مسؤول في الخارجية الأميركية: الإرهاب يهدد الشباب.. ونستخدم القوة الذكية لمكافحته

جارد كوهين قال لـ«الشرق الأوسط» إن حملة أوباما دليل للشباب حول استغلال التكنولوجيا

TT

تعمل وزارة الخارجية الأميركية منذ فترة على تسليط الضوء على الشباب حول العالم وخاصة في الشرق الأوسط من أجل إحداث تغييرات في مجتمعاتهم ومكافحة أبرز المشاكل التي تواجه العالم وعلى رأسها الإرهاب. ومن أكثر الشخصيات داخل الخارجية الأميركية التي تعمل على التوعية حول قضايا الشباب هو أصغر مسؤول سناً في مكتب التخطيط السياسي التابع لمكتب وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. فجارد كوهين أصبح أصغر مسؤول سناً يلتحق بهذا المكتب عام 2006 وكان عمره 26 عاماً فقط، ومن بين واجباته وضع المقترحات حول سياسات متعلقة بالشباب، بالإضافة إلى طرق مواجهة التطرف وتطوير التكنولوجيا لدعم الدبلوماسية، بالإضافة إلى قضايا عدة في الشرق الأوسط.

والتقت «الشرق الأوسط» بكوهين خلال مشاركته في مؤتمر حول مكافحة الإرهاب في بروكسل عقده «معهد الشرق – الغرب» أخيراً. وشدد كوهين على أهمية النظر إلى قضايا الشباب ليس على أنها «سياسة ناعمة» بل قضية استراتيجية وجوهرية في بناء سياسات المستقبل، قائلا: «التصور حول مكافحة الإرهاب تطور كثيراً، وقد ابتعدنا عن التفكير فقط كيف نهدم الشبكات الإرهابية، الآن ننظر حول الابتعاد عن التصور الخاطئ بأن الدين أو الآيديولوجيا تدفع المرء إلى أن يصبح متطرفاً عنيفاً، بشكل عام موقفنا ليس أن التطرف العنيف يجذب المرء بسبب الآيديولوجيا، إننا ننظر بشكل أكثر إلى الإرهاب بأنه تحدٍّ لشباب العالم». وأضاف: «في أية بيئة فيها تطرف عنيف، إذا كان في جالية مسلمة أو أميركا الوسطى أو أفريقيا أو أوروبا أو في أي مكان آخر في العالم، إذا رفعنا التصورات الدينية والآيديولوجية لن يبقى شباب في خطر مع مجرمين يريدون استغلالهم»، موضحاً: «نرى التطرف أولا كاستغلال شباب في خطر، فلماذا يتم استغلال الشباب؟ لأنهم يفتقدون الخيارات الأخرى». واعتبر كوهين أنه «من الضروري التواصل مع جهات مختصة لتطوير خدمات التعليم والصحة والحكم الرشيد وخلق فرص العمل، لأنها كلها ضرورية لخلق الفرص ليختار الشباب مستقبلهم». وكوهين واحد من 3 فقط من 12 عضواً في مكتب «التخطيط السياسي» الخاص بمكتب وزيرة الخارجية الأميركية. وبعد أن عمل كوهين في مكتب وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس منذ عام 2006، تقرر إبقاؤه في منصبه في الإدارة الجديدة بعد أن استلمت آن ماري سلوتر رئاسته. وأعلنت كلينتون الشهر الماضي تعيين سلوتر، التي كانت تعمل في جامعة «برنستون» حيث كانت عميدة كلية «ودرو ويلسون» المرموقة. وأكد كوهين تطور سياسة مكافحة الإرهاب بعيداً عن الحرب العسكرية البحتة، موضحاً: «منذ 11 سبتمبر (أيلول) 2001، والتي كانت لحظة انتقالية لدينا في الولايات المتحدة، لقد طورنا تفكيرنا كثيراً، وإذا نظرنا إلى ما سمي بالحرب على الإرهاب قد نتجه إلى ما تسميه الوزيرة كلينتون القوة الذكية، وهي تواصلنا ليس فقط مع الحكومات بل مع الشعوب وبين المجتمعات». وحول الانتقادات التي وجهت إلى الإدارة الأميركية السابقة برئاسة جورج بوش حول عدم الاستماع إلى الشعوب المختلفة واتباع وجهة نظر واحدة، قال كوهين: «إنني أختلف مع وجهة النظر أن تكتيكنا الأساسي كان إملاء (الأوامر)، إننا دائماً نبحث عن وسائل مبتكرة وجديدة للتواصل، من خلال منظمات مجتمع مدني وأطراف لديها مصالح داخلية في المستقبل». واعتبر أن «مكافحة الإرهاب جزء صغير نسبياً من السياسة الخارجية بالهدف الأكبر الذي هو كيف نتواصل مع الشعوب حول العالم، كيف نستمع ونفهم شكاوى الشعوب من الجاليات المختلفة، ليس فقط المسلمين، بل جاليات من حول العالم، كي نفهم ما هي التحديات والمظالم المحلية وكيف يمكن لنا ترجمة ما نسمعه في تشكيل سياستنا». وتابع: «هذا هو الاتجاه الذي نتبعه الآن، إننا نبحث باستمرار عن طرق مبتكرة للتواصل». ويذكر أن كوهين كتب كتاباً بعنوان «أطفال الجهاد: سفريات أميركي شاب بين شباب الشرق الأوسط» قبل الانضمام إلى الخارجية، ويسرد فيه تجربته في التجول في العالم العربي كونه أميركياً – يهودياً، وكيف وجد أموراً تجمع الشباب حول العالم من آمال وتحديات. وحول عمله المباشر، قال كوهين: «ملف عملي واسع، يشمل مكافحة الإرهاب والعلاقات العامة والشرق الأوسط، ولكن ما يربط كل ذلك بعضه البعض هو الشباب، فـ60 في المائة من سكان العالم دون سن الثلاثين، وليسوا فقط الغالبية، بل هم المستقبل، وما نعرفه أن هناك جماعات إجرامية ومتطرفة تريد استغلال الشباب وضعفهم». وأضاف: «من يقول إن هذه الفئة غير مهمة، يقول إن 60 في المائة من العالم غير مهم، وإدارة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما تعلم كلياً أهمية الشباب والرئيس أوباما نفسه أصغر الرؤساء سناً ولديه قابلية لجذب الشباب». وتابع: «لا أعتبر قضية الشباب على أنها قضية ناعمة، فهي مهمة، وهناك عملية ربط مهم بين الشباب والتكنولوجيا، فهذا الجيل الأول الذي يترعرع تحت تأثير التكنولوجيا الجديدة، والفرق بينهم وبين الجيل الذي سبقهم كبير جداً»، موضحاً: «الإرهاب يؤثر على الشباب فهم الذين يقتلون والذين يورطون فيه، كما أن الديمقراطية والاقتصاد وغيرهما تؤثر على العامة، والعامة هم الشباب، يجب أن ننظر إلى الشباب أكبر فئة في العالم والكف عن اعتبارها فئة غير مؤثرة».

ولفت كوهين إلى أن وزارة الخارجية الأميركية تدرس منذ فترة سبل استخدام التكنولوجيا لدعم جهود التواصل مع الشعوب المختلفة، معتبرها «فرصة استراتيجية» و«اللغة الثانية، إن لم تكن الأولى، لكل الشباب». وشدد على أنه «يجب عدم الفصل بين مجال العمل على الإنترنت وباقي مجالات العمل، العالم الرقمي والإلكتروني امتداد للواقع، وليس منفصلا عنه».

واعتبر كوهين أن انتخاب أوباما وحملته الرئاسية التي اعتمدت بشكل كبير على الشباب واستخدام التكنولوجيا «أمر مهم جداً، فلا يمكن إخفاء حقيقة أن الحملة الانتخابية (لأوباما) بدأت غير معروفة، مبنية على القاعدة الشعبية واستخدمت التكنولوجيا لتمكين الشباب كي يصبحوا منظمين للجاليات». وأضاف: «عندما أنظر إلى الشرق الأوسط، أظن أن الشباب يستخدمون مواقع إلكترونية مثل فيس بوك ويستخدمون الهواتف النقالة، أريدهم أن يشعروا بأن لديهم آليات غير مسبوقة لتمكنهم من العمل المدني للتواصل والتعبير عن أنفسهم». وتابع: «التكنولوجيا تجعل التنظيم ممكناً أكثر من أي وقت سابق، فجزء من الأسباب التي أدت إلى انضمام الشباب إلى حملة أوباما، بالإضافة إلى رسالته، كانت أن الحملة وصلتهم مباشرة، فمن دون مغادرة غرفة السكن الداخلي في الجامعة، كان بإمكان الشاب أن ينضم إلى الحملة والمساهمة من خلال الإنترنت». ورداً على سؤال حول إمكانية أن تكون السياسات المتبعة من الخارجية في استخدام التكنولوجيا محصورة في فئة صغيرة من المجتمعات العربية وغيرها من الذين يجيدون الإنجليزية ولديهم فرصة للتواصل من خلال الإنترنت، قال كوهين: «لدينا دبلوماسيون متمرسون باللغة التي تعمل فيها السفارة، وهذا يعني أنهم قادرون على التواصل، إلا أنك على صواب، فاللغة من بين التحديات التي تواجهنا في التواصل مع الشباب الذين لا يستطيعون المشاركة في برامج التواصل التقليدية، ولكن لدينا برامج خاصة لتلك الفئة، مثل برنامج خاص لتعليم اللغة الإنجليزية لشباب من مناطق فقيرة تواجه خطر (الإرهاب)». وتابع: «من الضروري التواصل مع الشباب من فئات خاصة مثل طلاب الجامعات لجعلهم أكثر تقارباً وليعملوا مع الجاليات التي تعاني من المخاطر، فهؤلاء لديهم قدم في الجالية المهددة وقدم آخر خارجها». وحول قلة استخدام الإنترنت في الشرق الأوسط، قال كوهين: «إنني لا أنظر إلى الأرقام بل الظواهر، ومنطقة الشرق الأوسط هي ثاني أكبر سوق للإنترنت في العالم، وهي سوق تنمو بسرعة مهولة»، مضيفاً: «كان الناس يقولون ذلك عن القنوات الفضائية قبل 7 سنوات، واليوم من الصعب العثور على أي منزل من دون أطباق الأقمار الصناعية». وتابع: «خلال 4 أو 5 سنوات سيكون لدى الكثيرين الإنترنت، وبكل حال، ليس بالضرورة أن يكون الكل متصلا من خلال الإنترنت ، بل إذا كان هناك شخص فعال على الإنترنت فهو ناشط ومنظم محتمل ويصل العشرات الآخرين بحملة معينة إذا كانت تعليمية أو مهتمة بالحقوق المدنية، وقد رأينا ذلك في الشرق الأوسط بحالات عدة». ورداً على سؤال حول إقناع الشباب بفرص السلام في الشرق الأوسط في وقت يرون فيه الدمار الذي تخلفه الحروب مثل تلك التي حصلت في غزة، قال كوهين: «تمكين المجتمع المدني لا يعني عدم الاهتمام بعملية السلام، إذا كنا نعمل على مشاريع مع المجتمع المدني في الضفة الغربية، ذلك لا يعني أننا تخلينا عن التفاوض مع الإسرائيليين والفلسطينيين، بالجهود بين القاعدة الشعبية ندعم الجهود الدبلوماسية». وأضاف: «نحن جديون حول الدعم المالي الخارجي من أجل خلق الفرص لتمكين الشباب، كي تكون أمامهم نتائج ملموسة». إلا أنه رفض الإفصاح عن الأفكار التي تدور في الخارجية الأميركية حول فرص السلام في الشرق الأوسط، ملتزماً بالتصريح الأميركي المتبع منذ دخول أوباما البيت الأبيض: «مازلنا نراجع سياستنا»، لكنه أكد أن التواصل الشعبي سيكون جزءاً أساسياً منها. وأضاف: «بغض النظر عن العلاقات مع الشعب، دائماً لدينا مصلحة للتواصل مع الشعب، فهذا صحيح في كل الدول، إذا كانت إيران أو سورية أو لبنان أو غيرها».