بكين تطالب واشنطن بالكف عن «فرض نفسها كحارسة لحقوق الإنسان»

التقرير الدولي لوزارة الخارجية الأميركية يدين انتهاكات في كوبا والشرق الأوسط

TT

رفضت الصين أمس تقرير وزارة الخارجية الأميركية السنوي حول حقوق الإنسان، ووصفته بأنه «غير مسؤول» و«لا أساس له». وعادة ما تستنكر الصين التقرير السنوي للخارجية الأميركية الذي يسلط الضوء على حقوق الإنسان حول العالم، والذي شمل هذا العام انتقادا للنظام الكوبي بسبب حقوق الإنسان، بالإضافة إلى أنظمة عدة في الشرق الأوسط. ويأتي الاعتراض الصيني على التقرير الأميركي بعد أيام من زيارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وإعرابها عن أملها في ألا يؤثر ملف حقوق الإنسان على علاقات البلدين. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية ماجاوتشو: «ندعو الولايات المتحدة إلى الاهتمام بمشكلاتها الخاصة في مجال حقوق الإنسان، والكف عن فرض نفسها كحارسة لحقوق الإنسان».

واعتبرت وكالة أنباء الصين الجديدة أن التقرير «يتجاهل عمدا الوقائع ويشوهها»، و«يتجاهل الجهود الحثيثة التي تبذلها» الصين في هذا المجال، «والتي اعترفت بها المجموعة الدولية». وأضافت الوكالة أن التقرير «ينتقد ظروف حقوق الإنسان في الصين من دون الاستناد إلى أي أساس»، ويتضمن «ملاحظات غير مسؤولة حول النظم الإثنية والدينية والشرعية» في الصين.

واتهم التقرير السنوي الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية أول من أمس، بعد ثلاثة أيام من زيارة كلينتون إلى بكين، الصين بانتهاك الحريات الفردية. وجاء في التقرير أن «حصيلة الحكومة الصينية على صعيد حقوق الإنسان ما زالت سيئة، وقد ازدادت سوءا في بعض المناطق»، مشيرا إلى «قمع الأقليات الإثنية في منطقة الاويغور للحكم الذاتي وفي التيبت». وانتقد التقرير أيضا «عمليات تصفية وتعذيب» المعارضين و«مضايقة» المنشقّين والمدافعين عن حقوق الإنسان ومحاميهم، خصوصا خلال فترة الألعاب الأولمبية.

ومن جهة أخرى أدانت وزارة الخارجية الأميركية إيران وليبيا وسورية وأيضا مصر، لانتهاكاتها في مجال حقوق الإنسان، متهمة إياها بشكل خاص بسجن ناشطين بصورة تعسفية. وفي تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان لعام 2008 الأول الذي ينشر في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما، اعتبرت وزارة الخارجية في ما يتعلق بالشرق الأوسط أنه يوجد «تحديات جدية ومستمرة لتشجيع الديمقراطية وحقوق الإنسان»، بالرغم من «بعد التقدم الملحوظ».

ولفت التقرير في إشارة إلى مصر وإيران أنه «في الوقت الذي يمكن فيه الحصول بشكل أوسع على المعلومات عبر الإنترنت والفضائيات، برزت قيود أكبر على وسائل الإعلام بما، في ذلك على أصحاب المدونات». وأضاف التقرير: «يبدو بشكل خاص أن اعتقال وتوقيف أصحاب المدونات مرتبط في المقام الأول بجهودهم لتنظيم تظاهرات عبر مدوناتهم ومشاركتهم في أي شكل آخر من النشاط» السياسي. واعتبرت الخارجية الأميركية أن احترام حقوق الإنسان «ما زال ضعيفا في مصر» مع «انتهاكات كبيرة في ميادين عديدة»، ويذكر أن عددا من المدونين في مصر تعرضوا لمضايقات، وآخرهم المدون الشاب فيليب رزق الألماني الجنسية، بداية الشهر الحالي.

وأضاف التقرير أن إيران كثفت قمع أصوات المعارضين «من خلال الاعتقالات التعسفية والتعذيب والمحاكمات المغلقة التي تنتهي... بإعدامات». وتابع أن سورية «تواصل انتهاك حقوق الحياة الخاصة للمواطنين وفرض قيود كبيرة على حرية التعبير والاجتماع والصحافة، في ظل إفلات الحكومة من العقاب والفساد».

وأعلنت ليبيا من جهتها الإفراج عن الناشط فتحي الجهمي في مارس (آذار)، لكنه بحسب الخارجية الأميركية «بقي محتجزا في المركز الطبي في طرابلس بقية العام، ولم يسمح له سوى بزيارات عائلته بين الحين والآخر».

ولفت التقرير أيضا إلى «استمرار العنف حيال النساء في سائر أرجاء المنطقة»، وأشار إلى «أن الناشطات الإيرانيات تعرضن للمضايقات، وأوقفن وخضعن لتجاوزات، واتهمن بالمساس بالأمن الوطني لمشاركتهن في تظاهرات سلمية ومطالبتهن بمساواة الحقوق». لكن التقرير أكد في الوقت نفسه على وجود تحسن مثلما هو الأمر في الكويت، حيث «تقدمت 27 سيدة بالترشح إلى الانتخابات التشريعية في مايو (أيار) 2008، بالرغم من عدم فوز أي منهم»، أو في الإمارات العربية المتحدة التي عيّنت «أول قاضية وسفيرتين».

إلى ذلك اتخذت بعض الدول تدابير للحدّ من التجاوزات الاجتماعية، مثل سلطنة عمان والبحرين اللتين سنّتا «قوانين عامة لمكافحة الاتجار بالبشر»، والأردن الذي «وسع الحماية بموجب قانون العمل ليشمل الخادمات الأجنبيات»، بحسب التقرير.

وأخيرا في العراق أشار التقرير إلى تحسن الوضع الأمني وإلى عمليات «مصالحة وتخفيف التوترات في محافظات عدة»، لكن «استمرار العنف المرتكب من قِبل المتمردين والمتطرفين بحق المدنيين أضر بقدرة الحكومة على ترسيخ دولة القانون، مع حصول انتهاكات خطيرة ومتكررة لحقوق الإنسان نتيجة لذلك».

ومن جهة أخرى انتقدت وزارة الخارجية الأميركية انتهاكات حقوق الإنسان التي تزايدت في كوبا في 2008، السنة التي تسلم فيها راوول كاسترو السلطة. وذكرت واشنطن أنها لاحظت العام الماضي تزايد قمع حرية التعبير والتجمع، مقارنة بالعام الماضي. وقد صدر هذا التقرير فيما يمكن أن تبدأ إدارة أوباما سياسة تهدئة مع نظام كاسترو بعد نصف قرن من الحرب الباردة. وجاء في التقرير أن «مضايقة المنشقين قد ازدادت، وتعرض ناشطون للضرب من قبل قوى الأمن ومشاغبين يعملون لحساب السلطة». وأضافت وزارة الخارجية أن أبناء المنشقين وصفوا بأنهم «معادون للثورة»، وتعرضوا للإهانة من مدرّسيهم ومُنعوا من دخول الجامعة. وأوضح التقرير أن السجناء معتقلون في ظروف بالغة القسوة تعرض حياتهم للخطر. أما راوول كاسترو الذي انتخبته الجمعية الوطنية رئيسا العام الماضي فاعتبر التقرير الأميركي أن وصوله إلى الحكم «مخالف للديمقراطية».