عائلة فلسطينية من غزة فقدت 11 من أفرادها تقاضي أولمرت وباراك في الناصرة

تطالب بتعويضات قدرها 48 مليون دولار «عن بعض الأضرار»

TT

في الوقت الذي تواجه فيه اسرائيل وقادتها السياسيون والعسكريون احتمال رفع دعاوى عديدة في القضاء الدولي بسبب جرائم الحرب التي ارتكبت خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، توجهت عائلة فلسطينية غزية الى محكمة اسرائيلية بدعوى مشابهة، تطالب فيها بتعويضات بقيمة 183 مليون شيكل (حوالي 48 مليون دولار أميركي).

ورفعت هذه الدعوى عائلة ديب من مخيم اللاجئين في جباليا، التي فقدت خلال الحرب 11 فردا من افرادها. واختارت المحكمة المركزية في الناصرة ساحة لمتابعة الاجراءات القضائية فيها. والمتهمون، حسب لائحة الدعوى التي قدمها باسم العائلة المحامي محمد فقرا، هم رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، ووزير الدفاع، ايهود باراك، ورئيس أركان الجيش، غابي اشكنازي. والقضية التي يحاكمون عليها هي قذف صاروخين من طائرة بلا طيار، يوم 6 يناير (كانون الثاني) الماضي، على بيت العائلة في حي الفاخورة في جباليا، على بعد 80 مترا من مدرسة وكالة غوث اللاجئين التي كانت أصيبت في الحرب نفسها في قصف آخر.

وحسب لائحة الدعوى، يروي حسين ديب، الطالب في كلية الحقوق في جامعة الأزهر في غزة، ما جرى في ذلك اليوم فيقول: «كنا، أنا وشقيقاي وزوجتاهما وأولادهما، 16 نفرا، داخل البيت في ذلك اليوم المشؤوم. حاولنا يومها شراء الخبز فلم نجده، فراحت زوجة شقيقي تخبز على طنجرة كهربائية. لا يوجد فينا أي مسلح. ولم تكن في المنطقة أية مواجهات عسكرية. فجأة سمعنا دوي انفجار أول ثم دوي انفجار ثان. نظرت من حولي، فلم أر سوى دخان كثيف. كثيف جدا. وكان مصحوبا برائحة غريبة. حاولت النهوض، فلم أستطع. شعرت بأوجاع رهيبة. وعندما تبدد الدخان، رأيت عددا من أفراد العائلة ملقى على الأرض والدماء تغمرهم. أقربهم مني كان ابن شقيقي البالغ من العمر 13 عاما. لمسته حاولت تحريكه فلم يرد. نظرت الى أعلى فوجدت نور، ابنة أخي البالغة من العمر فقط أربع سنوات، تنظر الي وهي ممددة على الأرض والدماء تسيل. فنهضت بسرعة، من دون أن أنتبه الى أنني مصاب بالجروح في بطني وصدري ورجليّ الاثنتين، فحملتها ورحت أركض نحو المستشفى. كنت أركض بين العديد من الجثث. ثم خارت قواي فجأة وسقطت على الأرض، فطلبت من ابن الجيران أن يأخذها للعلاج ولم أصح على ما جرى بعدها، إلا وأنا في المستشفى».

ويقول حسين ديب انه فهم عظم المأساة فقط في المستشفى، وبعد ساعات طويلة. فقد قتل 11 فردا من أفراد العائلة، وأصيب الباقون اصابات بليغة. وزوجة شقيقه، أحلام ديب، التي خبزت لهم الخبز، تعالج حاليا في تركيا. والفتى زياد ابنها يعالج في مصر. ويقول المحامي محمد قرا ان فرص نجاح هذه الدعوى غير قليلة. وانه كان قد نجح في قضية سابقة مشابهة، حيث طلب مواطن فلسطيني من الضفة الغربية تعويضات بعد ان قتل الجيش الاسرائيلي شقيقه. وانتهت المحكمة بصفقة مع النيابة دفعت فيها الحكومة الاسرائيلية مبلغ 180 ألف دولار. وأضاف: «بالطبع، القضية الأساسية ليست مادية، فكل أموال الدنيا لا تعوض هذه العائلة عما خسرته، لكن يجب على من أدار حربا اجرامية كهذه أن يدفع ثمنا ما، حتى لو كان ماليا».

من جهة ثانية، طالب ستة من كبار الأساتذة في القانون الدولي في إسرائيل، المستشار القانوني للحكومة الاسرائيلية مني مزوز، بتشكيل لجنة تحقيق خارجية لتقصّي الحقائق حول عملية «الرصاص المتدفق»، والتأكد مما إذا كان الجيش قد ارتكب خلالها جرائم حرب. وطالبوا ان يكون التحقيق خارجيا فقط، مؤكدين ان مثل هذا التحقيق هو الكفيل بتحييد دعاوى مستقبلية بحقّ إسرائيل في هذه القضية وردّ اعتبار جيش الاحتلال، على حد تعبيرهم.

والاساتذة الستة هم: إيال بنبنشتي ودافيد كريتشمر وكلود كلاين ويافا زيلبرشاتس وباراك مدينة ويوفال شانيه، واوضحوا في عريضة تقدموا بها أنهم يطالبون بتشكيل لجنة تحقيق خارجية نظرا لأن مزوز والنائب العسكريّ العام البريغادير افيحاي مندلبليت كانا ضالعَيْن بالذات في الأعمال والأنشطة العسكرية وأقرّا بالقيام بها خلال الحرب، وعليه فلا يمكن أن يكونا في عداد طاقم المحققين في هذه القضية.