الخليج يدعو إيران لـ«إصلاح الضرر» بعد تصريحات نوري.. بإعلان موقف واضح مقرون بالأفعال

وزير الداخلية الإيراني في المنامة: أمن البحرين والخليج.. من أمن إيران

وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة يصافح وزير الداخلية الإيراني صادق المحصولي أثناء «منتدى ومعرض الأمن البحريني» في المنامة أمس (أ.ب)
TT

دعت دول مجلس التعاون الخليجي إيران إلى «إصلاح الضرر»، بعد التصريحات المتكررة لعدد من المسؤولين الإيرانيين تتعلق بسيادة البحرين، بإعلان موقف واضح من القيادة الإيرانية «مقرونا بالأفعال»، بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس. وفي مؤتمر أمني بالبحرين، وبحضور وزير الداخلية الإيراني صادق محصولي الذي يزور المنامة، ردت دول الخليج محذرة طهران من «الاستخفاف» و«التدخل في الشؤون الداخلية»، بالمقابل قال صادق محصولي «إن أمن البحرين ودول الخليج من أمن إيران».

وخلال «منتدى ومعرض البحرين الأمني»، الذي انطلقت أعماله أمس بحضور الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء البحريني، قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، عبد الرحمن بن حمد العطية، إن المواقف الخليجية الإيجابية تجاه الجمهورية الإسلامية قوبلت بمواقف وسياسات لمسؤولين إيرانيين «تتأرجح بين غير ودية.. وعدائية ودونما مبرر»، مؤكدا أن التصريح الأخير الذي صدر عن ناطق نوري، المفتش العام في مكتب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية، «والذي ردد فيه مزاعم واهية وباطلة وعدائية ضد مملكة البحرين، ليس الأول، فلقد سـبق ذلك مزاعم أخرى من نواب في البرلمان الإيراني وغيرهم. وقبل هذا وذاك كانت هناك افتراءات من مساعد وزير الخارجية الإيراني لشؤون البحوث، تطاول فيها على شرعية الأنظمة في دول المجلس، وهو ما يعد تدخلا سافرا ومرفوضا في الشؤون الداخلية لهذه الدول».

وفي مسعى إيراني لتخفيف الحملة العربية والدولية المستنكرة للتصريحات ضد البحرين، وبعد رسالة وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي إلى نظيره البحريني، تدخل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للمرة الأولى، وأوفد صادق محصولي وزير داخليته إلى البحرين، الذي استقبله ملكها حمد بن عيسى آل خليفة مساء أول من أمس، حاملا معه رسالة تطمينية، أشار فيها أنه لا يمكن لأحد التأثير على العلاقات الإيرانية البحرينية، «ولن نسمح لأي شخص، ممن لا ينوون الخير للبلدين، بالمساس بهذه العلاقات الأخوية الطيبة بين بلدينا»، مؤكدا خلال الرسالة حرصه على تعزيز علاقات الصداقة مع دول الخليج وبالأخص مملكة البحرين، والحرص على تقويتها دائما من أجل السلام في هذه المنطقة.

وبحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» فإن زيارة وزير الداخلية الإيراني لم تكن مبرمجة مسبقا، وكان مقررا حضور نائب رئيس الشؤون الأمنية الإيراني للمشاركة في المنتدى الذي انطلق أمس، غير أن الجانب الإيراني آثر في اللحظات الأخيرة إيفاد وزير الداخلية، حاملا رسالة من الرئيس الإيراني، سعيا في التخفيف من التوتر بين طهران ودول الخليج.

وفي تصريحات صحافية أمس قال الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني، في رد على رسالة الرئيس الإيراني، إنه يجب على البحرين وإيران العمل على عدم تكرار مثل هذه التصريحات، موضحا أن سياسة بلاده تجاه جيرانها تتمثل في تعزيز أواصر علاقاتها وتطويرها، وفي الوقت ذاته عدم المساس بسيادتها واستقلالها وقياداتها.

وقال الأمين العام لمجلس التعاون إن المواقف الإيرانية كثيرا ما تشير إلى تهديدات لأمن وسلامة دول المجلس في حال تعرضت إيران لأي هجوم عسكري من قبل الولايات المتحدة، بالرغم من التأكيدات المتكررة وعلى أعلى المستويات من المسؤولين في دول المجلس بمعارضتهم حل الخلاف حول الملف النووي الإيراني بالقوة، مبينا الموقف الرسمي لدول المجلس بأنها لن تسمح باستخدام أراضيها مطلقا لأي عمل عسكري ضد إيران. وأضاف العطية: «ولا يمكن إلا أن نستخلص من هذه التصرفات أن هناك في الجانب الإيراني من يتعمد استفزاز دول مجلس التعاون، والاستخفاف بمصالحها المشروعة».

واعتبر العطية أن عدم التزام إيران بمبادئ عدم الاستقرار في المنطقة كانت نتيجته «كارثية للأمن والاستقرار والسلام في هذه المنطقة خلال العقود الثلاثة الماضية، بالإضافة إلى التكاليف المالية الباهظة التي تسببت في تحويل الموارد بعيدا عن التنمية والبناء».

وحذرت دول مجلس التعاون الخليجي إيران من أن المساس بسيادة وأمن أي من الدول الأعضاء في مجلس التعاون «يمثل خطا أحمر»، وأن عواقب ذلك ستشمل مجمل دول مجلس التعاون، انطلاقا من وحدة المصير المشترك لدول المجلس ومبدأ الأمن الجماعي. وإن في التاريخ المعاصر لهذه المنطقة عبرا ودروسا.

وكان لافتا أن دول الخليج اشترطت «لإصلاح الضرر الذي أحدثته تلك التصريحات الاستفزازية والسياسات غير المسؤولة من الجانب الإيراني»، إعلان مواقف واضحة من أعلى المستويات في إيران، «مقرونة بأفعال حيال كافة القضايا ذات الصلة باحترام السيادة، والالتزام الفعلي بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وبكافة الاتفاقيات الثنائية، والبدء في مفاوضات جادة حول الجزر الثلاث المحتلة التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، أو إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية».

كما طالبت دول الخليج من إيران باتخاذ خطوات جادة وملموسة لإعادة بناء الثقة والطمأنينة في علاقات إيران بالدول المطلة على الخليج العربي، «بهدف الابتعاد عن سياسات الهيمنة الإقليمية، والارتقاء بالخطاب السياسي لينسجم مع الرغبة المعلنة في تطوير العلاقات، وضبط الخطاب الإعلامي الرسمي، بعيدا عن مفردات التهديد والاستفزاز. وقبل هذا وذاك لا بد من التأكيد على ضرورة التزام إيران بنص وروح كافة الاتفاقيات الثنائية التي تم التوصل إليها مع دول مجلس التعاون، سيما منها ذات الطبيعة الأمنية. كما أن النهوض بالعلاقات بين الجانبين يستلزم حل النزاعات والخلافات بالوسائل السلمية، والمفاوضات، واللجوء إلى القضاء الدولي، كما في قضية الجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة».

وأشار العطية إلى قضية الجُـزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي لا تزال إيران تحتلها منذ نحو أربعة عقود، «وتتصرف كقوة احتلال، وهي ترفض الاسـتجابة لمساعي دولـة الإمارات والمجتمع الدولي لحل القضية من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين، أو إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية. في تقديري». وأضاف العطية: «المشكلة هنا أن إيران لا تكتفي بمجرد تجاهل هذه الدعوات المخلصة لحل القضية بالطرق السلمية، ولكنها تعمل أيضا على تكريس احتلالها للجزر الثلاث بإجراءات غير مشروعة».

من جهته أكد وزير الداخلية الإيراني، في كلمة لم تكن مبرمجة مسبقا على جدول أعمال المنتدى الأمني، أن بلاده تعتبر أمن البحرين وجميع دول المنطقة من أمنها، «وتؤكد على استمرار التعاون في مختلف المجالات والأصعدة مع جميع دول المنطقة في اتجاه تنمية وتطوير واستقرار وأمن هذه المنطقة الحيوية».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن اجتماعا بحرينيا إيرانيا عقد أمس، شارك فيه وزيرا خارجية وداخلية البحرين ووزير الداخلية الإيراني، وشهد اللقاء تطمينات إيرانية ورفضها للمس بسيادة واستقرار البحرين، وسعيا رسميا إيراني إلى تطويق الأزمة الناتجة عن التصريحات الإيرانية الأخيرة.

إلى ذلك، دعا وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة إلى تدخل جزئي للقوات المسلحة أو الجيوش، في محاربة الإرهاب وعدم ترك هذه المهمة من مسؤوليات الشرطة فقط، وطالب بإعادة هيكلة أدوار الجيش والشرطة، «حيث يتم أحيانا الاستعانة بالجيش للتعامل مع الكوارث الطبيعية الداخلية وغيرها من حالات الطوارئ، كما يجري اللجوء إلى الشرطة بشكل متزايد فيما يتصل بالتعاون مع نظيراتها في الدول الأخرى».