احتدام السجالات حول مجلس الجنوب.. والسنيورة يرى أن مصالح الجنوبيين باتت سلعة للمزايدات السياسية

رئيس البرلمان يكرر انتقاد السنيورة ووزير المال ويصفهما بـ«دبشليم» ووزيره «بيدبا»

TT

يبدو كل المشهد السياسي في لبنان مرتبطا بالمعارك السابقة للانتخابات النيابية التي ستجرى في السابع من يونيو (حزيران) المقبل، وبرز في هذا الإطار أخيرا ما اصطُلح على تسميته «حرب المجالس والصناديق» التي يتهم كل طرف الآخر بأنها تابعة له وتشكل أداة للإنفاق المالي السياسي والإهدار. وتدور أشرس «المعارك» حاليا حول مجلس الجنوب الذي يصر رئيس الوزراء فؤاد السنيورة على أن لا أموال متوافرة له في خزانة الدولة، بينما يصر رئيس مجلس النواب نبيه بري على تغذيته بأربعين مليون دولار أميركي ليتمكن من تنفيذ مشاريع حيوية.

وبعدما شن بري هجوما على السنيورة ووزير المال محمد شطح عبر صحيفة «الأخبار» متهما الثاني بأنه «كذاب مثل معلمه» (الأول)، رد عليه المكتب الإعلامي لرئاسة مجلس الوزراء في بيان أكد أن «موضوع الموازنة بما تطرحه من مسؤوليات على الحكومة هو شأن يتصل بصلب مهمات الحكومة والسلطة التنفيذية المسؤولة أمام مجلس النواب عن الإنفاق والمالية العامة للبلاد، وهي تتحمل مسؤوليته أمام مجلس النواب وأمام الرأي العام، وأن أي ضغوط تمارس على الحكومة، لإرغامها على الموافقة على مطالب معينة، من شأنها أن تنعكس سلبا على المصلحة العامة، فضلا عن أنها تخرج عن الأصول وتتجاوز الحدود التي رسمها الدستور للتعاون والتعامل بين السلطات». واعتبر البيان أن «الكلام الصادر بحق رئيس مجلس الوزراء ووزير المال، إن صحّ ذلك، هو كلام نابٍ لم يسبق للبلاد أن شهدت مثله من قبل، مما يشكل تدهورا مرفوضا ومستنكرا في الخطاب السياسي. وهو أمر غير مقبول لكنه في ذات الوقت لن يدفعنا لاستخدام الأسلوب ذاته، وبالتالي لن ننجر إلى مثل هذه المهاترات». وأسف لكون «مصالح المواطنين الجنوبيين باتت سلعة للمزايدات السياسية، مما يعطل العمل الحكومي ويمنع الإجراءات والضوابط المطلوبة لحسن سير العمل، والتي هي في الأساس لمصلحة المواطنين، كل المواطنين، ولمصلحة الجنوبيين، كل الجنوبيين». كذلك علّق شطح على تصريح بري بقوله: «لن أدخل في لعبة المهاترات والشتائم، ولن أجاري من يتقنونها، فللشتائم والمهاترات أساتذتها، وأنا فيها لست لا أستاذا ولا تلميذا، ولا أريد أن أكون. واذا صح ما نقل عن الرئيس بري، فكل ما أقوله في هذا الشأن، إن من الظلم للجنوب ولأهله أن يستمر البعض في المتاجرة، السياسية أو غير السياسية، ولأسباب انتخابية أو غير انتخابية، بحقوق الجنوبيين وبقضاياهم ومصالحهم». وردا على الردين، أصدر بري بيانا مقتضبا جاء فيه: «كنت أريد إرسال توضيح للصحيفة التي تفردت بنشر الخبر «الأخبار»، ولكن بعد أن قرأت رد دبشليم الملك الرئيس السنيورة ووزيره بيدبا الفيلسوف شطح تراجعت عن التوضيح».

وفي تعليق على هذه المسألة، انتقد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية إبراهيم شمس الدين الحملات على السنيورة، داعيا «من لديه أي دلائل على رئيس الحكومة إلى تقديمها للقضاء، لأن الاتهام يجب ألا يكون جزافا، ومهاجمة السنيورة والحكومة من المشاركين فيها أمر غير طبيعي». وعن مجلس الجنوب وموازنته، كشف أن «رئيس الجمهورية طلب إحالة هذا الموضوع على التصويت، في حين أن مجلس الوزراء هو الذي قرر تأجيل الموضوع لمزيد من البحث والاتصالات».

وفي موقف تكرر في الأيام الأخيرة، شدد النائب وليد جنبلاط أمام وفد من الطلاب الجامعيين، على «أهمية الاستمرار في خطاب التهدئة، ولا سيما على المستوى السياسي، من أجل تثبيت الاستقرار في الداخل حفاظا على الوطن». وقال: «في هذا السياق نذهب إلى الانتخابات النيابية المقبلة بشكل موحد وديمقراطي وحضاري عبر احترام الرأي والرأي الآخر». ورأى «أن انطلاق عمل المحكمة الدولية هو ثمرة جهود الشعب اللبناني، لا سيما الشباب»، لافتا في الوقت نفسه إلى «أزمة اقتصادية - اجتماعية كبيرة تحيط بالوطن وتفرض على الجميع التنبه إليها، الأمر الذي يحتم على قوى «14 آذار» خصوصا وضع برنامج اقتصادي – اجتماعي، إلى جانب البرنامج السياسي من أجل عدم إغفال هذه المسألة». وفي الشأن الانتخابي البحت، أكد نائب رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية النائب جورج عدوان أن «الانتخابات النيابية المقبلة هي مفصلية ولا يمكن أن تكون مصيرية»، شارحا كيف تدرجت الأوضاع السياسية منذ قيام ثورة الأرز في عام 2005 وصولا إلى عام 2009، ومشيرا إلى أن «اغتيال الرئيس رفيق الحريري كان شرارة الاستقلال الثاني، وبالتالي شكل دفعا لالتقاء اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، الذين تحدوا رهان سلطة الوصاية في منعهم من تحقيق هذا الهدف». ورأى أن «اللبنانيين أمام مسارين، الأول هو الحفاظ على ثورة الاستقلال، والثاني هو إسقاط هذه الثورة ومفاعيلها والعودة بالبلد إلى ما قبل 2005، بمعنى أن المشكلة تكمن في أين سيكون قرار لبنان ومن يأخذه؟ هل الحكومة اللبنانية ستأخذ القرار؟ أم غيرها بالتحالف مع الفرقاء من لبنان لدفعه إلى حيث يريدون». وأقر بأن «قوى 14 آذار راكمت الأخطاء منذ عام 2005 وآمل أن تتعلم من تلك الأخطاء، بحيث لا تعود وتكررها». وتعهد أن تقدم «14 آذار برنامجا سياسيا واضح المعالم في الخيارات السياسية والوطنية، وستتحالف على أساس هذا البرنامج، وستخوض المعركة في كل لبنان بلوائح موحدة. ومن يشك في ذلك عليه الانتظار أسبوعين ليتأكد من صحة ما نعلنه». وأشار إلى أن «الدكتور سمير جعجع اتخذ قرار عدم ترشحه للمعركة لأنه يستطيع، بحسب رأيه، أن يخدم القضية الوطنية من موقعه كرئيس للهيئة التنفيذية (للقوات) أفضل من أي موقع آخر». من جهته، قال وزير الإعلام طارق متري إن «المهم ليس يوم الانتخابات، بل الأيام التي تسبق هذه الانتخابات، والأجواء التي ستكون قبل الاستحقاق»، معتبرا أن «تطبيق القانون والتزام الإعلام والإعلان الانتخابيين بحسب القانون يوصلاننا إلى وضع جيد في الانتخابات». ورد على المطالبين بإجراء الانتخابات في أكثر من يوم بقوله:«إن المطالبين بهذا الأمر لم يعطوا حجة واحدة تبرر هذا الطلب»، مشددا على أنه لو لم تكن الأجهزة الأمنية جاهزة لما تقرر إجراء الانتخابات في يوم واحد.