رئيس «الاستشاري الصحراوي» المغربي: الحكم الذاتي يهدف إلى التصالح مع الذات والتاريخ

اختتام مؤتمر الحكامة في مراكش بالدعوة إلى تلاحم أكبر بين هيئات المجتمع المدني

ولد الرشيد، رئيس المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية، خلال لقائه كيونغ وا كانغ، القائمة بأعمال المفوضة السامية لحقوق الإنسان في مراكش، وبدا إلى جانبه ماء العينين بن خليهن ماء العينين، الأمين العام للمجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية («الشرق الأوسط»)
TT

قال خلي هنا ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، «إن مشروع الحكم الذاتي ليس مشروع حكومة أو أحزاب أو هيئة، وإنما هو مشروع أمة، لأنه يتجه، قبل كل شيء، إلى التصالح مع الذات، ومع أولئك الذين تخاصمنا معهم في بداية السبعينات لأسباب تافهة، من دون تقدير للعواقب التي يمكن أن تترتب عن تلك الخصومة». وشدد خلال كلمة ألقاها، مساء أول من أمس، بمناسبة المؤتمر الذي احتضنته مراكش حول موضوع «الحكامة»، على أن «مقترح الحكم الذاتي موجه، أساساً، إلى التصالح مع فترة تاريخية لبلادنا، ولذلك حظي باستجابة واسعة من المنتظم الدولي، ومن دول كانت أكثر عداء للمغرب في هذا الموضوع، لأنها لمست بأن المغرب لا يقيم مناورة دبلوماسية أو سياسية، وإنما يبني لتأسيس حقيقي للمستقبل». وقال «إن نزاع الصحراء شكل مشكلة كبيرة بالنسبة للقارة الأفريقية وعطل بناء المغرب العربي، وشكل أيضا عبئا على العالم»، مشيراً إلى أن «للمشكلة مستويات متعددة وتأثيرات وانعكاسات وطنية وإقليمية وقارية وعالمية، وأنه يهمنا كمغاربة، ويهم جيراننا المغاربيين، كما يهم العالم الذي صار يتجه، اليوم، إلى أن تحل القضايا والنزاعات الدولية عن طريق الحوار والتفاوض والسلم والحكامة الجيدة».

وذهب ولد الرشيد إلى القول «إن الحكم الذاتي الموضوع حاليا على طاولة المفاوضات على مستوى الأمم المتحدة، هو مشروع تاريخي في ما يتعلق بقرار ستترتب عنه تغيرات كبيرة تهم منطقتنا وقارتنا وعالمنا العربي إن طبق في المستقبل». وأبرز أن هذا «المشروع يأتي لحل النزاع عن طريق التصالح بين الإدارة المغربية والصحراويين الذين خالفوها في الماضي لأسباب متعددة، وكذا التصالح بين المغرب والجزائر، إخواننا الذين تربطنا بهم علاقات وأواصر عائلية ودينية وتاريخية واقتصادية، في الماضي والحاضر والمستقبل، لأن هذا المشروع يمكن أن يكون بادرة خير لحل نزاعنا معهم بالتي هي أحسن، كما يمكن أن يكون نموذجاً لحل قضايا ومشاكل تعيشها أفريقيا، يوميا، في العديد من مناطق النزاع، سواء في دارفور أو الصومال أو البحيرات الكبرى أو أفريقيا الغربية».

وأرجع ولد الرشيد أصل مشكلة الصحراء إلى «سوء حكامة سياسية»، وقال إنه «لولا سوء الحكامة، التي كانت ترجع إلى أسباب متعددة، داخلية وخارجية، في ما يتعلق بسياستنا لما وجد نزاع الصحراء، ولكن، «لولا» ليست مصطلحا يمكن أن نبني عليه حلولا». وقال ولد الرشيد «إن الملك محمد السادس تجند بشجاعة كبيرة وتاريخية حينما قرر أن ينهي المشكلة من جذورها»، مشيراً إلى أن المشروع «مبني على تصالح ولو بعد حين».

وأبرز ولد الرشيد أن الإعداد لمشروع الحكم الذاتي خضع لمعايير أساسية، أبرزها أن يكون ملبيا لثلاث قضايا أساسية، أولاها، أن يرضي الصحراويين، وثانيها، أن يثبت أحقية المغرب في سيادته ووحدته الترابية، وثالثها، أن يكون مقبولا حسب معايير القانون الدولي، معبرا عن اعتقاده بأن «المشروع لا يتجه إلى الحكامة الإدارية، لأنه ليس مشروعا إداريا، كما أنه ليس مشروعا من أجل حكامة اقتصادية وإعطاء امتيازات اقتصادية، لأن المغرب قام، منذ 36 سنة، بعمل جبار في ما يتعلق بتطوير وتنمية الأقاليم الجنوبية». وشدد ولد الرشيد على أن «الذين يفكرون في الاستفتاء، تبين لهم أنه مستحيل وغير ممكن، ليس لأن المغرب لا يريد تنظيم استفتاء، بل لأنه غير ممكن سياسيا وتقنيا. كما تبين لهم أن في الاستفتاء فتنة، من شأنها أن تجعل النزاع يبقى قائما، لأننا لن نتفق، أبدا، على الهيئة الناخبة».

واختتم مؤتمر «الحكامة» فعالياته بإصدار «التزام مراكش»، الذي يقترح طرقا وآليات عمل من شأنها أن تعزز الاتجاه نحو تحقيق تقدم ملموس في مجال الحكامة الجيدة بمنطقة المغرب العربي. وقال إبراهيم الفاسي الفهري، رئيس منتدى أماديوس، لـ«الشرق الأوسط» «إن المؤتمر كان ناجحاً، وعرف حضور مسؤولين من جميع الدول المغاربية، فضلا عن ممثلي الهيئات الدولية، وهو حضور يدعم، بالأساس، سياسة الانفتاح الديمقراطي ببلادنا، كما يؤكد حقيقة أن المغرب يلعب دوراً مهما في المنطقة، وأنه قاطرة لتطور حقوق الإنسان بالمغرب العربي». من جانبه، قال بلقاسم بوطيب، عضو معهد أماديوس، لـ«الشرق الأوسط»، إن المؤتمر خرج بنتائج وتوصيات مهمة، همت المحاور الأربعة للحكامة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والترابية. وقال «إن المؤتمر أوصى بتلاحم أكبر بين هيئات المجتمع المدني والهيئات السياسية والفاعلين الاقتصاديين المغاربيين، وركز على ضرورة التحالف بين النشطاء الاجتماعيين في المغرب والجزائر».