البحرية العراقية تجري مناورات شمال الخليج

بمساعدة نظيرتها البريطانية استعدادا لتسلم الملف الأمني لعدد من الموانئ

TT

يجري ضباط من البحرية الملكية البريطانية تمارين للبحارة العراقيين بهدف حماية منصات تصدير النفط وتحييد كل ما يشكل خطرا على الرئة الاقتصادية للعراق.

ويظهر طيف رمادي اللون فوق الأمواج. ويدرك النقيب ميثاق انه اصغر وأسرع من ان يكون مجرد قارب صيد فيمسك بمكبر الصوت طالبا منه عدم الاقتراب من منطقة الحظر حول المنصات النفطية، ومداها ثلاثة آلاف متر. ويضيف «استدر بعيدا وإلا سأضطر إلى اتخاذ تدابير دفاعية» فيطلق عنان بوق الزورق باعتباره سلاحا نحو الهدف بعد دقائق من تحليق مروحيات من طراز بلاك هوك في سماء المنطقة. ويحذر ميثاق الزورق مجددا بينما يظهر في وسطه اربعة رجال مدججين بالسلاح على مسافة ألفي متر فقط من خور العمية لصادرات النفط الخام.

من جهته، يقول ضابط البحرية الملكية البريطانية المشرف على التدريب «اذا كان الزورق انتحاريا، فلن يجيبك على الأرجح»، مشيرا الى هجوم اسفر عن مقتل شخصين استهدف منصة خور الزبير المجاورة عام 2004. ويقول تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، ان البحرية العراقية تتدرب على مواجهة أي اعتداء من هذا القبيل، لان الاقتصاد يعتمد بشكل شبه تام على النفط الذي يؤمن 94 في المائة من عائدات الحكومة. وشاهد خبراء البحرية البريطانية مهارات ميثاق الذي يستخدم اسمه الاول فقط اثناء تأدية عمله، فقد اختبروه ست مرات خلال ساعة، مع تغيير المهاجمين أساليبهم لجعل المهمة اكثر صعوبة بالنسبة له. وبعد ان ارتكب خطأ تعريف سفينة حرس السواحل الاميركية بأنها معادية، اجتاز الاختبار بعد نجاحه في تحييد «العدو» الذي كان متجها نحو المنصة. وتشكل المناورات اختبارا حاسما للقوات البحرية التي سترى بعد فترة مروحيات بلاك هوك الاميركية وقوات التحالف تغادر المنطقة مع تولي العراق السيادة على مياهه. والعمل جار لاعادة بناء البحرية العراقية التي تدمرت إبان حرب الخليج عام1991 و2003 في الغزو الذي أطاح بالرئيس السابق صدام حسين.

وابرز مهام البحرية حماية منصات النفط التي تبعد مسافة 10 كلم عن بعضها بعضا، كما انها تقع على مسافة 90 كلم قبالة ميناء ام قصر، الواقعة بين المياه الايرانية والكويتية. ويفترض ان تتولى البحرية في أبريل- نيسان جزءا من المسؤولية في حماية خور العمية حيث يتم، جنبا الى جنب مع خور الزبير، تحميل 80 في المائة من نفط العراق للتصدير. وستتولى بشكل كامل هذه المهمة نهاية عام 2011 ، وهو موعد سحب جميع الجنود الاميركيين من العراق. وظهر الاجهاد الذي يتعرض له البحارة اثناء التدريبات في صوت ميثاق الذي بدا مرتجفا عندما اصدر اوامره للزورق. ويشكل انعدام الخبرة مهمة صعبة لحوالى الفي بحار رغم ان وزارة الدفاع تسعى الى زيادة عديدهم ليصل الى 6500.

وقال ضابط عراقي من ذوي الخبرة «ستكون الامور اصعب لاننا بدأنا من الصفر تقريبا» واضاف«لكنني اعتقد ان البحرية ستكون افضل من السابق». والكثير من البحارة من سكان البصرة الذين أنهوا اربع سنوات من الدراسة في الاكاديمية البحرية. ونظرا لعدم العثور على عمل تجاري بحري وارتفاع معدلات البطالة، تعتبر القوات البحرية خيارا جيدا. وقال احدهم «انها مريحة جدا» في اشارة الى المستحقات البالغة 630 دولار شهريا.

وقال محسن (25 عاما) ولديه طفلان وزوجة في البصرة وبدا اكثر تفاؤلا «ابان عهد صدام، عندما تنضم الى الاكاديمية تكون الوظيفة مضمونة، كان هذا الجزء الاهم». واضاف«لكن الحرب غيرت كل ذلك. لم اكن اعتقد انني سأحظى بالوظيفة (...) امر ممتع انضمامي الى البحرية». ويدرك ضباط البحرية البريطانية انهم يخوضون سباقا ضد الزمن لكنهم يعتقدون ان العراقيين يظهرون مزيدا من التحسن. وقال الكابتن ريتشارد انغرام رئيس الفريق البريطاني الذي يدربهم منذ أواخر عام 2003 ان«البحرية متأخرة نحو ثلاث سنوات عن الجيش من حيث التدريب، لذلك هناك طريق طويل امامهم لكنهم يحرزون تقدما».

وستستفيد القوات البحرية من معدات جديدة بينها اربعة قوارب جديدة يتدرب عليها البحارة العراقيون في ايطاليا حاليا وستصل قريبا. ويتضمن الاسطول الجديد ايضا 26 زورقا للدورية وعشرة زوارق مطاطية، واثنين من سفن الدوريات في عرض البحر وعشرة زوارق سريعة للهجمات، الأمر الذي يجعله قوة مجهزة جيدا مقارنة مع تلك التي كانت موجودة سابقا. لكن هناك شكوكا حيال ما اذا كانت المعدات ستحافظ على بريقها عندما يتسلمها العراقيون. ومثال على ذلك، زورق للدورية عمره خمس سنوات، لكنه متآكل ومهمل مما يؤكد سوء أعمال الصيانة.

وقال ضابط بريطاني«نحن هنا ضيوف فقط. لا نحاول تعليم العراقيين ان يكونوا مثلنا لأنهم ليسوا كذلك. لكننا نأمل في ان يكون لدينا الوقت الكافي لنؤكد ان هذه المجموعة يمكن ان تستمر اذا كان يتم اعدادها بشكل مناسب».