كلينتون من بكين: تعزيز العلاقات الأميركية ــ الصينية لمواجهة تحديات الأزمة المالية والتغير المناخي

أوباما يرغب في لقاء نظيره الصيني على هامش قمة العشرين في لندن

كلينتون تصافح مسؤولين صينيين في مقر الضيافة الرسمي حيث تنزل خلال زيارتها للصين (أ ب )
TT

دعت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أمس في بكين إلى تعزيز وتوسيع العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، القوتين الكبريين في العالم اللتين تواجهان تحديات الأزمة الاقتصادية والتغير المناخي. وبعد ان شددت قبل وصولها الى بكين على أنها لا تريد ان تحجب مسألة حقوق الانسان المواضيع الاخرى، ولو «صدم» ذلك منظمات دولية عدة، بدأت كلينتون أمس في شكل ودي محادثاتها مع كبار المسؤولين في ثالث قوة اقتصادية على وجه الكوكب.

وقالت صباح أمس لنظيرها الصيني يانغ جيشي في مستهل محادثاتهما في حضور الصحافيين «مع بدء ادارة الرئيس اوباما الجديدة نريد تعزيز وتوسيع علاقاتنا». واضافت «نعتقد اننا ارسينا قواعد صلبة ولكن يبقى هناك الكثير من العمل للقيام به».

كما اعلنت كلينتون ان الرئيس الاميركي باراك اوباما يرغب في لقاء نظيره الصيني هو جينتاو في لندن على هامش قمة مجموعة الـ20 في ابريل المقبل في اول لقاء ثنائي بينهما. وقالت كلينتون في بدء لقاء مع نظيرها الصيني يانغ جيشي ان «الرئيس اوباما يرغب في لقاء الرئيس هو في لندن خلال قمة مجموعة الـ20».

واعتبرت كلينتون التي تشكل الصين المحطة الأخيرة من جولتها الآسيوية الأولى التي قادتها إلى اليابان واندونيسيا وكوريا الجنوبية، انه من «الضروري في نظرنا أن تتعاون الولايات المتحدة والصين في مجالات متعددة من الاقتصاد الى التغير المناخي».

ومن المقرر ان تلتقي الوزيرة الاميركية الرجلين القويين في النظام الشيوعي الرئيس هو جينتاو ورئيس الوزراء وين جياباو. من جهته اكد يانغ جيشي في مؤتمر صحافي مشترك مع كلينتون انهما توافقا في الرأي على رفض العودة إلى الحمائية في أوقات الأزمة هذه. وقال يانغ انه في الوقت الذي تستمر فيه الازمة وتنتشر على القوتين الاقتصاديتين الأولى والثالثة أن «تعززا تعاونهما» وان «ترفضا الحمائية في مجال التجارة والاستثمارات».

وعبرت بكين في الاسابيع الاخيرة عن قلقها ازاء التدابير الحمائية التي تضمنتها الخطة الاميركية للانعاش الاقتصادي. الى ذلك اكدت الصين، بحسب كلينتون، استمرار ثقتها في سندات الخزينة الاميركية التي تعد المالك الاكبر لها في العالم. واكدت كلينتون على انه يمكن للولايات المتحدة والصين المساعدة في تعافي العالم من الازمة الاقتصادية من خلال العمل معا، مضيفة ان واشنطن تقدر ثقة بكين في ديون الحكومة الاميركية.

وقالت كلينتون التي كانت تتحدث خلال زيارة للصين انها تأمل ان تثمر قمة العشرين التي ستعقد في لندن في ابريل المقبل عن اتفاق بشأن تدفق رؤوس الاموال عبر الحدود. والصين التي لديها احتياطيات من النقد الأجنبي تبلغ تريليوني دولار هي أكبر دائن للحكومة الأمريكية في العالم.

وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الصيني يانج جي تشي «انني أقدر كثيرا ثقة الحكومة الصينية المستمرة في الخزانة الاميركية. وأعتقد ان هذه الثقة في محلها».

وأضافت «لدينا كل الأسباب التي تدعونا للاعتقاد أن الولايات المتحدة والصين ستتعافيان وأننا معا سنساعد في قيادة انتعاش العالم» حسب ما نقلت رويترز.

وقال يانج «صحيح ان الصين استخدمت بعض احتياطياتها الاجنبية في شراء سندات خزانة اميركية. من خلال استخدام احتياطياتنا من العملات الاجنبية. نريد ضمان سلامة الاحتياطيات وقيمتها الجيدة والسيولة في احتياطيات النقد الاجنبي».

واضاف يانج «سوف نتخذ قرارات اخرى بشأن السبل والوسائل التي سنستخدم احتياطياتنا من النقد الأجنبي فيها وفقا للمبادئ التي أوجزتها للتو».

وانتقدت بكين وزير الخزانة الاميركي تيموثي جيتنر في الشهر الماضي بعد ان قال ان الرئيس باراك اوباما يعتقد ان الصين «تتلاعب» في قيمة عملتها وانه سيطلب اجراء تغييرات. وحث اوباما الصين بالفعل على ان تستمر في رفع قيمة اليوان الذي ترى الولايات المتحدة انه يجري تقليل قيمته. وأوقفت الصين رفع قيمة عملتها في الاشهر الاخيرة في وقت يعاني فيه قطاع التصدير لديها من تباطوء الاقتصاد العالمي. ومن المتوقع ان تتطرق كلينتون اثناء زيارتها ايضا الى الملف الكوري الشمالي. وتستضيف الصين الحليف المقرب لنظام بيونغ يانغ، مفاوضات سداسية تضم ايضا الكوريتين والولايات المتحدة واليابان وروسيا في مسعى للتوصل إلى ازالة الاسلحة والبرامج النووية الكورية الشمالية. لكن هذه المحادثات تراوح مكانها في الوقت الحاضر.

وستحضر وزيرة الخارجية الاميركية اليوم قداسا كما ستلتقي شخصيات من المجتمع المدني قبل ان تقفل عائدة الى الولايات المتحدة.وكانت كلينتون اعلنت قبل مغادرتها سيول للتوجه الى بكين انها لا ترغب في ان تعكر مسألة حقوق الانسان الحساسة صفو المحادثات. واكدت «ان الادارات (الاميركية) المتعاقبة والحكومات الصينية تناقشتا بهذه المسألة (حقوق الانسان) ويتوجب ان نواصل الضغط (في هذا الصدد). لكن ينبغي ان لا يحجب (ذلك المحادثات) بشأن الازمة الاقتصادية العالمية والتغير المناخي والامن».

وقد اثار هذا التصريح ردات فعل لدى منظمات حقوق الانسان. وعبرت منظمة العفو الدولية الجمعة عن «صدمتها» و«خيبة املها البالغة» لهذا التصريح.

وكان ناشطون مدافعون عن حقوق الانسان ذكروا امس انهم تعرضوا لمضايقات وترهيب من قبل الشرطة خلال الزيارة التي تقوم بها وزيرة الخارجية الاميركية الى الصين.وقالت المعارضة زينغ جينيان زوجة هو جيا الحائز على جائزة ساخاروف لحرية الفكر التي يمنحها البرلمان الاوروبي، في 2008 إنه «اخضع للاقامة المراقبة لان هيلاري كلينتون وصلت».

واضافت زينغ التي يمضي زوجها عقوبة بالسجن ثلاث سنوات ونصف السنة بتهمة القيام بمحاولة تخريب «لا يمكنني الخروج من منزلي اليوم (أمس)».

وجاءت تصريحات زينغ في رسالة الكترونية وجهتها من شقتها الى وكالة الصحافة الفرنسية. واكدت زينغ على مدونتها التي حجبتها السلطات الصينية في الصين ان رجال الشرطة منعوها من مغادرة منزلها للقاء غاو ياوجي الناشط في مكافحة الايدز الذي يفترض ان يجتمع مع كلينتون.

واكدت المنظمة الصينية «هيومن رايتس ديفندرز» انها سجلت عدة حالات اخرى لمضايقة وترهيب منشقين صينيين في الايام الاخيرة لاسكاتهم خلال زيارة كلينتون. ومعظم هؤلاء المنشقين من موقعي «ميثاق 2008» الوثيقة التي تدعو الى اصلاحات ديمقراطية في الصين. واكدت المنظمة ان الشرطة طلبت من جيانغ كيشينغ الذي كان ناشطا في حركة تيان انمين المطالبة بالديمقراطية وامضى سنوات في السجن، ألا يحاول لقاء كلينتون.