سجن أبو غريب يغير جلده ويحاول تحسين سمعته تحت اسم «سجن بغداد المركزي»

المشرف على السجون لـ«الشرق الأوسط» : سجوننا ذات معايير دولية وليس لدينا ما نخفيه

مشغل لخياطة الملابس تم افتتاحه داخل سجن بغداد المركزي،أو ما يُعرف سابقا بابوغريب، في العاصمة العراقية أمس (أ.ب)
TT

تبدو صورة مدخل سجن ابو غريب، الذي اعيد افتتاح بعض مرافقه امس بعد اعادة اعمارها، مختلفة عما كانت عليه في عهد النظام السابق، حيث كان من الصعب الوصول الى بوابته الا خلال ايام المقابلة وبعد الحصول على موافقات خاصة، كذلك تختلف عنها عندما كان السجن تحت سيطرة القوات الاميركية، حيث كان من المستحيل الوصول الى البوابة، ومن يغامر بذلك كان يتلقى وابلا من رصاص الحراس.

ومن يتطلع اليوم الى بوابة السجن التي اعيد بناؤها وطلاؤها وزراعة المداخل بالورود، سوف ينسى مشهد خروج آلاف السجناء من المجرمين الذين كانوا ينتظرون تنفيذ عقوبات الاعدام او قضاء عشرات السنين في الزنازين قبل ان يحررهم الرئيس العراقي السابق صدام حسين بقرار عفو عام قبيل الغزو الاميركي باشهر قليلة.

السجن الذي اتخذ تسمية جديدة، قديمة (سجن بغداد المركزي)، حيث كان هذا الاسم يطلق على سجن آخر قرب الباب المعظم وسط بغداد، جانب الرصافة وتم تهديمه في نهاية السبعينات، اعاد مسؤولون عراقيون امس رسميا افتتاحه بعد ان ظل اسمه مقترنا بالانتهاكات في ظل القوات الاميركية. واكتسب السجن الواقع على مشارف بغداد الغربية سمعة سيئة على مستوى العالم بعد ان صور حرس السجن من الاميركيين انفسهم وهم يعذبون سجناء عراقيين ويمتهنونهم جنسيا بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق في عام 2003 واطاح بصدام حسين.

واثارت الصور غضبا عالميا وساعدت على تأجيج تمرد مضاد للولايات المتحدة في العراق اودى بحياة عشرات الآلاف من العراقيين ولم يبدأ في الانحسار الا العام الماضي، هذا بالاضافة الى ما يتمتع به هذا السجن من سمعة سيئة في عهد النظام السابق، اذ اختفى خلف جدرانه الآلاف من العراقيين الذين كانوا يعارضون النظام السابق وقضوا اعداما، كما قضى فيه معارضون آخرون عشرات السنين من غير ان يلتقوا احداً وذلك في قسم الاحكام الخاصة والاحكام الثقيلة الذي اعيد تأهيله حاليا ونقل اليه 400 من السجناء حسبما اكد بوشو ابراهيم دزه ئي، وكيل وزارة العدل والمشرف العام على السجون العراقية. واضاف دزه ئي قائلا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مكتبه ببغداد امس، ان«ما تم افتتاحه اليوم(امس) هو قسم الاحكام الثقيلة بعد ان تمت اعادة تأهيله ضمن المرحلة الاولى من مراحل اعادة تأهيل السجن ككل ،التي تتحمل نفقاتها وزارة العدل مباشرة ومن ميزانيتنا ولم تخصص ميزانية مستقلة لاعادة اعمار السجن»، مشيرا الى انه«تم نقل 400 سجين الى قسم الاحكام الثقيلة الذي يتسع لـ1600 محكوم، وهذه الخطوة جاءت للتخفيف من الازدحامات في بقية السجون».

وقال وكيل وزارة العدل، المشرف العام على السجون العراقية بسجن بغداد المركزي (ابو غريب)، «لقد اطلقنا تسمية جديدة على هذا السجن لتغيير النظرة التي سادت عنه بسبب الممارسات اللاانسانية في العهد السابق، وهو يعد سجنا دوليا من حيث مواصفاته ومعايير السجون الدولية، اذ اضيفت اليه قاعات لممارسة الرياضة وقاعات كمبيوتر ووحدات حديثة للرعاية الطبية وعلاج الاسنان وباحة للاسر الزائرة تضم ملعبا للاطفال ونافورة مياه، كما وضعت برامج لتأهيل المحكومين»، مشيرا الى ان هذا السجن «يتسع لـ 12 الى 15 الف محكوم، بينما يوجد حاليا في السجون العراقية 17 الف محكوم».

وحول ما اذا كانت عقوبة الاعدام شنقا سوف تنفذ في هذا السجن، الذي شهد حالات إعدام كثيرة، بعضها نفذ رميا بالرصاص اختصارا للوقت ولكثرة اعداد المحكومين بالموت من قبل النظام السابق، قال وكيل وزارة العدل، ان«عقوبة الاعدام مقررة في القانون العراقي وهناك ارهابيون وقتلة وافراد قاموا باختطاف عراقيين وقتلوهم وهؤلاء محكومون بالاعدام وهناك قسم لتنفيذ هذه العقوبة في هذا السجن».

واضاف دزه ئي قائلا، «ان السجون التابعة لوزارة العدل كلها تتصف بمعايير دولية ولا تخرق حقوق الانسان، مثل سجون: سوسة في السليمانية، بادوش في الموصل، الحلة وسجن الناصرية الذي بنته الادارة الاميركية بكلفة 130 مليون دولار»، منوها الى ان«سجوننا كلها مفتوحة امام المنظمات الدولية والصحافة، اذ ليس عندنا ما نخفيه او نخشى منه كوننا نطبق معايير عالية في الحفاظ على حقوق الانسان بالتعامل مع المحكومين». ونفى دزه ئي ان يكون هناك أي وجود لقوات اميركية او غيرها في السجون العراقية التي نشرف عليها.

من جهته قال الشريف المرتضي عبد المطلب مدير عام السجن لحشد من الصحافيين والمصورين في قاعة اعلامية بالسجن، ان السجن رسميا مفتوح وانهم استقبلوا نزلاء وانهم مئات في الوقت الحالي. ويقع السجن في منطقة شهدت قتالا عنيفا خلال السنوات الاولى من التمرد العراقي واغلقه الجيش الاميركي في عام 2006 بعد ان شيد سجنا كبيرا بني لهذا الغرض في الصحراء على الحدود مع الكويت، قرب ميناء ام قصر اطلق عليه اسم(بوكا). وقبل وصول الاميركيين كان السجن يضم نحو 60 الفا من النزلاء واعداء النظام السابق. ويبدو ان السلطات العراقية التي تدير السجن الجديد عازمة على رسم صورة مختلفة تماما الآن. وسيكون بوسع النزلاء ان يحيكوا ملابسهم بأنفسهم في مصنع صغير للحياكة. والسجن ايضا به مسجد وصالون للحلاقة.