أكبر التحديات أمام أوباما في أفغانستان

التخلص من ملاجئ المتطرفين على الحدود وإقناع المتمردين بالتخلي عن أسلحتهم

TT

بدأت استراتيجية الرئيس أوباما للحرب في التبلور بإعلانه الأسبوع الماضي عن توجه قوات إضافية أميركية مكونة من 17 ألف جندي إلى أفغانستان. ولكن ما زالت أكثر المشاكل الشائكة في انتظاره: من إقناع المسلحين بالتخلي عن أسلحتهم، ومحاولة الحصول على مساعدة من الحلفاء، والتخلص من ملاجئ المتطرفين على الحدود الأفغانية الباكستانية.

ويعتقد العديد من المسؤولين أن أوباما لديه فرصة واحدة لمحاولة إعادة وضع استراتيجية واشنطن في الحرب وإصلاح سياستها في المنطقة. وصرحت الإدارة الأسبوع الماضي أنها ستعرض هذه المراجعة، المقرر الانتهاء منها في إبريل (نيسان) المقبل، على الأفغان والباكستانيين والحلفاء الأوروبيين. ويأمل مسؤولو الإدارة في أن تُخرج النظرة المتأنية الشاملة أفكارا جديدة، لحل المشكلات التي تبدو عسيرة. وتقول خبيرة النزاعات السابقة في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي كارين فون هيبل، التي تعمل حاليا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: «لقد علمنا أن أوباما لن يضع سياسة عاجلة». ولكن تواجه الإدارة بالفعل مفهومين مقلقين: لا يرغب حلفاء أميركا في إرسال المزيد من القوات، ومن الضروري وجود اتفاق بين السلطات الأفغانية والمسلحين، وحتى طالبان، من أجل ضمان الاستقرار والسلام.

وتأتي العقبات في أفغانستان مع مشاكل أخرى معروفة جيدا مثل: الحكومة الضعيفة والفساد العام المنتشر والاقتصاد المرتبط بالهيروين. وفي الوقت ذاته، أسفرت التوترات الأميركية الأفغانية عن زيادة في أعداد القتلى من المدنيين.

ولكن يقول قادة عسكريون وخبراء استراتيجيون إن إرسال المزيد من القوات الأميركية، إذا تمت الاستفادة منه بحذر، من الممكن أن يغير من الانطباعات في البلاد بجعل السكان يشعرون بأنهم آمنون ويُشعر المسلحين بمزيد من الخوف. يقول ستيفن بيدل، وهو دارس في مجلس العلاقات الخارجية يقدم استشاراته لمقر الجيش في الشرق الأوسط بشأن أفغانستان: «لا يمكنك أن تكون الخاسر المحتمل في الحرب. ولن يغير أحد من أباطرة الحرب مواقفه للانضمام إلى الخاسر».

وفي أعقاب إعلان أوباما عن نشر القوات، بدأ المسؤولون العسكريون في تخطيط كيفية الاستفادة من الوحدات الإضافية. وقال الجنرال في الجيش ديفيد دي ماكيرنان، القائد الأميركي في أفغانستان، إن القوات الإضافية ستنفذ استراتيجيات مختلفة في مكافحة المسلحين أثبتت فائدتها في مناطق في العراق، فأولا تتم دراسة المنطقة، ثم تطهيرها من المسلحين. وصرح وزير الدفاع روبرت غيتس، في اجتماعات الناتو في بولندا الأسبوع الماضي بأن القوات ستكون موجودة على نحو ثابت في المراكز السكنية. وقد تداعت العمليات العسكرية «التطهيرية» السابقة بعد أن انتقلت القوات الأميركية إلى مناطق أخرى. وكما تعلمت الولايات المتحدة في العراق، تكون مثل هذه الحملات في مكافحة الإرهاب مؤلمة. وقد ازداد العنف في العراق لعدة شهور بعد أن بدأ تشكيل القوات، حيث دخلت وحدات جديدة في مناطق لم تحقق فيها نجاحا من قبل وتخضع لسيطرة المسلحين. ولكن كما توضح كل دراسة تصدر عن أفغانستان، توجد اختلافات كبرى بين تلك الحرب والحرب في العراق. وكان من المهم لتحقيق النجاح الأميركي في العراق هو قرار الأقلية من عرب السنة بإنهاء مقاومتها المسلحة على نحو موسع، وتبادل المواقع ومساعدة جهود الحرب الأميركية.

وتأمل الولايات المتحدة أيضا في أن تستطيع إقناع بعض المتمردين الأفغان بالتخلي عن أسلحتهم, وصرح غيتس مجددا الأسبوع الماضي بأن السلام النهائي يتطلب تسوية الخلاف مع الجماعات المسلحة. وقال: «في النهاية، يجب أن يكون هناك نوع من المصالحة السياسية كجزء من الحل طويل المدى في أفغانستان». ولا توجد حرب أهلية في أفغانستان. ومن بين المعارضين للوجود الأميركي منشقون بشتون ومحاربو طالبان ومتطرفون آخرون. ولا تواجه البلاد منافسات طائفية مثل تلك التي دفعت السنة العراقيين إلى التسوية. وقال بيدل إن هذا يعني أن الجيش الأميركي يجب أن يقدم حوافز للجماعات المسلحة من أجل التوقف عن القتال. وهذا يتطلب استخدام الجزرة، مثل وعود بمنح سلطة سياسية إقليمية، بالإضافة إلى العصا، مثل التهديد بالقيام بإجراء عسكري. وقد أصبح واضحا أيضا أن جميع المعارك الجديدة تقريبا ستقوم بها وحدات أميركية. ويوجد حاليا 38,000 جندي من القوات الأميركية في البلاد، بالإضافة إلى 32,000 جندي من جنسيات أخرى. وفي اجتماع حلف الناتو الذي عقد الأسبوع الماضي، تعهدت 20 دولة بإرسال المزيد من القوات، والطائرات الحربية وطائرات الشحن من أجل الانتخابات التي ستقام في أفغانستان في العام الحالي. ولكن كانت التعهدات بإرسال الجنود ضئيلة الحجم. ويأتي أكبر عدد من الجنود، 600، من ألمانيا.

وصرح غيتس أن الإدارة لن تسعى إلى صور محددة من المساعدة حتى يتم إعداد دراستها. ولكن تخلى البنتاغون إلى حد كبير عن احتمالات طلب أعداد قوات جديدة. وبدلا من ذلك، صرح غيتس بأن الولايات المتحدة ستدفع بالحكومات الموالية لإرسال أصحاب خبرات مدنيين. ونظرا لمعارضة الأوروبيين لنشر قوات عسكرية، صرح غيتس بأنه من الممكن أن يقدموا إسهاما ثمينا طويل المدى في صورة مستشارين غير عسكريين للمساعدة على تدريب المسؤولين والشرطة الأفغان، وتطوير برامج لمكافحة المخدرات. ولكن حتى هذه التعهدات متواضعة، حيث قدمت خمس دول الأسبوع الماضي مدربين إضافيين للشرطة وفرق إعادة إعمار ومساعدة على التنمية.

ولكن يأمل المسؤولون الأميركيون في أنه إذا أدلى الحلفاء بآرائهم في استراتيجية التنمية، على الأرجح أن يفوا بتعهداتهم. وربما تكون أصعب مشكلة تواجه مراجعة استراتيجية الإدارة هي منطقة الحدود المشتعلة في باكستان. وقد وصف أوباما مخابئ المسلحين في المناطق القبلية الباكستانية بمصدر قلقه الإقليمي الرئيس. وفي ظل إدارة بوش، دارت استراتيجية أميركا حول الضغط على باكستان من أجل فعل المزيد، مع ضرب المسلحين المشتبه بهم بالصواريخ.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»