فيه إلى المشروع الإصلاحي لجلالة ملك البلاد، ففي ظل هذا المشروع وفي ظل الدستور الذي كفل الحقوق والحريات للمواطنين، تلعب وزارة الداخلية دورا في كفالة هذه الحرية والمحافظة عليها. نحن نعيش فترة من الوضوح والشفافية في ظل المشروع الإصلاحي، وتنفيذا لما كفله الدستور من حماية للحقوق والحريات العامة للمواطنين يأتي انفتاحنا على المجتمع البحريني بكافة أطيافه.

ويمكن القول إنه في بداية الأمر كانت هناك فترة أراد فيها المواطنون استخدام مساحة الحرية التي وفرها الدستور، وهي فترة تحول كان لا بد منها من أجل استيعاب المشروع الإصلاحي، وتعلم الطرفان، المواطنون والأجهزة الأمنية، ما عليهم من واجبات. وفي هذه الفترة كانت الأمور تسير في حدود الحرية المسموح بها، ومع مرور الوقت وصبر المسؤولين في الأمن العام وتكرار التوضيح تثبتت الأمور وأصبحت واضحة. واليوم نرى الوضع وقد اختلف عما كان عليه في بداية الأمر، فكل ما نراه أمامنا من أمور قانونية يقع علينا واجب حمايتها، ولكن في حالة وجود أمور تخرج عن حدود القانون فإننا نتدخل وفقا لما يفرضه علينا القانون من واجبات لحفظ الأمن والنظام العام. وإذا أخذنا المسيرات كمثال لتأكيد ما ذكرته فإننا سوف نجد أن بعض المسيرات كانت في البداية تتم من دون الالتزام بالضوابط القانونية ومن دون تدخل فوري مباشر من قوات الأمن، بل كانت المعالجة تتم بالتنبيه وشرح الحقوق وشرح التجاوزات، وقد فسر البعض ذلك على أنه تساهل في حين انه كان في حقيقته فترة لاستيعاب المواطنين الحقوق الدستورية وضوابطها، أما الآن ومع زيادة الوعي والنضج السياسي والديمقراطي والقانوني فإننا نجد أن هناك كثيرا من المسيرات التي تتم مع الالتزام بالضوابط القانونية ومن دون مخالفات أو تجاوزات رغم مشاركة الآلاف فيها، وفي حالة الخروج عن الإطار القانوني يتم اتخاذ الإجراء القانوني المناسب.

وبهذا المجهود الأمني المبذول لا يبقى هناك مجال للقول بوجود تساهل، فالتعاطي مع الواجبات جاد وهناك عمل دءوب من مختلف الأجهزة الأمنية عند النظر إلى الصورة الشاملة والعمل المتشعب، ونحن نؤكد أن العمل الجاد مستمر وفعال في كافة القطاعات الأمنية تأكيدا لدورنا في حفظ الأمن.

 * أخيرا ما هو دور وزارة الداخلية في تحقيق الرؤية الاقتصادية لعام 2030 لمملكة البحرين؟

- الرؤية الاقتصادية مشروع وطني طموح يأتي في إطار المشروع الإصلاحي الكبير، الذي أطلقه الملك المفدى، والرؤية الاقتصادية منهاج عمل لبناء اقتصاد فعّال ومنتج يساهم في تحسين مستوى المعيشة لأبناء البحرين دونما استثناء، فالرؤية الاقتصادية التي دشنها صاحب الجلالة الملك، وتبناها ولي العهد من خلال وضع مرتكزاتها واستراتيجيتها وأهدافها ومراحل تنفيذها وفق تصور شامل لكافة المقومات والإمكانات المتاحة ومواكبة المتغيرات لتكون جهدا وطنيا يسعى إلى تحقيق فرص العمل المناسبة وزيادة الدخل وتحسين ظروف المعيشة وتلبية الاحتياجات لجميع المواطنين من خلال المشاركة الفاعلة بين الأجهزة الحكومية والمؤسسات الأهلية. وقد أقرَّت الحكومة الرشيدة وبتوجيه من الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر الاستراتيجية الاقتصادية العامة التي انبثقت من هذه الرؤية لتقوم الوزارات والأجهزة الحكومية بتنفيذها بما يضمن تحقيق أهداف الرؤية وتطلعاتها.