«الحوار الوطني» في القاهرة: مصر تطرح مشروع حكومة غير فصائلية على الفلسطينيين

أبو مرزوق عاد إلى مصر إثر زيارة سرية قصيرة إلى رفح الفلسطينية بعد غياب 30 عاما

ناشط من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، خلال مظاهرة جرت بمدينة غزة أمس، تاييدا لجهود المصالحة الفلسطينية الجارية في القاهرة (أ.ف.ب)
TT

قالت مصادر فلسطينية مطلعة، إن مصر قدمت للفصائل الفلسطينية المشاركة في «الحوار الوطني» ورقة تتضمن مشروعاً لتشكيل «حكومة غير فصائلية»، في وقت أكدت فيه مصادر فلسطينية ومصرية، أن الدكتور موسى أبو مرزوق القيادي والمفاوض البارز لدى حماس، عاد إلى مصر بعد زيارة سرية قصيرة إلى رفح الفلسطينية لزيارة عائلته، بعد غياب 30 عاما، مشيرة إلى أن الزيارة تمت بتنسيق أمني عال جدا، لكنها نفت أن تكون مؤشرا إلى قرب إتمام صفقة الأسرى بين حماس وإسرائيل. وأكد الدكتور صالح رأفت الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني «فدا»، على ضرورة إعطاء الأولوية لتشكيل حكومة انتقالية تتولى إعادة الاعمار في قطاع غزة والإشراف على الجانب الفلسطيني في ما يخص المعابر لإبطال الذرائع الإسرائيلية لفرض حصارها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن المسؤولين المصريين اقترحوا أن تكون الحكومة غير فصائلية من شخصيات وطنية مستقلة تتولى الإعداد للانتخابات وإعادة بناء أجهزة الأمن على أسس مهنية ونحن مع هذه الفكرة، لكن حماس ليست مع هذه الفكرة ويطالبون بحكومة مثل التي شكلت وفق اتفاق مكة».

وأضاف «نحن نرى أن تكون حكومة انتقالية من شخصيات مستقلة العدد وملتزمة بالبرنامج الوطني أو حكومة يشارك فيها سياسيون، لكن ليس على أساس المحاصصة بين التنظيمات السياسية وتكون حكومة مصغرة تعمل لفترة لا تتجاوز حتى يناير (كانون الثاني) 2010 حتى تعمل على الإعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية.

وأضاف أن أبرز مهمات تلك الحكومة ستكون توحيد مؤسسات السلطة في قطاع غزة والضفة الغربية وإعادة الاعمار بالتنسيق مع الدول المانحة، والإشراف على المعابر وتتولى كل مسؤوليات الحكومة حسبما نص عليها القانون الأساسي للسلطة والإعداد للانتخابات.

وقال رأفت «ما تم من انطلاق الحوار الفلسطيني هو خطوة أولى نحو إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية، حيث تم الاتفاق على تشكيل اللجان وستبدأ عملها في العاشر من مارس (آذار) الجاري، ومن المفترض أن تنهي أعمالها حسبما تقرر قبل نهاية مارس أو قبل ذلك».

وردا على سؤال حول برنامج منظمة التحرير وهل يمكن أن تقبل به باقي الفصائل التي ستنضم إليها، خاصة حماس والجهاد الإسلامي.. قال صالح رأفت «تابعت باهتمام مقابلات الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس مع الصحافة وكل مقابلاته أكد فيها على حل الدولتين الذي هو برنامج منظمة التحرير، ولذلك فإنني أرى أن حماس تبنت عمليا سياسة حل الدولتين، وما عرف سابقا بخطة الدكتور أحمد يوسف القيادي البارز في حماس، بإقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة باتفاقه مع الإسرائيليين والسويسريين وهو دون أفكار منظمة التحرير بكثير، ولذلك شيء طبيعي أن من يشارك في منظمة التحرير يجب أن يقبل ببرنامجها والنظام الأساسي لها».

من جهته أكد خالد البطش القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي موافقة حركته على تشكيل حكومة توافق وطني بموافقة كافة الفصائل الفلسطينية، لكنها ما زالت على موقفها من عدم المشاركة في أية حكومات مقبلة، سواء كانت حكومة مؤقتة أو دائمة «لأننا نرفض أن يكون المظلة لأي سلطة سياسية فلسطينية هو اتفاق أوسلو». وأضاف البطش في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «إذا تغيرت هذه المظلة وهذه المرجعية للسلطة والحكومات، فإنه يمكن لنا أن نقبل بالمشاركة في الحكومة، لكن ليس معنى عدم مشاركتنا أننا لا نهتم.. نحن معنيون بحكومة سريعة تنهي الانقسام وتأخذ مهامها كاملة».

وردا على سؤال حول وجود عقبات أمام اللجان الخمس.. قال البطش «أعتقد أن الآليات التي وضعت لعمل اللجان لن تسمح لأحد بعرقلة عمل اللجان، حيث ستضم كل لجنة ممثلين لكل الفصائل، بالإضافة إلى مراقب مصري يراقب عمل اللجنة ليقول من أعاق العمل في اللجنة صراحة، لذلك أنا مطمئن».

وحول تشكيل هذه اللجان.. قال البطش «إن الباب مفتوح الآن أمام كل الفصائل للمشاركة في اللجان، لكن فتح وحماس باعتبارهما الفصيلين صاحبا المشكلة، اتفقتا على أن يكون لكل فصيل منهما ثلاثة أشخاص في كل لجنة حتى يستطيعوا اتخاذ أي قرار سريع لقطع الطريق على فكرة العودة للقيادة السياسية للتشاور، بل سيتخذ القرار داخل اللجنة ونعتقد أنه أفضل بكثير ويسرع الحوار».

إلى ذلك ذكرت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور موسى أبو مرزوق قام أول من أمس بزيارة سرية لمدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، لزيارة والدته لأول مرة منذ 30 عاما، قبل أن يعود في اليوم نفسه إلى المصر. وأضافت المصادر أن أبو مرزوق الذي ما زالت عائلته تعيش في مدينة رفح قد وصل معبر رفح الساعة السادسة من صباح الجمعة وغادره الساعة العاشرة ليلاً. وأكدت المصادر أن أبو مرزوق المقيم في دمشق توجه إلى بيت عائلته في المدينة الذي غادره قبل ثلاثين عاماً، حيث التقى أمه وأقاربه، إلى جانب قادة محليين في حركة حماس في المدينة. واستبعدت المصادر أن تكون الزيارة على علاقة بحدوث تطورات في ملف الجندي الإسرائيلي المختطف جلعاد شاليط، واتفاق التهدئة مع إسرائيل. وأضافت المصادر أنه لا داعي لقدوم أبو مرزوق للقطاع من أجل التباحث حول هذه القضايا على اعتبار أنه كان في القاهرة برفقة كل من الدكتور محمود الزهار والدكتور خليل الحية، وهما من أبرز قيادات الحركة في القطاع، منوهة إلى أن الاتصالات بين قيادة حماس في الخارج والداخل لا تتوقف. ورجحت المصادر أن تكون دوافع الزيارة عائلية، حيث كان أبو مرزوق رغب في رؤية والدته، مع العلم أن والده قد توفي قبل سنوات، إلى جانب الالتقاء بأشقائه وشقيقاته. من جانبها قالت مصادر أمنية مصرية، انه رافق أبو مرزوق ثلاثة أعضاء من وفد حركة حماس من الخارج الذي شارك في حوار المصالحة بين الفصائل الفلسطينية الذي عقد في القاهرة أخيرا وهم إسماعيل فتحي إدريس وناهض فايض ومحمد أحمد سعد. وأضافت أن عبور أبو مرزوق والوفد المرافق له تم بتنسيق أمني عال جدا.

يذكر أن شقيق أبو مرزوق الأكبر هو اللواء محمود أبو مرزوق الذي كان قائداً للدفاع المدني في السلطة الفلسطينية، وينتمي لحركة فتح. وكان أبو مرزوق قد غادر قبل ثلاثين عاما رفح لمصر لدراسة الهندسة، وبعدها توجه إلى الولايات المتحدة، حيث حصل على الماجستير والدكتوراه في الهندسة ومارس التدريس في الجامعات الأميركية، قبل أن يرحل إلى الأردن في التسعينات من القرن الماضي.