السودان: ولاية جنوبية تعلن الطوارئ إثر معارك بين الجيش الشعبي وميليشيا متحالفة مع الخرطوم

الرئيس السوداني ونائبه بحثا الخلافات حول تنفيذ اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب

TT

أعلنت حكومة أعالي النيل بجنوب السودان حالة الطوارئ أمس اثر معارك عنيفة اندلعت بين قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان (جنوب) وميليشيا جنوبية أخرى موالية لحزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه الرئيس عمر البشير، في مدينة ملكال ثالث أكبر مدينة جنوب البلاد، أسفرت عن مقتل 16 عسكريا ومدنيا وجرح 20 آخرين، وأحدثت حالة من «الهرج والمرج والذعر»، أعادت للأذهان مشاهد معارك مماثلة دارت داخل المدينة عام 2006، أسفرت عن مقتل نحو 150 من الطرفين، وحرق ونهب أجزاء من سوق ملكال.

وتجيء هذه المعارك فيما عقد طاقم الرئاسة السوداني اجتماعا فريدا من نوعه في مدينة جوبا المجاورة، التي وصلها الرئيس عمر البشير ونائبه علي عثمان طه، وانضم إليهم النائب الأول رئيس حكومة الجنوب سلفا كير، لمناقشة جملة من القضايا الخلافية حول تطبيق بنود اتفاق السلام بين الشمال والجنوب. وعقد الاجتماع وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث ألقى إعلان المحكمة الجنائية بلاهاي حول قضية الرئيس البشير بظلاله على الاجتماع، الذي أدان معارك ملكال. وقال مصدر مطلع من ملكال لـ«الشرق الأوسط» إن المدينة دخلت في حالة ذعر. وأشار إلى أن المعارك، التي دارت شمال المدينة حيث يوجد المطار، استمرت من الصباح الباكر ولم تتوقف إلا بعد أن تدخلت عصر أمس قوات مشتركة من الجيش السوداني والحركة الشعبية بين الطرفين، موضحا انه «حتى المساء كان يسمع صوت طلقات حول المكان». وكشفت المصادر أن الاشتباكات سببها توترات حدثت بعد عودة أحد قائدي ميليشيا «دفاع الجنوب» السابقة، اللواء قبريال تانج الموالي للحكومة إلى ملكال التي غادرها عام 2006، عقب اشتباكات مع قوات الحركة الشعبية. وقال المصدر إن تانج متحصن الآن في موقع شمال مدينة ملكال حيث توجد قوات تتبع له. ولم تنف المصادر أن تكون هناك إشارات قبلية للمعارك التي دارت بين قبيلتي «الدينكا»، التي ينتمي إليها زعيم الحركة الشعبية، وقبيلة «النوير»، التي ينتمي إليها تانج. واتهم جيش جنوب السودان الجيش الشمالي بحماية اللواء تانج. وتعد هذه المعارك الثانية منذ عام 2006 بين جيش الجنوب وقوات موالية للمؤتمر الوطني. وقال رئيس هيئة أركان عمليات جيش جنوب السودان اللواء جيمس هوث لـ «الشرق الأوسط» إن أسباب المعارك هي عودة تانج إلى ملكال، وقد صدر أمر بالقبض عليه وفق قرار صادر من رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ومنعه من دخول ملكال منذ عام 2006 وان الخرطوم ترفض تسليمه.

وقال هوث إن تانج كان وراء القتال العنيف الذي دار في ذلك العام وأدى إلى مقتل 150 شخصاً وتدخل الجيش الحكومي الموجود في الجنوب ضمن القوات المشتركة لحمايته، وأضاف "الآن جاء إلى المدينة لينسف الاستقرار فيها»، وتابع «الأمم المتحدة طلبت من تانج مغادرة المدينة لكنه رفض»، مشيراً إلى أن القتال كان عنيفاً بين قوات الجيش الشعبي ومليشيا تانج. وقال إن الخسائر لم تحصر بعد، وتوقع أن تندلع معارك جديدة بسبب التوتر الذي تشهده المنطقة خاصة حول مطار ملكال إذا لم يغادر القائد العسكري المطلوب القبض عليه.

وأضاف أن الاستخبارات التابعة للجيش الحكومي هي التي حرضت تانج بالحضور إلى ملكال لإحداث عدم استقرار في الجنوب، وقال «طالبنا الآن بأن يغادر تانج المنطقة فوراً خلال 24 ساعة»، مشيراً إلى أن جنود الجيش الجنوبي المشاركين في القتال هم من وحدة مشتركة من القوات الشمالية والجنوبية تهيمن على بلدات جنوبية وحقول نفطية بموجب اتفاق السلام.

من جهته قال اللواء قبريال تانج لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من ملكال «انه حضر إلى ملكال لتفقد أسرته وتلقي العزاء في وفاة شقيقته وأنه مجرد وصوله حاولت قوات تابعة للجيش الشعبي إلقاء القبض عليه للمثول أمام رئيس حكومة الجنوب سلفا كير»، وأضاف انه رفض تسليم نفسه لأنه يتبع للجيش الحكومي.