محافظ هلمند: طالبان ترفض فتاوى العلماء وتجبرالفلاحين على زراعة المخدرات

غلاب منقال لـ«الشرق الأوسط» عناصر الحركة الأصولية يفرضون ضرائب على المزارعين وينقلون الهيروين إلى الدول المجاورة

محمد غلاب منقال حاكم ولاية هلمند(«الشرق الأوسط»)
TT

بينما كان محمد غلاب منقال حاكم ولاية هلمند الافغانية اكثر المحافظات اشتعالا في افغانستان، يتحدث بثقة وراحة عن الايجابيات التي تشهدها محافظته منذ توليه منصبه بتكليف رسمي من الرئيس حميد كرزاي مارس اذار 2008 في مؤتمر« مستقبل أفغانستان بلدنا» الذي عقد في «كنداهاوس» التابع للسفارة الكندية  بميدان الطرف الأغر بوسط العاصمة لندن اول من امس، كان الصحافيون يتهامسون فيما بينهم عن مستوى العنف وحالات الفساد التي تضرب افغانستان، وقبل ان يطل المحافظ في المؤتمر الصحافي الذي عقده كانت آلة العنف حصدت أربعة جنود بريطانيين من عناصر قوات التحالف الدولي العاملة في أفغانستان، وذلك بانفجار عبوة ناسفة، استهدفت العربة العسكرية التي كانوا يستقلونها وبذلك يرتفع الى 12 عدد الجنود البريطانيين الذين قتلوا في أفغانستان منذ مطلع منذ مطلع العام، وإلى 148 منذ بدء التدخل العسكري في أفغانستان نهاية عام 2001. وينتشر في أفغانستان 8300 جندي بريطاني غالبيتهم في ولاية هلمند. وكشف المحافظ غلاب منقال وهو من قبيلة منقال من مقاطعة باكتيا وحاصل على ليسانس آداب عمل في الجيش ووزارة الداخلية في الشؤون المعنوية , كثير من التفاصيل عن مكافحة زراعة المخدرات في افغانستان التي كانت تنتج اكثر من  90 في المائة من الانتاج العالمي من الهيروين بحسب الاحصاءات الدولية التابعة للأمم المتحدة. وتشهد أفغانستان موجة عنف متصاعدة جراء العودة القوية لمليشيات طالبان، وتعثر الرئيس حميد كرزاي في السيطرة على البلاد، حيث يهدد تنامي زراعة وتجارة المخدرات هناك بتحويلها إلى دولة مخدرات. واعترف المحافظ غلاب منقال الذي نجا من 13 محاولة اغتيال، بوجود مشاكل جمة تتهدد محافظته وهي الفساد والارهاب وعناصر القاعدة ومافيا المخدرات وعناصر طالبان التي تنشر العنف والرعب في المناطق التي تسيطر عليها، الا انه اشار الى ان القوات الدولية الممثلة في «ايساف» تبذل جهودا غير عادية للسيطرة على العنف وتحجيم الة طالبان وحرق معامل تصنيع الهيروين. وطالب بإرسال مزيد من القوات الدولية الى محافظته الاكثر اشتعالا بالعنف في افغانستان ، مشيرا الى ان الجنود البريطانيين الذين فقدوا أرواحهم هناك فقدوها من اجل الإنسانية، وقال مالم يتم تأمين هلمند، فإن شواع لندن هي الاخرى لن تكون هي الاخرى آمنة. ونفى ان تكون طالبان تسيطر على نحو نصف اجزاء محافظة هلمند، مشيرا الى ان القوات الدولية بالتعاون مع القوات الافغانية تلحق افدح الخسائر بعناصر طالبان في معارك شبه يومية. وقال:إن الامن يزداد يوما بعد يوم ويظهر ذلك في ثقة الناس في الحكومة والقوات الافغانية والدولية من خلال تجاوب المواطنين مع الدوريات في انحاء شوارع هلمند. وكشف المحافظ منقال ان حركة طالبان المخلوعة هي المستفيد الاول من زراعة المخدرات وأكد لـ « الشرق الأوسط» في لقاء خاص ان طالبان تجبر الفلاحين على زراعة المخدرات وتحصل ضرائب منهم في المناطق التي تخضع لهم وبالاضافة الى ذلك فإن المخدرات والهيروين تنقل تحت حراسة طالبان. وقال ردا على سؤال لـ «الشرق الأوسط »:إنه مع المصالحة بين الحومة والعناصر المعتدلة من طالبان وكشف عن وجود عناصر متشددة من طالبان مرتبطة بالقاعدة لايمكن الوثوق بها. واوضح هناك عناصر انضمت الى طالبان بسبب ضعف الحكومة المحلية . وقال هناك انباء سارة من هلمند على صعيد مكافحة المخدرات فقد صادرت القوات الحكومية في هلمند مؤخرا نحو 41 طنا من المخدرات ودمرت عدة معامل لتخليق الهيروين . واضاف ان حصيلة المخدرات من هلمند هذا العام ستتقلص بسبب جهود القوات الدولية والافغانية لمحاصرة مافيا المخدرات. واوضح المسؤول الافغاني ان الفلاحين يتعرضون لعقاب من طالبان بحرق مزروعاتهم من القمح والشعير والخضراوات لأنهم لم يتستجيبوا لهم، ولايكون امامهم في نهاية الامر الا العودة مرة اخرى لزراعة المخدرات مرة اخرى. واكد المحافظ منقال ان طالبان هي المستفيد الأول من تفشي الفساد ومن زراعة المخدرات. وقال منقال ان ولايته ليس بها مصدر اخر للرزق غير الفلاحة وزراعة الارض فاما زراعة المخدرات التي حرمها الاسلام جملة وتفصيلا، او زراعة القمح. وقال ردا على سؤال لـ « الشرق الأوسط » ان الملا عمر حاكم الحركة الأصولية المخلوعة اصدر فتوى عام 2000, استجال لها الأفغان، وانتهت زراعة المخدرات من عموم افغانستان ، لكنها عادت بقوة اليوم، وباتت منتجاتها تهدد شوارع العواصم الغربية، بقوله إن طالبان تستغل الإسلام ، لأن الدين لايتغير بزمان ومكان،لأن عناصرها اليوم هي التي ترفض فتاوى العلماء الافغان التي تحرم زراعة المخدرات، مشيرا الى ان كثيراً من الفلاحين استجابوا لتلك الفتاوى، لكن طالبان تستخدم العنف مع الفلاحين الذين يلجأون الى الزراعة البديلة مثل القمح والخضراوات. ووصف طالبان ومافيا المخدرات بانهما عدوان للإنسانية، وقال: إن خطر المخدرات لايهدد بلاده فحسب، بل يتهدد العواصم الغربية ايضا.    وكشف منقال عن تعاون وثيق بين طالبان ومافيا المخدرات، وقال ان مصلحتهم اليوم واحدة، بل يمكنني القول انهم وجهان لعملة واحدة. وقال: إن طالبان وتجار المخدرات يعملون سويا لتدمير أفغانستان ، وهناك تعاون وثيق بينهم . واوضح ان المسؤولين في ولاية هلمند نظموا برنامجا لتوعية الفلاحين العام الماضي لمدة ثلاثة أشهر، شارك فيه أيضا عدد من العلماء الافغان الثقات الذين اصدروا فتاوى وقدموا دروسا في المساجد لاقناع الفلاحين بتحريم الاسلام لزراعة المخدرات باعتبارها مفسدة كبرى. واشار الى ان القوات الدولية يجب ان تركزجهودها على الشريط الحدودي الذي يبلغ طولة نحو 100 ميل بين افغانستان وباكستان، لأنه مصدر العنف والملاذ الآمن لقيادات القاعدة هناك. وقال: إن الخط الحدودي جنوب هلمند يمر منه الجهاديون ورجال القاعدة وعناصر طالبان وشحنات المخدرات وهو مصدر قلق وتوتر للجنود البريطانيين المتواجدين في هلمند . يذكر ان أفغانستان انتجت العام الماضي أكثر من 90 بالمائة من انتاج الافيون في العالم الذي يستخرج من نبات الخشخاش الذي يتم معالجته بعد ذلك لانتاج الهيروين الذي يسبب الإدمان بشكل كبير ويهرب للخارج.