نواب أمل وحزب الله يكملون هجوم بري على السنيورة.. ورئيس الحكومة اللبنانية يرد: لن نرضخ للترهيب والابتزاز

الحص اعتبر أن التراشق الإعلامي بينهما «بلغ حدود الإسفاف»

TT

القصف الكلامي العنيف والمركّز من رئيس مجلس النواب نبيه بري ضد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة على خلفية الصراع المستفحل بينهما على الأموال المخصصة لمجلس الجنوب وما تلاه من ردود فعل، زاد من شحن الأجواء السياسية وعمّق الهوّة أكثر بين فريقي الأكثرية الداعمة للسنيورة، والمعارضة المؤيدة لبري، كما رفع وتيرة الشحن والتعبئة الشعبية التي تنعكس سلباً على الوضع اللبناني العام الذي دخل فعلياً مرحلة التحضير للانتخابات النيابية المقررة في السابع من يونيو (حزيران) المقبل.

فبعد كلام بري النابي الذي وصف فيه السنيورة بـ«الكذّاب» ورفض الأخير الانجرار إلى مثل هذه «الشتائم والمهاترات»، واصل نواب حركة «أمل» و«حزب الله» هجومهم القاسي والذي يلامس الإساءة الشخصية والتخوين لرئيس الحكومة، في حين أطلق السنيورة أمس موقفاً ردّ فيه على بري من دون أن يسميه، فأكد «عدم التراجع» عن الأهداف التي عمل من أجلها و«الترفع عن الإسفاف وعدم الخضوع للترهيب والابتزاز».

وقال، في كلمة ألقاها في حفل تكريم أقامته على شرفه وزيرة التربية بهية الحريري في دارتها في صيدا: «لن نتراجع عن الأهداف التي عملنا من أجلها وسنظل نترفع عن الإسفاف والسفه والمهاترات. نصون بلدنا وسنبقى ندافع عنه كما دافع عنه رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري من قبلنا. وسيبقى لبنان بلداً حراً مستقلا ديمقراطياً موئلا للعروبة الحضارية والمنفتحة لا يضيع فيه دم الشهداء، يفخر فيه أولادنا بالانتماء إليه ويرون فيه مجالا حيوياً لبناء مستقبلهم المشرق».

وشدد على «ضرورة التمسك بثوابت العيش المشترك والسلم الأهلي وتسيير شؤون الدولة ورسم الطريق من أجل التنمية المناطقية». واعتبر أن الحكومات التي ترأسها «نجحت، بالرغم من المصاعب والتحديات. وإذا ما قارنا أنفسنا مع غيرنا من البلدان وأخذنا في الاعتبار الظروف الصعبة التي مرّ بها بلدنا، ولا يزال، فقد استطعنا أن نحقق نسبة نمو غير مسبوقة لا سيما خلال السنتين الماضيتين». وأكد: «لم نرضخ يوماً للترهيب والتهديد والابتزاز ولن نرضخ له الآن»، مشيراً إلى أنه اعتباراً من أول مارس (آذار) المقبل «لن يبقى بلدنا مكاناً ترتكب فيه الجرائم. وسوف تبدأ المحكمة الدولية ويعود اللبنانيون قادرين على أن يحددوا موقفهم بحرية واقتدار»، مجدداً «التمسك بـ(الطائف) والدستور وكل ما يمكن معالجته بالحوار. وإذا لم ننجح اليوم، ننجح غداً. وشدد على أن «العنف لا يحل المشكلات والحلول لا تتحقق لا بالسلاح ولا الابتزاز ولا التهويل ولا الإسفاف». وعن العلاقة مع سورية قال: «ليست لدينا تحفظات على علاقات جيدة ووثيقة وأخوية مع سورية. على العكس، هذا ما نريده ونتمسك به عن قناعة وإيمان. ونأمل أن تقوم هذه العلاقة الطبيعية والقوية بين دولتين جارتين كي نستطيع أن نناقش المشكلات القائمة مثل ترسيم الحدود، خاصة في شبعا والحدود بشكل عام، والسلاح الفلسطيني خارج المخيمات ومسألة المفقودين ومراجعة الاتفاقيات المعقودة إذا لزم الأمر».

من جهته، تناول وزير العدل إبراهيم نجار، السجالات الأخيرة قائلاً: «إن التشنج هو كلامي وسياسي لأن لبنان دخل في مرحلة من اللاتوازن السياسي مع اقتراب الانتخابات النيابية». ودعا إلى «وعي ما نقوله وما نفعله لأنه يمس سلامة العملية الانتخابية وسلامة الوطن».

ودعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان السياسيين إلى «التزام الهدوء والابتعاد عن كل خطاب مثير يبعد الناس عن بعضهم البعض». وحض العقلاء على «أن يكثفوا تحركاتهم ومساعيهم لرأب الصدع وإشاعة أجواء الوئام والسلام التي تصب في خانة حفظ الأمن وتحقيق السلامة والاستقرار». وقال: «المأمول من الكبار أن يكونوا صمام أمان في هذه المرحلة ويبتعدوا عن الكلام الذي لا يخدم البلاد ولا ينفع العباد». وسأل: «ما بال السياسيين يتحركون بهوى متبع وكأن الحكمة عندهم غائبة، وهي مغطاة بقشة ينبغي كشفها، والعمل بها، فيما المطلوب منهم أن يكونوا في حالة دراية واهتمام ومحافظة دائمة على مصالح الوطن وأهله وبعيداً عن القيل والقال وعن كل كلمة لا تخدم المصلحة العامة». واعتبر النائب روبير غانم (قوى 14 آذار) أن «الخلاف بين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس مجلس النواب نبيه بري ليس على موازنة مجلس الجنوب ولا على موازنة 2009، إنما هو خلاف سياسي. والمطلوب حله سياسياً في حضور الرئيس ميشال سليمان». من جهته، أكمل عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي بزي الهجوم على السنيورة متهماً إياه بـ«محاصرة الجنوب». وقال أمس: «إن أبناء الجنوب يمتلكون قدرة التمييز بين الذين يحاصرونهم وبين الذين انحازوا على الدوام إلى جانب حمايتهم وإلى جانب نصرتهم ونصرة قضاياهم وعدالة حقوقهم. واليوم لا تنازل ولا تنزيلات ولا تسوية في ما يتعلق بالحقوق المكتسبة لأبناء الجنوب، ومنها مجلس الجنوب الذي هو مؤسسة من مؤسسات الدولة اللبنانية، والقانون يرعى عمل هذه المؤسسة ولا يرعاها مزاج شخص أو فرد مهما كان كبيراً أو صغيراً». وسأل: «أليس هو رئيس حكومة لبنان؟ للأسف أبناء الجنوب رأوا دمهم وكفنهم وجرحهم وعدالة قضيتهم ولم يروا هذا المسؤول الذي هو بعيد كل البعد عن أهل الجنوب واهتمامات أهل الجنوب وعذاباتهم».

بدوره، رأى عضو كتلة «حزب الله» النائب حسن فضل الله «إن من حق الجنوبيين أن يرتابوا كثيراً من أداء رئيس الحكومة وأن يعتبروا سياسته تجاههم سياسة ظالمة. فهو لم يكتف بتجاهل آلامهم جراء العدوان، أو تحميلهم مسؤولية ما لحق بهم من أضرار أو الانتقاص من انتصارهم وتضحياتهم وعدم تكليف نفسه عناء القيام بأقل الواجب بتفقد ما ألحقه العدو في منطقة عزيزة من لبنان، لكنه عمد إلى استخدام نفوذه داخل السلطة باستهداف كل ما يمت إلى صمودهم ومقاومتهم ومحاولة النيل منها بوسائل وأساليب مختلفة ومنها منع التعويضات عن قراهم وبلداتهم ومصادرة الهبات العربية والدولية». إلى ذلك، اعتبر رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص أن «التراشق الإعلامي بين الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة بلغ حدود الإسفاف وأخذ ينعكس سلباً على الأجواء العامة في البلاد، وبخاصة في مرحلة يسودها شيء من الانقسامات الفئوية السخيفة والبغيضة». وقال أمس: «إننا ندعو الرئيسين بري والسنيورة إلى وقف حملاتهما الجوفاء لا بل الرعناء المتبادلة فوراً وأن يوفرا على البلاد مغبة عنترياتهما الفارغة. ولتقم الحكومة المسماة حكومة وحدة وطنية بالحد الأدنى من الدور المنوط بها. وإلا فما مبرر وجودها؟».