اليمن: اتفاق بين الحكم والمعارضة على تمديد ولاية البرلمان عامين وتأجيل الانتخابات العامة

جلسة استثنائية للبرلمان اليوم والأحزاب ستتحاور حول التعديلات الدستورية المطلوبة

TT

يصوت مجلس النواب اليمني (البرلمان) اليوم على مذكرة تقدم بها رؤساء الكتل النيابة الخمس في المجلس إلى هيئة رئاسته تطلب اتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة لتعديل بعض مواد الدستور بما يسمح بتمديد ولاية البرلمان لسنتين إضافيتين وذلك في ضوء الاتفاق الذي أبرم بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك المعارضة على تأجيل الانتخابات. ومن المتوقع أن يصوت البرلمان في جلسة استثنائية دعت إليها رئاسة المجلس بالموافقة على المذكرة بعد أن حيكت تفاصيل الاتفاق خارج أروقة المجلس وفي مجالس الحوار بين أطراف الأزمة.

وبعد أكثر من عام على الأزمة السياسية بين طرفي الحكم والمعارضة في اليمن بشأن التعديلات الدستورية وتعديلات قانون الانتخابات وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء، توصل الطرفان إلى اتفاق ما زالت بنوده محاطة بالسرية غير أن ما تسرب منها يفيد بالاتفاق بين الطرفين على تأجيل الانتخابات النيابية العامة التي كانت مقررة في السابع والعشرين من أبريل (نيسان) المقبل إلى نفس الشهر من عام 2011.

وبحسب مصادر سياسية خاصة لـ«الشرق الأوسط» فإن الاتفاق يقضي بأن تواصل الأحزاب السياسية الموقعة على الاتفاق الحوار السياسي خلال العامين المقبلين وتعمل كتلها النيابية الفترة المقبلة على تقديم مقترحات بشأن العملية الانتخابية والإصلاحات السياسية في البلاد تفضي إلى إجراء تعديلات دستورية وقانونية. ورغم الغموض الذي يلف البنود الحقيقية للاتفاق وما إذا كان اتفاقا على إطار عام أو على بنود فعلية، فإن المصادر تؤكد أنه سيتم تعديل نظام الحكم من الرئاسي إلى البرلماني والانتخابي من نظام الدائرة الفردية المعمول به حاليا في اليمن إلى نظام القائمة النسبية التي كانت وما زالت المعارضة تطالب به، إضافة إلى إعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وفق نسب معينة تضمن تمثيلا متساويا لا يرجح كفة طرف على الآخر، وكذلك إعادة تسجيل الناخبين بعد إلغاء السجل الانتخابي الحالي الذي كان واحدا من أهم مسببات الأزمة السياسية. الاتفاق الذي جاء مفاجئا للمراقبين بسبب اتخاذ حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم خطوات تنفيذية مؤخرا نحو خوض الانتخابات النيابية منفردا أو بمشاركة أحزاب صغيرة في الساحة موالية له، أعاده كثير من المراقبين والمحللين إلى ضغوط دولية مورست ضد طرفي المعادلة السياسية في اليمن من قبل الاتحاد الأوروبي والمعهد الديمقراطي الأميركي.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة النشطة التي شهدتها صنعاء مؤخرا من قبل الدول المانحة وفي مقدمتها الولايات المتحدة ممثلة بالمعهد الديمقراطي الأميركي الذي زار مديره لمنطقة الشرق الأوسط قبل أيام صنعاء، وإلغاء اجتماعات كانت مقررة للمانحين لليمن في مؤتمر لندن (نوفمبر 2006م)، أسهمت في إقناع الرئيس علي عبد الله صالح بالتراجع عن فكرة خوض انتخابات من طرف واحد وتأثيرها على الديمقراطية اليمنية الناشئة، وهو ما يفسر توجيهاته الصارمة التي أصدرها قبل عدة أيام إلى قيادات حزبه بالتواصل مع قيادات أحزاب المشترك المعارضة والتوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين.

وفي الوقت الذي لم يعلن حتى اللحظة جدول زمني بشأن مراحل تنفيذ الاتفاق، فإن اليمن مقبل على تعديلات دستورية ستعقب التعديلات المتوقعة قريبا لتمديد ولاية المجلس وستتضمن الأخرى تغيير شكل نظام الحكم والأنظمة الانتخابية وغيرها من القضايا التي كانت محل خلافات ومماحكات سياسية خلال الفترة الماضية، غير أن ثمة مصادر تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن فترة العامين التي تعد طويلة مقارنة بحجم ما هو مطلوب إنجازه ترجع إلى مشكلة رئيسية وهي الأوضاع السياسية في جنوب البلاد الذي يشهد حراكا سياسيا نشطا منذ أكثر من عامين ويطالب بإشراك «الجنوبيين» في السلطة والثروة هذا عوضا عن أن بعض «المتشددين» فيما يسمى «الحراك الجنوبي السلمي» الذي باتت له قاعدة شعبية واسعة في المحافظات الجنوبية الست، يذهبون في بصورة علنية في الآونة الأخيرة إلى المطالبة بـ«تقرير مصير الجنوب» مما يصفونه بـ«الاحتلال» الشمالي.

وتشير المصادر إلى أن المعارضة والحكم في اليمن سيسعون خلال الفترة المقبلة إلى محاولة الوقوف بصورة جادة أمام «القضية الجنوبية» وكذا «الوضع في صعدة» التي يتواجد فيها الحوثيون بقوة، ومحاولة «إقناع الجميع بالانخراط في العملية السياسية والتخلي عن كثير من المطالب» .

وقالت الأحزاب الممثلة في البرلمان الحالي وهي الحزب الحاكم وحزب الإصلاح والاشتراكي والوحدوي الشعبي الناصري إن هذا الاتفاق جاء بعد حوارات عديدة دعا إليها الرئيس علي عبد الله صالح ضمت ممثلين عن الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك الممثلة في هذا التحالف مستندة في ذلك الأمر إلى المصلحة العامة وحرصا على إجراء الانتخابات البرلمانية في مناخات حرة ونزيهة وآمنة وفي ظل أجواء سياسية ملائمة تشرك فيها أطياف العمل السياسي وعللت هذه الأحزاب بتأجيل الانتخابات وتعديل الدستور لإتاحة الفرصة للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لإجراء التعديلات الدستورية اللازمة لتطوير النظام السياسي والنظام الانتخابي بما في ذلك اعتماد القائمة النسبية بدلا عن الدائرة الفردية المعمول بها الآن قبل التعديل وتمكين الأحزاب والتنظيمات السياسية الممثلة في البرلمان من استكمال مناقشة المواضيع التي لم يتم الاتفاق عليها أثناء الإعداد للتعديلات على قانون الانتخابات الراهن وتضمين ما يتم الاتفاق عليه في صلب القانون كما تضمن الاتفاق على إعادة تشكيل اللجنة الانتخابية العليا لتحل محل اللجنة الحالية وفقا لما ينص عليه القانون. ويعتبر هذا الاتفاق نهاية للأزمة السياسية التي أحاقت باليمن منذ عامين بعد أن تبنت أحزاب اللقاء المشترك برنامج الإصلاح الشامل واعتماد النظام النيابي بدلا من النظام المختلط بين الرئاسي والنيابي المعمول به وفقا للدستور الحالي فيما كان الرئيس علي عبد الله صالح قد تقدم بمبادرة تقوم على النظام الرئاسي الكامل. كما يشار إلى أن الأزمة السياسية بين المعارضة والحزب الحاكم في الـ18 من أغسطس الماضي بعد خلاف على التصويت من قبل البرلمان على التعديلات التي كانت السلطة والمعارضة قد اتفقت بشأنها على قانون الانتخابات الراهن حيث عمد الحزب الحاكم إلى الاعتماد على الأغلبية البرلمانية التي يتمتع بها فأعاد انتخاب اللجنة الانتخابية المركزية التي كانت ولايتها القانونية قد انتهت من قبل مجلس النواب.