أوساط عسكرية تتهم أولمرت بالمساس بالمصالح الاستراتيجية الإسرائيلية بعد سحبه ملف التهدئة من جلعاد

شالوم توجمان مستشار رئيس الوزراء يخلف الجنرال في إدارة هذا الملف

TT

أثارت أوساط قيادية في الجيش ووزارة الدفاع الاسرائيلية ضجة كبيرة ضد رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، على قراره سحب ملف المفاوضات حول التهدئة وتبادل الأسرى من الجنرال عاموس جلعاد، رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع. واتهمت هذه العناصر أولمرت بأنه يلحق أضرارا بالغة في مصالح اسرائيل الاستراتيجية، وهي التهمة التي تقارب الخيانة.

وقال أحد المسؤولين في الوزارة، أمس، انه «ما من شك في ان جلعاد أخطأ بحق أولمرت ولا بد من محاسبته، لكن مثل هذا الأمر لا يتم بهذه الطريقة. فالرجل يقوم بمهمة وطنية دقيقة، جمع من حولها خبرة غنية لا يضاهيه فيها أي مسؤول. وهذه القضية تتعلق بمصير جندي يقبع أسيرا في سجن ارهابيين متوحشين في قطاع غزة. وسحب الملف منه اليوم يعني وقف المفاوضات ونقل الملف الى الحكومة المقبلة، وهذا يعني ببساطة اجهاض صفقة تبادل الأسرى والتخلي عن التهدئة». وبهذه الروح خرجت أوساط اعلامية عديدة تابعت الموضوع، علما بأن هذه القضية تحتل العناوين وتتصدر اهتمامات الصحافة الاسرائيلية بكل أنواعها، طيلة يوم أمس. يذكر ان الجنرال جلعاد كان قد هاجم رئيس الوزراء أولمرت خلال لقاء مع صحيفة «معاريف» في الأسبوع الماضي، واتهمه بإلحاق الضرر بالعلاقات الاسرائيلية ـ المصرية وباهمال فرصة اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الأسير، جلعاد شليط. واستدعاه أولمرت الى جلسة محاسبة سوية مع وزير الدفاع، ايهود باراك، ووبخهما خلالها ثم وبخهما مرة أخرى في جلسة الحكومة. وعندما عقد أولمرت اجتماعا للبحث في مصير التهدئة وصفقة شليط، تعمد أن لا يدعو اليها الجنرال جلعاد، مما فهم على انه اقالة من معالجة الموضوع.

لكن عندما سئل مكتب أولمرت عن الموضوع أجاب:«ليس من عادتنا ان نعلن شيئا عن تعامل رئيس الوزراء مع الموظفين». ولكن كشف النقاب يوم أمس، ان مكتب رئيس الحكومة كان قد طلب من جلعاد أن يعتذر عن تصريحاته ضد أولمرت، لكنه رفض. فتوجهوا بدعوى رسمية ضده إلى مأمورية موظفي الدولة يطالبون بمعاقبته بشكل جدي يكون درسا له ولغيره من الموظفين المتمردين. وسحبوا منه ملف شليط والتهدئة بشكل نهائي. وسلموا الملف الى المستشار السياسي لرئيس الوزراء، شالوم تورجمان، والى المسؤول الخاص في مكتب أولمرت عن متابعة ملف الأسرى، عوفر ديكل.

واثر هذا القرار، تجند رفاق جلعاد الحاليون والسابقون في قيادة الجيش ووزارة الدفاع ضد أولمرت. فقد أصدرت وزارة الدفاع بيانا أشادت فيه بالجنرال جلعاد وقالت انه «موظف كبير مخلص وأمين وممتاز معروف بمسؤوليته العالية واستقامته. ومن المؤسف أن يلجأ رئيس الوزراء لهذه الطريقة المتطرفة في معالجة الخلاف معه». لكن مسؤولين في الوزارة سربوا الى الصحافة تصريحات قاسية أكثر ضد أولمرت، اتهموه فيها بالإضرار في مصالح اسرائيل الوطنية. وقالوا ان أولمرت غضب من جلعاد لأنه سرب الى الصحافة انتقادات لرئيس الحكومة، بينما كل صحافي مبتدئ يعرف ان مكتب أولمرت هو بطل التسريب للصحف ومدير حملات تآمر ضد خصومه السياسيين في الحكومة وفي المعارضة وحتى ضد موظفين لا يروقون له. وقالوا ان النتيجة المباشرة لتصرفات أولمرت هي في ان ملف المفاوضات حول التهدئة وحول صفقة تبادل أسرى تعيد شليط الى أهله أصبحت مجمدة. والجندي يذوي في الأسر، بينما رئيس الحكومة ينشغل في تصفية حسابات شخصية. وهذا أمر لم يسبق له مثيل في تاريخ السياسة الاسرائيلية. من جهة ثانية اصطدم أولمرت، أمس، مع لجنة البحوث الاستراتيجية في الوكالة اليهودية، التي اجتمعت به لتسليمه تقريرها السنوي عن أوضاع الشعب اليهودي في العالم. فقد تضمن التقرير انتقادات لحكومته، وجاء فيه ان «يهود العالم يعيشون في احباط من نتائج سياسة حكومته واخفاقاتها في حرب لبنان والفساد الذي ارتبط باسم رئيسها». فراح يصرخ في وجوههم ويقول انه ليس من حقهم الخروج باستنتاجات كهذه وانه يستطيع جلب عشرات التقديرات لكبار العسكريين اليهود وغير اليهود الذين يقولون ان حرب لبنان كانت ناجحة عسكريا وان نجاحها تجلى بوضوح في حرب غزة، حيث ان حزب الله امتنع عن مناصرة الفلسطينيين خوفا من تبعات ذلك عليهم. وقال ان الاتهامات ضد قضايا الفساد هي مؤامرة سيثبت بطلانها. وان أحدا لم يوجه له لائحة اتهام حتى اليوم. ولذلك فهو بريء. ولا يجوز لهيئة محترمة ان تتهمه.