ناشطة نسائية: كل أفغانية تخشى اتفاقا مع طالبان يغدر بحقوقها

مفوضة حقوق المرأة في كابل تحذر من مخاطر الأمية بين الأفغانيات

ثريا سبرهانق (تصوير: حاتم عويضة)
TT

في وقت تبحث الحكومة الأفغانية عن مخرج من العنف المتصاعد في بلادها وتدرس فرص التفاهم مع طالبان، تنظر سيدات أفغانستان بحذر لهذا الاحتمال. فكان اضطهاد النساء من خصال نظام طالبان والذي ما زال أنصاره يستهدفون مدارس البنات والناشطات النسائية. وعلى الرغم من أن الحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضد نظام طالبان أدت إلى منح النساء حقوقاً تاريخية في أفغانستان، مثل تمثيل 25 في المائة في البرلمان، إلا أن هذه الحقوق ما زالت في أولها والكثير من القوانين التي تنص عليها لا تطبق في خارج العاصمة كابل.

وقالت مفوضة حقوق المرأة في«مفوضية حقوق الإنسان الأفغانية المستقبلة» ثريا سبرهانق:«كل أفغانية تخشى من اتفاق يغدر بحقوقها، لقد حققنا الكثير ولا يمكن لنا أن نعود إلى الوراء... هذا أمر مخيف». وعبرت سبرهانق عن خشيتها من تأثير عودة الطالبان بشكل أوسع إلى مراكز القوة في أفغانستان في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أثناء مشاركتها في مؤتمر حول مستقبل أفغانستان، مؤكدة على أن«المرأة كانت دائماً مواطنا من الدرجة الثانية في أفغانستان ونخشى من العودة إلى الوراء وإغلاق المدارس ومجالات العمل». ويذكر أن اتفاق الحكومة الباكستانية أخيرا مع أنصار طالبان في منطقة السوات أدى إلى تراجع حقوق المرأة وإغلاق المدارس، وعلى الرغم من أن سبرهانق قالت إن «هذا الاتفاق هو خاص باباكستان»، إلا أنها أكدت على مخاوف من تطبيق اتفاق مثل هذا في أفغانستان بشكل أوسع.

والتحديات إمام المرأة في أفغانستان عديدة، وتشدد سبرهانق التي نشطت في مجال حقوق المرأة بعد أن كانت طبيبة نسائية معروفة في أفغانستان على أن«الحديث عن حقوق المرأة، مثل محاولة حمايتها، صعب جدا في مجتمع يسيطر عليه الرجال ومجتمع لا تعلم فيه المرأة عن حقوقها». واعتبرت سبرهانق أن الأمية من اكبر هذه التحديات، موضحة أن 85 في المائة من الأفغانيات أميات، وعلى الرغم من تشديد الحكومة الجديدة على أهمية تعليم البنات، فقط 40 في المائة منهم يحضرن المرحلة الابتدائية من التعليم، و35 في المائة المرحلة المتوسطة بينما اقل من 5 في المائة منهن في مرحلة المتوسطة. وقالت سبرهانق:«في تاريخ أفغانستان، المسؤولون لم يهتموا بالمرأة وتطوير حقوقها، ومن دون التثقيف، تعتبر المرأة أن العنف أمر مسموح به وان الزواج الإجباري هو الصحيح وغير ذلك». واضافت:«اذا لم نواجه الأمية، ستبقى حقوق المرأة ضائعة والمجتمع يعاني من المشاكل الأمنية والاقتصادية والاجتماعية». ورفضت سبرهانق اعتبار قضية حقوق المرأة قضية مفروضة من الغرب، قائلة:«هذا ما ينص عليه الإسلام والقرآن الكريم، فالإسلام يحض على حقوق الإنسان واحترام الإنسان، فقد أعطى الله سبحانه وتعالى حق العيش والأمان للبشر». وتابعت:«إن بلدنا فقير ولا توجد فرص للسفر والتعرف إلى كيفية معيشة النساء في دول أخرى ومعرفة الواقع خارج البلاد»، موضحة:«عندما نشرح هذه الأمور، تفهم النساء ما نقوله ويشعرن بالارتياح ولكن من المهم جداً كيف نشرح هذه القضايا كي لا تعتبر أفكارا من الخارج». وعلى الرغم من أن التغييرات التشريعية في أفغانستان خلال السنوات الـ8 الماضية ووضع دستور ينص على الحفاظ على حقوق المرأة، إلا أن هذه التغييرات لم تتبلور إلى واقع بعد. وقالت سبرهانق: «المشكلة في التطبيق، بأفغانستان مبنية على نظام عشائري قوي، والتقاليد هي التي تحكم البلاد وخاصة خارج المدن الكبيرة». وأضافت:«التقدم في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية يتحرك بشكل بطيء الآن، ولكن 30 عاماً من الحروب والقتال والاضطهاد تزيد من المصاعب في عملنا اليوم، المرأة ضعيفة بسبب ما مر عليها وما ينص عليه المجتمع». ولفتت سبرهانق إلى أن أحيانا«النساء هن يشكلن مشكلة أحيانا، لأنهن لا يفهمن الكثير من هذه الأفكار، ومع إقامة وزارة للمرأة وإدخال كوتا محددة للنساء في البرلمان، أصبح بعض النساء يدخلن هذا المجال كوظيفة للحصول على راتب فقط، بدلاً من معرفة ما يجب تقديمه للنساء». وأضافت:«نحن بحاجة إلى سيدات ناشطات لديهن إيمان قوي بحقوق المرأة». ولدى سبرهانق ولدان، من دون بنات، لكنها تحدثت عن شعورها بالمسؤولية والأمومة تجاه البنات اللواتي يتوجهن إليها لمساعدتها. وقالت: «كلما جاءت فتاة أو امرأة عندي وتحدثت لي واستطعت أن أساعدها، اشعر بالفرحة»، مضيفة:«إنني أريد أن يكون الراتب الذي استلمه في نهاية الشهر حلالاً وان اعمل حتى إن كانت هناك مخاطر، فإن مت وأنا اعمل في هذا المجال سأشعر بالفخر، إنني اعمل لمستقبل أفضل وسلام وعدالة من اجل أولادي وبلدي».