بدء سريان «الهدنة» الرئاسية في لبنان.. ومشروع «حل وسط» لأزمة الموازنة

بري يكرر دعوته إلى التوافق أيا تكن نتيجة الانتخابات المقبلة

TT

كان أمس أول أيام «الهدنة» بين رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، فيما تواصلت المساعي التي يبذلها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لإيجاد مخرج لأزمة الموازنة العامة التي حُيِّدت عن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء مساء أمس بانتظار تقدم المساعي التي يقوم بها الرئيس سليمان بعيدا عن الأضواء لـ«تدوير الزوايا». وفيما قالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع لا يزال «مكانك راوح» أفادت مصادر أخرى أن ثمة تقدما طفيفا في هذا المسعى في ظل محاولة لتوزيع المبالغ المقترحة لموازنة مجلس الجنوب في بنود الموازنة العامة، على أن تصرف على مشاريع محددة بدلا من إيراد موازنة غير مفصلة للمجلس الذي يحظى برعاية الرئيس بري الذي يتعامل معه منذ التسعينات كأداة تنموية لمنطقة الجنوب.

وابتعد أمس الرئيس بري عن ملف الموازنة، مكررا دعوته إلى «تكريس التوافق» أيا تكن نتائج الانتخابات النيابية المقبلة. واعتبر أن «الجسم اللبناني لا يتحمل الإلغاءات». وقال: «إن لبنان محكوم بالتوافق. ونحن محكومون بالتوافق، سواء ربحنا الانتخابات أو خسرنا، أو سواء ربحت 14 آذار الانتخابات أو خسرت. إننا محكومون بأن نبقى نتعاطى مع بعضنا بعضا بكل إيجابية لمصلحة هذا البلد». وشدد على «الوحدة الوطنية التي تحقق الانتصار». وقال: «إن الجسم اللبناني لا يتحمل الإلغاءات. ففي التاريخ اللبناني حصلت إلغاءات عديدة ولكن كانت نتيجتها اندلاع الثورات». وأضاف: «نحن في فترة عصيبة جدا ليس على الصعيد اللبناني بل على صعيد المنطقة، لأننا لسنا جزيرة، فنحن نعيش في محيط ولا نعيش وحدنا» مشيرا في هذا المجال إلى «ما أفرزته نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي تفترض من العرب التضامن وتعزيز روح التعاون والتنسيق فيما بينهم». وسأل: «لو كان الفلسطينيون موحدين والعرب متضامنين هل كانت تجرأت إسرائيل على ما قامت به في غزة؟».

ورأى النائب سمير فرنجية (قوى 14 آذار) أنه «من الصعب حل مشكلة مجلس الجنوب». لكنه توقع نجاح رئيس الجمهورية في تبريدها. وقال: «المسألة أوسع من مسألة الموازنة. اليوم هناك في معسكر 8 آذار أزمة ومرحلة صعبة نتيجة كل التحولات الحاصلة في المنطقة، خصوصا بعد فشل حرب غزة والسعي السوري إلى مصالحة عربية وعودة الاتصالات الأميركية - السورية وأخيرا طلب إيران من تركيا التوسط مع الأميركيين، ما يعني أن هناك تغييرات كبيرة تمر بها المنطقة».

وأضاف أن «كل طرف من أطراف 8 آذار يحاول البحث عن كيفية إعادة التمركز. وفي نظري أن هذا الأمر يفسر اللهجة التصعيدية لرئيس المجلس (بري) ومحاولته تثبيت وضعه في ضوء هذه المتغيرات المتسارعة. وبالتالي هذه الأزمة باقية إلى أن تتبلور الأمور. والموضوع ليس طويلا لأن كل هذه التحولات الإقليمية ستظهر في منتصف آذار (مارس) مع القمة العربية المرتقبة في الدوحة. فالأمور مجمدة إلى حينها».

ولفت فرنجية إلى أن «الخوف على إجراء الانتخابات قائم بسبب انهيار الظاهرة العونية. وبالتالي نتائج هذه الانتخابات شبه محسومة. فهذا الأمر يضع قوى 8 آذار أمام خيار صعب: إما الاحتكام إلى الصناديق والنتيجة معروفة أو محاولة تأجيل الانتخابات».

وأمل عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ميشال موسى أن «تكون هناك حلول سريعة» لموضوع الموازنة وقال: «يجب ولوج طريق التهدئة والعودة إلى الأصول والمبادئ العامة التي يجب أن تحكم موضوعا كهذا. وهو موضوع مؤسساتي يجب أن يأخذ طريقه المؤسساتي وليس طريق السجالات».

وشدد النائب عمار حوري (كتلة المستقبل) على أهمية «توضيح طبيعة الخلاف القائم حاليا حول موضوع الموازنة». وقال أمس: «هناك خطأ يعتبر أن الخلاف هو بين الرئاستين الثانية والثالثة. وواقع الحال أن الخلاف حاليا هو بين رئاسة الحكومة المؤتمنة في مكان ما على إعداد الموازنة وعلى حسن صرفها، وبين جهة حزبية». واعتبر أن «الخلاف مع الرئيس بري ليس بصفته رئيسا للمجلس النيابي إنما بصفته رئيسا لحزب (حركة أمل)».