وزير العدل يبلغ المحكمة الدولية التزام لبنان بكل تعهداته

أكد أن نقل الضباط الأربعة الموقوفين لا يحتاج إلى قرار من الحكومة

TT

وجه أمس وزير العدل اللبناني إبراهيم نجار رسالة إلى هيئة المحكمة الدولية في لاهاي الخاصة بمحاكمة مرتكبي جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، أعلن فيها موافقة لبنان على تسليمها «كل الملفات والمحاضر ونتائج التحقيق ذات الصلة، وتنفيذ كل التزاماته الدولية بما فيها إحالة كل المواد والموقوفين».

وأكد نجار في رسالته أن القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية في 13 ديسمبر (كانون الأول) 2005 بإحالة جرائم الاغتيال على المحكمة الدولية «كان قرارا ضروريا، بل حتميا، نظرا إلى الخطورة غير المسبوقة للجرائم والاغتيالات التي اقترفت بدءا من الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2004 (محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة) لا سيما منها اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وبعده قافلة الشهداء، نوابا وشخصيات بارزة ناضلوا في سبيل استقلال لبنان وسيادته».

وقال: «في هذه المناسبة تعلن السلطة القضائية في بلدنا موافقتها على تسليمكم الملفات والمحاضر ونتائج التحقيق ذات الصلة لمصلحة محكمتكم الموقرة وصلاحياتكم. ويبدي لبنان قبوله التعاون ومتابعة تنفيذ التزاماته الدولية مع محكمتكم وإحالة كل المواد والموقوفين لديه وبناء لطلبكم».

وأكد: «أن لبنان بكل طوائفه وفئاته يستقبل بثقة وارتياح كبيرين بدء أعمالكم كما قرر الأمين العام للأمم المتحدة طبقا لقرارات مجلس الأمن. وخلال الأشهر المقبلة ستقدمون أفضل ما في خبرتكم وحكمتكم، في سبيل تلبية نداء العدالة بمثلها العليا من أجل إعلان الحقيقة وتكريس حقوق السلام والأمن، في بلد طالما أضناه الإرهاب والإفلات من العقاب».

وتوجه نجار إلى قضاة المحكمة، قائلا: «إن مستقبلنا يعتمد بشكل وثيق على المعركة التي تقودون اليوم في وجه الجريمة والإرهاب الأعمى، وفي وجه التزايد اللامتناهي لانعدام الضمير الذي يهدد، ليس بلدنا فحسب، إنما السلام الإقليمي، بل السلام العالمي. ولا أحد في لبنان يتفهم أن لا ينال المجرم الذي تقرّ مسؤوليته ويثبت ذنبه عقابه، أينما وجد وكائنا من يكون، فالخسائر والتضحيات التي تكبدها بلدنا لا يعادلها سوى الأمل في أن نرى أن سعي محكمتكم أتى على قدر رسالتها».

وتابع: «هذا هو السبب أيضا الذي يدفعنا إلى التأكيد لكم بما تستشعرونه، وهو أن لبنان يعلق على نزاهتكم واستقلاليتكم، على صرامتكم وفعاليتكم، الأهمية الكبرى. إن فعالية محكمتكم الجزائية الدولية تنتظر تجسيدها. نحن ندرك تماما أنه لن يوازي استقلاليتكم وحسن درايتكم، سوى حرصكم على إحقاق الحق أخيرا لأولئك الذين ينتظرون كشف المذنبين ومعاقبتهم».

وختم الوزير نجار رسالته بالإعلان «إننا نتعهد، وندعو الأفرقاء المعنيين كافة للتعهد مثلنا، بالمحافظة على استقلالية عملكم واقتناعاتكم بمعزل عن أي تدخل سياسي. وحدها العدالة النزيهة والمستقلة يمكنها أن ترد، بصورة حضارية، على بربرية الإرهاب الذي لم يتردد في الإفصاح عن اسمه، ولكن من دون الكشف عن وجهه. إن إصرارنا المتواصل على تحقيق العدالة والإنصاف، الذي نتشارك فيه مع كل منكم، هو أملنا ورجاؤنا في تحديد هوية الفرد، أو الجهة، الذي ألحق بلبنان وشهدائه هذا الكمّ من المآسي والإرهاب أياً يكن السبب. إن الشعب اللبناني، بأمل وثقة، ينتظر، أيها السادة، كلمتكم الفصل».

وردا على سؤال عن إبعاد إطلاق سراح ثلاثة موقوفين في ملف الحريري ورفض إخلاء سبيل الضباط الأربعة، أفاد نجار: «أن كل ما يتصل بالتوقيفات وإخلاء السبيل والمعطيات والشبهات يدخل في صميم العمل القضائي. وأنا لا أريد أن أتدخل لا بالقناعات القضائية، ولا بقرارات يعود حق الفصل فيها للقضاء». ولفت إلى «أن القضاء اللبناني سينصاع إلى كل تدبير أو قرار تتخذه المحكمة الدولية سلبا أو إيجابا» مشيرا إلى أن «لا خلفيات سياسية» لإخلاء سبيل الموقوفين الثلاثة.

وحول ما إذا كان نقل الضباط الأربعة في حال حصل، يحتاج إلى مجلس الوزراء أم لا، أوضح أن «الأمر لا يحتاج إلى قرار من الحكومة، بل يحتاج إلى تلبية وتنفيذ وقبول لبنان بالقرارات التي تقررها المحكمة الدولية. وهذا لا يحتاج إلى إعادة تقييم سياسي تتدخل فيه السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية، وذلك احتراما لمبدأ فصل السلطات». وأشار إلى أن «لدى المحكمة مهلة شهرين من بداية آذار حتى نهاية نيسان كي تقرر من تريد نقله إلى هولندا ومن لا تريد نقله. ونحن ننتظر قرار المحكمة الدولية».

وذكر أن «عمل المحكمة لا يدخل ضمن الفصل السابع، وبالتالي لن يكون بمقدورها أن ترسل جنودا أو مسلحين لجلب هذا المتهم أو ذاك. لكن ذلك لا يعني أن تكون المحكمة معدومة الفعالية، إذ يمكن لها أن تطلب من مجلس الأمن اتخاذ بعض القرارات والتدابير. كما يمكنها أن تحاكم متهمين بصورة غيابية وتصدر مذكرات إلقاء قبض بحقهم. وهذا لا يقل خطورة عن إحضار المتهم بالقوة».