محكمة الحريري تفتتح اليوم وبيلمار يتحول إلى مدعٍ عام وكالداس يتسلم التحقيقات

بعد 4 سنوات و11 تقريرا وتناوب 3 محققين دوليين

شبان لبنانيون يقفون خلف قضبان سجن رمزي في إشارة إلى المتهمين باغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري وذلك بمناسبة الإعلان عن بدء المحكمة الدولية في لاهاي (أ.ف.ب)
TT

تُفتتح اليوم المحكمة الخاصة بلبنان، التي أنشأتها الأمم المتحدة لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، من مدينة لايدشندام في ضواحي «عاصمة العدالة» لاهاي، بعد أربع سنوات من التحقيق الدولي المكثف، وتناوب ثلاثة محققين على رئاسة لجنة التحقيق الدولية، التي أنشأها مجلس الأمن في 7 أبريل (نيسان) 2005. وفي محكمة لا تشبه غيرها من المحاكم الدولية، ستعتمد المحكمة الخاصة بلبنان على قانون مختلط لبناني ودولي، إذ تحاكم المتهمين استنادا إلى القانون اللبناني الجنائي، وتطبق قانون العقوبات اللبناني باستثناء عقوبة الإعدام، فيما سيعتمد نظام آخر للأدلة والإجراءات لم يوضع بعد، ويتوجب على مجموعة القضاة الـ11، أربعة منهم لبنانيون، التي ستتألف منها المحكمة، أن توافق عليه. وابتداء من اليوم، يتحول دانيال بيلمار من رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الحريري، والجرائم المرتبطة، إلى مدعي عام المحكمة، فيما يتولى الأسترالي نيك كالداس، رئيس التحقيقات في شرطة «نيو وايلز الجنوبية»، وهو من أصل مصري ويتقن اللغة العربية، اعتبارا من اليوم، رئاسة التحقيقات لدى المحكمة الخاصة بلبنان، بتفويض من الأمم المتحدة. وبحسب النظام الأساسي للمحكمة، فإن لدى المدعي العام مهلة شهرين كحد أقصى، اعتبارا من اليوم الذي يتسلم فيه مهامه، لتقديم طلب إلى السلطات القضائية اللبنانية لنقل ملف الحريري إلى المحكمة في لاهاي. ويتضمن الملف نتائج التحقيق والتقارير المتعلقة به، إضافة إلى الأشخاص الذين أوقفوا على خلفية الجريمة. وتفتتح المحكمة أعمالها اليوم في احتفال يحضره حوالي 50 دبلوماسيا، وتلقى فيه خمس كلمات، يبدأها مقرر المحكمة القاضي البريطاني روبن فنسنت، يليه وكيل الأمين العام للشؤون القانونية باتريسيا اوبراين، ثم كلمة للسفير اللبناني في هولند زيدان الصغير، يليه سفير المؤسسات الدولية في هولندا روب زاغمان وختاما كلمة المدعي العام بيلمار، يتبعه مؤتمر صحافي.

وهكذا تنطلق أعمال المحكمة بعد أربع سنوات قدم خلالها ثلاثة محققون دوليون، هم الألماني ديتليف ميليس، والبلجيكي سيرج براميرتس، والكندي دانيال بيلمار، 11 تقريرا إلى الأمين العام للأمم المتحدة حول سير التحقيقات، ورفعت هذه التقارير إلى مجلس الأمن. ومنذ التقرير الأول، الذي صدر عن اللجنة في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2005، توصل المحقق ميليس إلى أن الاغتيال «قامت به مجموعة شديدة التنظيم، ولديها قدر كبير من الموارد والإمكانات». وقال إن «هناك أدلة متفقة تشير إلى التورط السوري واللبناني في هذا العمل الإرهابي». وسمى ميليس في تقريره الأول الكثير من الأسماء، قال إنها على علاقة بالجريمة، ومن بينها الضباط اللبنانيون الأربعة، الذين اعتقلتهم السلطات اللبنانية في 30 أغسطس (آب)، بناء على توصية اللجنة، ولا يزالون في السجن منذ ذلك الحين، وهم: المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد، والمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج، والمدير السابق لمخابرات الجيش العميد ريمون عازار، وقائد لواء الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان. كما اُعتقل أيضا بتوصية من اللجنة، الأخوان أحمد ومحمود عبد العال، الذي قال التحقيق إنهما متورطان بالجريمة، وقد أصدر قاضي التحقيق اللبناني صقر، قرارا بالإفراج عنهما بكفالة قبل عدة أيام. وجاء في تقرير ميليس إن الشيخ أحمد عبد العال مشتبه به، وقال إن «عبد العال وهو شخصية معروفة في الأحباش، كان مسؤولا عن العلاقات العامة والعسكرية والاستخباراتية للأحباش، جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، وهي مجموعة لبنانية لها علاقة تاريخية قوية مع السلطات السورية». وأضاف التقرير أنه «قد ثبت أن عبد العال هو شخصية هامة في ضوء ارتباطه بأوجه عدة من هذا التحقيق، وبالأخص من خلال هاتفه الجوال، الذي أجريت منه اتصالات عديدة بجميع الشخصيات الهامة في هذا التحقيق. وأظهرت سجلات الهاتف، أربعة اتصالات بضباط المخابرات السورية، وكان عبد العال على اتصال دائم بمحمود عبد العال، شقيقه المنتمي أيضا إلى الأحباش». وأشار التقرير أيضا إلى أن «اتصالات محمود عبد العالم في 14 فبراير (شباط) هي أيضا مثيرة للاهتمام، فقد أجرى اتصالا هاتفيا قبل التفجير بدقائق عند الساعة 12.47 بالهاتف الجوال للرئيس اللبناني إميل لحود، وعند الساعة 12.49 بهاتف ريمون عازار»، وخلص إلى أن «الأدلة تجعل أحمد عبد العال شخصية أساسية في أي تحقيق جار».

وتحدث التقرير الأول، الذي جاء مفصلا جدا، وتعرض لانتقادات كثيرة، واتهم بأنه «مسيس»، عن شاهدين سوريين، اعترفا فيه يتورط مسؤولين سوريين بعملية الاغتيال، إلا أن أحدهما، الذي أعلن لاحقا أن اسمه هسام ، غادر إلى دمشق، وقال إن أقواله للجنة جاءت تحت الضغط، بينما الشاهد الثاني الذي اعتبر «الشاهد الملك»، أصبح فيما بعد مشتبها به. واعتقل الصديق في فرنسا بعد أن تحول إلى مشتبه به، إلا أنه أطلق سراحه فيما بعد، واختفى، ولا يزال مكانه مجهولا حتى اليوم. ويقول البعض إنه جرى إخفاؤه ضمن برنامج حماية الشهود.

ومما جاء في التقرير نقلا عن أحد الشاهدين السوريين: «اتصل شاهد باللجنة وذكر أنه التقى مع العميد مصطفى حمدان في منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، وتحدث العميد حمدان بشكل شديد السلبية عن السيد الحريري، متهما إياه بأنه مناصر لإسرائيل. وأنهي العميد حمدان المحادثة بالقول: «سنرسله في رحلة، وداعا وداعا يا حريري». وبعد وقوع الاغتيال، حذر الشاهد بشدة من مناقشة ما تم في تلك المحادثة مع أي شخص».

وعن الصديق، قال التقرير: «زود شاهد آخر، صار فيما بعد مشتبها به، وهو زهير محمد سعيد الصديق، اللجنة بمعلومات مفصلة عن الجريمة، لا سيما فيما يخص مرحلة التخطيط. وكان من بين المسائل الرئيسية التي وردت في إفادة السيد الصديق، الإشارة إلى تقرير ذكر أن (النائب اللبناني السابق) ناصر قنديل، قام بصياغته، وقال السيد قنديل إنه يتعين اتخاذ قرار بتصفية السيد الحريري. وعهد إلى السيد قنديل بمهمة التخطيط لحملة تهدف إلى تخريب سمعة السيد الحريري، على المستويين الديني والإعلامي وتنفيذ هذه الحملة. وذكر الصديق أن قرار اغتيال السيد الحريري اتخذ في الجمهورية العربية السورية، وقد عقدت عقب ذلك اجتماعات سرية في لبنان بين ضباط لبنانيين وسوريين كبار، عهد إليهم بالتخطيط لتنفيذ الهجوم وتمهيد السبل له. وبدأت هذه الاجتماعات في يوليو (تموز) 2004، واستمرت حتى ديسمبر (كانون الأول) 2004. وزعم أن المسؤولين السوريين السبعة الكبار، والمسؤولين اللبنانيين الأربعة الكبار، كانوا ضالعين في الخطة». تحدثت اللجنة أيضا في التقرير الأول عن العثور على ست بطاقات هاتفية مدفوعة سلفا، تبيت التسجيلات أنها لعبت دورا مؤثرا في التخطيط للاغتيال. وقالت إن التحقيق بشأن هذه البطاقات هو واحد من أهم الخيوط المؤدية إلى الحقيقة في هذا التحقيق، من حيث الكشف عن هوية من كان موجودا في الساحة فعليا لتنفيذ الاغتيال. وفي التقرير الثاني الذي قدمه ميليس في 10 ديسمبر (كانون الأول) 2005، قالت اللجنة إنها حددت إلى حينه 19 شخصا كـ«مشتبه بهم». وذكرت أيضا أنها طلبت استجواب ستة ضباط سوريين رفيعي المستوى، وأنها عقدت اتفاقا مع ممثل عن وزارة خارجية سورية، في شأن استجواب اللجنة خمسة مسؤولين سوريين أولا، في مقر الأمم المتحدة في فيينا، عاصمة النمسا. وذكر التقرير أنه بموجب هذا الاتفاق، استجوب خمسة ضباط سوريين بين 5 و 7 ديسمبر (كانون الأول) بصفة مشتبه بهم. وعاد التقرير الثاني أيضا ليتحدث عن زهير الصديق، وقال إن الصديق «تقدم من اللجنة بداية على أنه شاهد سري يملك معلومات مفصلة عن اغتيال السيد الحريري، وبناء على إفادته أمام اللجنة، اعتبر في وقت لاحق مشتبها به مرتبطا بالتحقيق». وأضاف أنه «في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2005، صدرت مذكرة توقيف دولية بحق السيد الصديق، الذي كان يتخذ مكان إقامة له في فرنسا، بناء على طلب من الحكومة اللبنانية، التي طلبت أيضا تسليمه إليها. أوقف السيد الصديق من قبل الشرطة الفرنسية في 16 أكتوبر (تشرين الأول) 2005».

كما كشف التقرير الثاني عن هوية أحد الشهود السريين، وقال إنه هسام طاهر هسام. وقال التقرير عنه: «كان السيد هسام قد ظهر على شاشة إحدى قنوات التلفزيون السوري وسحب شهادته التي أدلى بها في وقت سابق أمام اللجنة، التي تورّط كبار المسؤولين السوريين في عملية الاغتيال، زاعما أنه أدلى بها قسرا. وعلى ما يبدو، يعود ظهوره على التلفزيون السوري إلى أمر أصدرته اللجنة القضائية السورية الموكلة التحقيق في عملية اغتيال الرئيس الحريري. ولا يزال التحقيق في ادعاءات السيد هسام الأخيرة مستمرا».

وأضاف التقرير أن اللجنة حصلت «على معلومات من مصادر موثوق فيها، إنه قبل أن يقوم السيد هسام بسحب إفادته إلى اللجنة علنا، أوقف مسؤولون سوريون بعض أنسباء السيد هسام في سورية وجرى تهديدهم». وبعد تقريرين قدمهما ميليس، انسحب من التحقيق ليتسلم منصبا مهما في مكتب المدعي العام الألماني في برلين، واستلم رئاسة التحقيق مكانه المحقق البلجيكي سيرج براميرتس، في 17 يناير (كانون الثاني) 2006. واعتمد براميرتس، أسلوبا مختلفا كليا عن الأسلوب الذي اعتمده سلفه، وحرص على عدم ذكر أسماء في تقاريره مع تفصيل تقني مسهب عن مكان وقوع الحادث والأدلة التي عثر عليها في مكان الجريمة، وكيفية حصول التفجير. وعندما استلم براميرتس أيضا التحقيق، وسعت اللجنة نطاق تحقيقها لتطال عمليات الاغتيال الأخرى.

وقالت اللجنة في تقريرها الثالث إنها تتابع «خيوطا متعددة ذكرت في التقريرين السابقين، على سبيل المثال تقويم دور منظمة الأحباش وأعضاء منتمين إليها لمعرفة صلتها بالتحقيق». ومقابل الـ19 مشتبه فيهم الذين تحدث عنهم ميليس في تقريره الثاني، ذكر براميرتس أن اللجنة استجوبت عددا من المشتبه بهم، «وأوقف 14 مشتبها به على يد السلطات اللبنانية، بينهم موقوف واحد اعتقلته السلطات الفرنسية، وقد جرى توقيف البعض بناء على توصية من اللجنة. وحتى الآن، لا يزال ?? أشخاص موقوفين لصلتهم باغتيال الحريري». ولم يذكر التقرير أي أسماء من المشتبه بهم أو الموقوفين. وقسم التقرير المشتبه بهم إلى ثلاث مجموعات: «أشخاص يشتبه في أنهم حرضوا وشاركوا في تخطيط الجريمة وتنفيذها، ثانيا أشخاص يشتبه في إخفائهم معلومات تتعلق بجريمة ضد أمن الدولة، أو تورطهم في تزوير وثائق شخصية أو التحايل في استعمالها، وأشخاص يشتبه في إدلائهم بشهادات مزورة». ومن بين الفئة الأخيرة أوقف السوري إبراهيم جرجورة، وأطلق سراحه بكفالة قبل بضعة أيام مع الاخوين عبد العال.

وكان ميليس في تقريره الأول قد اشتكى من عدم تعاون السلطات السورية مع التحقيق، وقد دفع هذا الأمر برئيس لجنة التحقيق الجديدة إلى إرساء نظم تعاون جديد، وقال التقرير عن ذلك: «في تقاريرها السابقة، سلطت اللجنة الضوء في مرات عديدة على الصعوبة التي واجهتها، حين سعت إلى التعاون مع السلطات السورية. من أجل تسجيل الحاجة الحقيقية والطارئة لإحراز تقدم في هذه القضية، ولمصلحة تسريع التحقيق، اجتمع رئيس اللجنة لمرتين مع مسؤولين سوريين كبار، لمناقشة الأشكال العملية لتعاونهم».

وفي التقرير الرابع، ذكر براميرتس أن اللجنة تقوم بدراسة عدد من الدوافع المختلفة، التي كانت وراء قتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وتحقق «في احتمال وجود دوافع سياسية وبواعث انتقام شخصية وظروف مالية وأفكار عقائدية متطرفة، فضلا عن أي مزيج من تلك الدوافع، وذلك لتضع فرضياتها فيما يتعلق بالدوافع المحتملة لدى الأشخاص الذين أمروا بارتكاب الجريمة».

وذكر أيضا أن اللجنة طلبت من الحكومة السورية «مساعدة بتسهيل إجراء مقابلات مع مواطنين سوريين في الجمهورية العربية السورية لأخذ أقوالهم كشهود، وحتى الآن، أجرت اللجنة مقابلات مع ستة شهود في الجمهورية العربية السورية جرى الترتيب لها حسبما ومتى كانت مطلوبة».

وفي تقريره الخامس، استعاد التقرير الإطار السياسي للجريمة وأشار إلى عوامل متداخلة أدت إلى الاغتيال، كما تحدث عن تعاون «سوري فعال» مع لجنة التحقيق.

وفي التقرير السادس، وسعت اللجنة تحقيقاتها، ليس فقط إلى الأيام الأخيرة من حياة رفيق الحريري، بل إلى الأشهر الخمسة عشر الأخيرة بتفاصيلها المعتبرة. وقال التقرير إن اللجنة «أجرت 17 مقابلة إضافية خلال فترة التحقيق الأخيرة، من ضمنها مقابلات مع شخصيات سياسية دولية. هذه المقابلات فائقة الطول، وحساسة ومنتقاة من دائرة معارف الحريري. جمعت اللجنة معلومات تخص ارتفاع مستوى التهديد والضغط الممارس على رفيق الحريري، خلال الأشهر الـ15 الأخيرة من حياته». وجاء في التقرير السابع أن لجنة التحقيق «تشير إلى تقدم ملحوظ والتزام بمنهجية علمية دقيقة في أعمال التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، كما في التحقيقات في الجرائم الـ14 وجريمة اغتيال الوزير بيار جميّل وانفجاري عين علق». وقال التقرير إن اللجنة باشرت عددا من النشاطات التحقيقية في سورية، «وتتضمن هذه النشاطات إجراء المقابلات، حيث يمكن تصنيف إجابات الأفراد مجددا بأنها متغيرة من ناحية النوعية حسب المناسبة، الاجتماع مع رسميين سوريين مهمين، وجمع عينات من عدة أماكن من سورية لتعزيز المشروع الجنائي للأصل الجغرافي، ولجمع وثائق من موقعي جمع أرشيف». وكشف براميرتس في التقرير الثامن بعض المعلومات عن هوية المفجر الانتحاري، الذي قاد شاحنة الميتسوبيشي وفجرها أمام موكب الحريري. وكان أكد في تقارير سابقة أن المفجر ليس أحمد أبو عدس، الذي ظهر في شريط فيديو مصور بعد ساعات من التفجير، بثه تلفزيون الجزيرة، وتبنى عملية الاغتيال. وقال التقرير إنه «من المرجح أن يكون المفجر الانتحاري ذكرا يبلغ ما بين 20 و25 عاما من العمر، وكان شعره قصيرا وداكنا، وأتى من منطقة أكثر جفافا من لبنان، وأنه لم يمض فترة شبابه في لبنان، لكنه عاش في لبنان خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر التي سبقت وفاته».

وعن أبو عدس، قال التقرير إن اللجنة تدرس فرضيتن: «الأولى أنه كان مجبرا أو مضللا لتسجيل شريط ادعاء المسؤولية عن اغتيال رفيق الحريري، ثم من الممكن أن يكون قد قتل. الثانية أن أحمد أبو عدس سجل بملء إرادته شريط الفيديو، بالاشتراك مع أفراد، ينتمون إلى تنظيم متطرف، قاموا معا بتصوير الشريط، وبالحصول على شاحنة الميتسوبيشي وتحضيرها بواسطة المتفجرات».

وفي التقرير التاسع، قال براميرتس إن اللجنة تدرس طبيعة العلاقة التي يشتبه بوجودها بين مسؤولين سوريين، من المرجح أنهم يعملون لمصلحة أجهزة الاستخبارات من جهة، وأصوليين إسلاميين يعملون ضمن مجموعات منظمة من جهة أخرى، وخصوصا أولئك المرتبطين بقضية أحمد أبو عدس. في 16 أكتوبر (تشرين الثاني) 2007، تولى بيلمار التحقيق خلفا لبراميرتس، الذي ترك رئاسة التحقيق ليتولى مهام الادعاء العام في محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة. و بيلمار اعتمد مثل براميرتس سياسة عدم تسمية المشتبه بهم، وتفصيل الاستنتاجات التقنية بدلا من ذلك. وجاء في التقرير العاشر، أن اللجنة توصلت إلى جمع أدلة جنائية تشير إلى وجود «شبكة أفراد» اغتالت الحريري، استمر وجودها خلال الفترة التي تبعت الجريمة، وجزء منها على علاقة ببعض الجرائم الأخرى. وتحدث بيلمار في تقريره عن ضرورة عدم الاستعجال في هذه «التحقيقات المعقدة»، وقال: «بينما يمثل غياب أي نتائج سريعة للتحقيقات عامل انزعاج للضحايا الأحياء ولعائلات القتلى وللشعب اللبناني وللمجتمع الدولي وللجنة نفسها، تؤكد الخبرة في تحقيقات لقضايا مشابهة سابقة، أنه بتوفير الوقت الكافي والمصادر المطلوبة يمكن إحضار المجرمين إلى العدالة». وأضاف: «نظرا لخصوصية التحقيق والحاجة للإبقاء عليها، لن تذكر اللجنة أي أسماء. إن أسماء الأشخاص لن تذكر إلا في اتهام موجه من المدعي بعد الحصول على الأدلة الكافية، السرية هي المفتاح لأي تحقيق». وفي التقرير رقم 11، وهو الأخير للجنة قبل أن ينتقل الملف إلى المحكمة الخاصة في لاهاي، قال بيلمار إنه من الضروري أن تكون «اللجنة واعية تماما لواقع أن بدء عمل المحكمة والانتقال القادم إلى لاهاي أوصل التوقعات إلى قمتها. هذه التوقعات تشير إلى أن قرار اتهام يحدد أسماء المنفذين سيصدر مباشرة عند إنهاء الانتقال إلى المحكمة. وعلى الرغم من تفهم هذه التوقعات، فإن الانتقال لا يعني في الحقيقة أن التحقيقات قد أنجزت».

وأضاف أن اللجنة «تستمر بالتنبه التام إلى الدور الأساسي الذي أدّاه الشهود، والمصادر السرية خلال تقدم التحقيقات، وأهمية تحديد أفراد للمثول كشهود في محاكمات مستقبلية، وكنتيجة لذلك، أعادت اللجنة تقويم إجراءاتها لإيواء أي شاهد محتمل (في بيئة آمنة) يعاني خطرا جسديا. وبناء على ذلك، فإن الأشخاص الذين حددت اللجنة أن لديهم مهمة للتحقيقات، الذين سيكون الإدلاء بشهاداتهم ضروريا خلال الإجراءات القضائية المقبلة، ستعدهم اللجنة بتأمين الحماية لهم إذا وجدت أنهم في خطر جسدي جراء تعاونهم».

وبهذا ينتقل الملف إلى لايدشندام اليوم، وفي مهلة زمنية تقل عن شهرين، كما وعد بيلمار، ينتقل الملف من القضاء اللبناني إلى المحكمة الخاصة بلبنان.