مقرر المحكمة: عملنا سيكون شفافاً من دون خرق السرية وسنتفق على بلورة العمل مع الحكومة اللبنانية

«الشرق الأوسط» في مقر المحكمة الدولية في ضاحية لاهاي

المدعي العام الكندي دانييل بيلمار (يسار) للمحكمة الدولية الذي قاد فريق التحقيق في قضية اغتيال رفيق الحريري في اجتماع مع وزير العدل اللبناني إبراهيم نجار في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

على بعد عشرة كيلومترات من مدينة لاهاي الهولندية تقع ضاحية ليدشندام التي تستضيف المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة الرئيس الحريري ورفاقه.

المبنى الذي استأجرته الأمم المتحدة للمحكمة الدولية كان مقراً للمخابرات الهولندية. عشرون ألف متر مربع يفترض أن تكون كافية لإيواء طاقم المحكمة المؤلف من حوالي 350 شخصاً. وما يميز المبنى هو الحضور المحاط بقناة مائية من حوالي ثلاثة أمتار عرضاً، يسبح في الاخضرار الهولندي. لا مقاهي في الحي ولا مطاعم.

واضطر الصحافيون الذين لبوا دعوة قسم الصحافة في المحكمة لعرض ما آلت إليه التحضيرات تمهيداً لافتتاح أعمال المحكمة رسمياً يوم الأحد المقبل - اضطروا إلى الذهاب إلى محطة البنزين القريبة ليشتروا سندويشة أو قنينة مياه أو لوضع اليد على فنجان قهوة ساخن.

غير أن الأغرب من ذلك أن المبنى لم يجهز بعد. وبحسب ما قاله بيتر فوستر، مسؤول قسم الشؤون العامة للمحكمة الذي يشرف أيضاً على قسم الصحافة، فإن القاعة الرئيسية التي ستكون قاعة المحكمة أشبه بقاعة رياضية منها بقاعات المحكمة التي نعرفها. قاعة عادية جداً لا لون لها ولا رائحة ستستضيف يوم الأحد المقبل هيئة المحكمة والمدعي العام دانيال بلمار وممثلاً عن الأمم المتحدة والدول الخمس دائمة العضوية والدول المساهمة في تمويل المحكمة. وقال روبن فنسنت، رئيس قلم المحكمة وكذلك بيتر فوستر إن الحضور يوم الأحد سيقتصر على الجهات الرسمية ولم توجه الدعوات لأي كان للحضور لأن الغرض توفير أكبر مكان ممكن للصحافة. وأبلغ فوستر «الشرق الأوسط» إن أحداً لن يحضر إلى لاهاي من عائلة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وأن السفير اللبناني في العاصمة الهولندية سيمثل لبنان في جلسة الافتتاح. وسيحضر أيضاً السفير الهولندي المسؤول عن المنظمات الدولية الذي سيلقي كلمة الافتتاح. وبعكس ما قيل سابقاً، فإن أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون لن يذهب إلى لاهاي. أما بخصوص قاعة المحكمة فقد قال فوستر إنها لن تكون جاهزة قبل نهاية شهر نوفمبر(تشرين الثاني) من العام الجاري.

وفي المؤتمر الصحافي الذي دُعيت إليه الصحافة أمس شرح فوستر أن تمويل المحكمة الذي يضطلع به حوالي 15 بلداً إلى جانب الحكومة اللبنانية التي تبلغ حصتها منه 42 بالمائة ، مؤمّن للعام الأول من عملها. غير أنه أضاف أن «لا تخوف» لدى الأمم المتحدة أو المحكمة من العجز عن توفير التمويل لعامين إضافيين. وتبلغ الميزانية «التشغيلية» للعام الأول 51.4 مليون دولار والتمويل متوافر للعام الأول، إضافة إلى 56 مليون دولار للعامين اللاحقين. وفيما وعد فوستر «بالتزام الشفافية» في عمل المحكمة، تحاشى الرد أمس على الأسئلة التي تخرج عن نطاق مسؤوليته كتلك المتعلقة بالضباط اللبنانيين الأربعة الكبار وإمكانية أن تعمد المحكمة إلى إطلاق سراحهم أو وضعية «الشاهد الملك» زهير الصديق. وقالت أوساط المحكمة إن المتهمين لن يحتجزوا في مبنى المحكمة نفسه التي يبلغ إيجارها السنوي 3.4 مليون دولار بل في سجن شيفينغن الواقع على بعد 5 كيلومترات من المحكمة. وينقسم السجن إلى قسمين، الأول خاص بالقضاء الهولندي والآخر بالعدالة الدولية. وحتى الآن لم تعرف بعد هوية رئيس المحكمة الذي سيتم اختياره بواسطة الاقتراع من قبل قضاة المحكمة الذين بقيت هوياتهم سرية حتى الآن.

وتتألف المحكمة من قاضٍ منفرد وظيفته التحضير للمحاكمة ومن دائرة ابتدائية تتكون من ثلاثة قضاة؛ اثنان منهم أجنبيان وثالث لبناني، ومن دائرة استئناف «خمسة قضاة، ثلاثة أجانب وقاضيان لبنانيان». ويفترض أن تنصب الجهود بعد افتتاح أعمال المؤتمر على بلورة طريقة عمل المحكمة وهذا سيتم بين الدولة اللبنانية والمحكمة. ولخص المصدر المشار إليه ما سيحصل الأحد المقبل بأنه سيكون «فعل ولادة المحكمة مادياً» لكن عملها الذي أنشئت لأجله لن يبدأ قبل شهور والأرجح نهاية العام الحالي.