خطة «المجتمع الكبير» من أجل الطبقة المتوسطة

ميزانية أوباما تهدف إلى مساعدة طبقة الفقراء

TT

يقول معارضو اقتراح الرئيس أوباما باتخاذ إجراءات حكومية جديدة قوية شاملة في الاقتصاد إنه عودة إلى فلسفة الضرائب والإنفاق التقليدية، أي ردة إلى عصر ليندون جونسون.

وربما أيضا تكون صورة لليبرالية ما بعد الحداثة، أي ما بعد عصر كلينتون. وعلى النقيض من البرامج الاجتماعية الشاملة في الستينات، يبدو أن خطة أوباما، بتناولها «للوظائف الخضراء» وتوفير استخدام الطاقة، تستهدف الطبقة المتوسطة التي تخلفت في فترة الانتعاش أكثر من استهدافها لأفقر طبقات الشعب، والتي ستستفيد بقدر أقل كثيرا. ومن المؤكد أن هناك بعض عناصر ميزانية أوباما التي تبلغ 3.6 تريليون دولار تهدف إلى مساعدة طبقة الفقراء، على سبيل المثال تحويل برنامج منح بيل للدراسة الجامعية إلى برنامج استحقاق جديد، ولكن في ترويجه للميزانية، لم يكن هذا البند من أهم البنود التي يروج لها.

وبدلا من ذلك، تظهر الميزانية كوسيلة لحل ثلاث قضايا تحدث عنها أوباما كثيرا في حملته الانتخابية: دور فيدرالي أكبر في التعليم، وفي توفير الرعاية الصحية شبه العالمية، وفي سياسة الطاقة. وتستهدف أكثر البنود تكلفة، مثل 630 مليار دولار احتياطي لإقامة صندوق رعاية صحية وطنية و250 مليار دولار من أجل إنقاذ المصارف المتعثرة والصناعات الهشة، والعمال الأميركيين من الطبقة المتوسطة الذين يواجهون تهديدا مزدوجا بفقدان وظائفهم وتأمينهم الصحي في وقت واحد.

ولأول مرة، يتحرك رئيس أميركي لفرض ضرائب على الصناعات التي تزيد انبعاثاتها من غازات البيوت الزجاجية، وهي الخطوة التي قال الرئيس جورج بوش إنها ستدمر الصناعة الأميركية.

بالطبع جاءت ميزانيات جونسون في فترة كانت البلاد فيها على وعي متزايد بمعدلات الفقر المعطلة، والتي كانت تعتبر حينها أكبر القضايا الاجتماعية، بينما يستجيب أوباما للشعور بأن الطبقة الوسطى تسقط دون الأثرياء الأميركيين.

توجد جرأة في هذه الاستراتيجية، إنها الجرأة ذاتها التي عملت لصالح أوباما أثناء خوضه الحملة الانتخابية. إنه يراهن على أن رأسماله السياسي ومدى إلحاح الموقف نتيجة للأزمة الاقتصادية يجعل أمامه فرصة ربما لا تسنح مرة أخرى.

ولكن في طريقه لذلك، يبدو أنه تخلى عن خوف الرئيس كلينتون من أن يطلق عليه ليبرالي قديم الطراز. ومن أجل الرد على الانتقادات بأنه يعود إلى عصر الحكومة الكبيرة، يعتمد أوباما على خطط جديدة. وهو محدد تماما بشأن كيفية استخدام الضرائب التي تفرض على الأثرياء لإعادة توجيهها في برامج تجد صدى لدى الأشخاص الذين استمعوا لوعود حملته. يقول روبرت داليك، المؤرخ السياسي الذي كتب بتوسع عن وعد جونسون في القضاء على الفقر، وهو التعهد الذي قدمه في خطاب حالة الاتحاد منذ 45 عاما، والوعد الذي لم يستطع إلا تحقيق جزء منه: «يوجد نقاط تشابه كبيرة بين ذلك وبين جونسون والمجتمع الكبير. ولكن خطاب أوباما ليس مبالغا».

ولكنه يرى خطورة أيضا في أن يعيد أوباما ارتكاب خطأ جونسون. وأضاف: «لقد أثبتت حرب فيتنام، أنه لا يمكنك أن تحمل سلاحا وزبدا معا. وأنا قلق من أن أفغانستان قد تفعل شيئا مشابها مع أوباما». وإذا كانت دعوة جونسون الحاشدة من أجل إنهاء الفقر في أغنى دولة في العالم، تهدف دعوة أوباما إلى نهاية ثورة ريغان. ومع زيادة الضرائب المقترحة على الأزواج الذين يكسبون دخلا يزيد على 250,000 دولار، أعلن أوباما أن نظرية اقتصاد التساقط، وأن الدولة كلها تستفيد من جمع الأثرياء للمال وإنفاقهم، ضرب من الخيال. وقد ندد بها معلنا في ميزانيته أن «هناك خطأ ما عندما نسمح للملعب بأن يميل لصالح قلة».

وتأكيدا على التركيز على الطبقة المتوسطة، تشير الميزانية إلى أنه منذ عام 2000 وحتى عام 2007، أثناء رئاسة بوش، انخفض «متوسط دخل بعض الأسر التي يقل سن أربابها عن 65 عاما» بحوالي 2,000 دولار.

وبالإضافة إلى ذلك، كما يشير إيوجين ستوريل، نائب رئيس مؤسسة بيتر جي بيترسون، إلى أنه حتى الإنفاق طويل المدى في ميزانية أوباما لا يحمل تأثيرا هائلا على عجز الميزانية المتوقع. ويقول: «على المدى البعيد، فإن الإنفاق الحالي على الرعاية الصحية والأمن الاجتماعي هو الذي يؤثر على هذا العجز الكبير، وهو لم يتناول هذه القضية بعد».

وعلى النقيض من أوباما، كان الرئيس كلينتون أكثر حذرا. فقد وصل إلى منصبه بعد أربعة أعوام فقط من مغادرة ريغان لواشنطن، وأبقى ظهور العقد الجمهوري مع أميركا في منتصف التسعينات على فلسفة ريغان. وكان كلينتون أيضا مدينا بفضل أكبر للمتبرعين الديمقراطيين الأثرياء. وتمنح استراتيجية أوباما الناجحة بجمع مئات الملايين من الدولارات عن طريق الإنترنت من تبرعات صغيرة، المزيد من المساحة السياسية له.

* خدمة «نيويورك تايمز»