وكالة الطاقة الذرية: لا نستطيع استبعاد إخفاء إيران برنامجاً نووياً عسكرياً

مدير وكالة الطاقة السورية: دمشق ضحية

TT

قالت وكالة الطاقة الذرية أمس إنها لا تستطيع أن تستبعد احتمال أن تكون إيران تخفي نشاطات نووية عسكرية، داعية طهران إلى المزيد من الشفافية والتعاون. وحث المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي إيران على «كسر الجمود» بشأن ملفها النووي الذي يثير جدلا، معبراً عن أمله في أن يؤدي التغيير المحتمل في السياسة الأميركية تجاه إيران إلى ذلك. وقال البرادعي في خطابه الافتتاحي خلال اجتماع أعضاء مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا «أحث إيران مجدداً على تطبيق كل الإجراءات المطلوبة لبناء الثقة في ما يتعلق بالطبيعة السلمية حصراً لبرنامجها النووي في أقرب وقت ممكن وكسر جمود هذا الوضع». وأضاف «آمل أن تعطي المقاربة الجديدة التي عبرت عنها المجموعة الدولية للحوار مع إيران دفعاً جديداً لجهود حل هذه القضية المستمرة منذ فترة طويلة». ولم يأت البرادعي على ذكر الولايات المتحدة تحديداً لكنه كان يشير بوضوح إلى المؤشرات التي عبر عنها الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما بأنه مستعد للحوار مع إيران مباشرة لحل الأزمة. ومن المتوقع أن يستمر اجتماع مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية طوال الأسبوع.

ولم تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد ست سنوات من أعمال التفتيش من تحديد الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني بشكل نهائي. وتؤكد طهران أن برنامجها النووي المثير للجدل سلمي. وقد أكدت الوكالة في تقريرها الأخير حول هذه المسألة أن إيران لم توقف نشاطات تخصيب اليورانيوم التي يمكن أن تسمح بإنتاج قنبلة ذرية لكنها أبطأتها، وذلك رغم قرارات مجلس الأمن الداعية إلى تعليق تخصيب اليورانيوم. وعبر البرادعي عن الفكرة نفسها أمس. وقال إن «الوكالة لم تتمكن للأسف من إحراز أي تقدم حول المواضيع المتبقية التي تثير قلقاً حول الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامج إيران النووي بسبب نقص التعاون من قبل إيران». وقد أدى قيام إيران بإطلاق أول قمر اصطناعي في فبراير (شباط) وإعلانها أن أول مفاعل نووي لها في «بوشهر» قد يبدأ العمل خلال أشهر إلى تعزيز مخاوف الدول الغربية من انتشار الأسلحة الذرية. كما تثير التوقعات، بأن إيران قد تكون قادرة قريباً على صنع قنبلة ذرية، مخاوف أيضاً.

وحول أعمال تفتيش الوكالة في قضية سورية، حث البرادعي دمشق على تقديم معلومات إضافية حول الموقع المشبوه في الكبر الذي تزعم الولايات المتحدة أنه كان يضم مفاعلا نووياً سرياً إلى أن قصفه الطيران الإسرائيلي في سبتمبر 2007. وقال البرادعي إن «الوكالة تتوقع من سورية أن تقدم معلومات إضافية ووثائق مدعمة لها حول الاستخدام السابق وطبيعة المبنى في دير الزور». وسبق أن ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن فريقاً تابعاً لها عثر على مزيد من جزيئات اليورانيوم وعلى آثار مادة الغرافيت في الموقع. وأكدت سورية أن مصدر اليورانيوم هو القنابل الإسرائيلية، لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تأخذ بهذه التفسيرات. قال البرادعي أمس إن «تقييمنا الحالي هو أن هناك احتمالا ضئيلا بأن يكون مصدر اليورانيوم هو استخدام صواريخ». كما حث البرادعي سورية على تأمين الوصول إلى مواقع إضافية متصلة بهذه المسألة. وقال إن الوصول إلى تلك المواقع بالترافق مع «العينات من المعدات المدمرة وتلك التي أنقذت والحطام يعتبر أمراً أساسياً بالنسبة للوكالة لاستكمال تقييمها».

من ناحيته، ندد الدكتور إبراهيم عثمان، مدير وكالة الطاقة الذرية السورية، بما وصفه بـ«الكيل بمعيارين عند النظر للملف النووي السوري في وكالة الطاقة الذرية». وقال عثمان رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» على هامش اجتماعات الوكالة أمس: إن سورية سمحت للمفتشين الدوليين التابعين للوكالة بزيارة موقع دير الزور، وإن المفتشين زاروا الموقع وفتشوه وأخذوا ما أرادوا من عينات وقاموا بتحليلها ولم تُدَن سورية بشيء، مستغرباً استمرار التساؤلات والطلبات من قبل الوكالة للقيام بمزيد من الزيارات للموقع. وأوضح عثمان أن سورية «تواجه هجمة كبيرة»، مستنكراً «أن تكتفي الوكالة بجواب إسرائيلي وحيد ينفي أن تكون آثار اليورانيوم التي عثر عليها المفتشون في دير الزور تعود للصواريخ التي استخدمتها إسرائيل في ضرب المنطقة»، بينما تطالب الوكالة سورية (التي وصفها إبراهيم عثمان بالضحية) بأن تقدم إثباتات على براءة أنشطتها، مكرراً أن ذلك «الكيل بمكيالين». ورفض عثمان الرد على سؤال «الشرق الأوسط» حول المكان الذي نقلت إليه سورية ركام وحطام آثار المبنى المهدم، الذي تطالب الوكالة بالسماح لها بأخذ المزيد منه كعينات لمزيد من البحث والتقصي. وأوضح عثمان أنه ليس موظفاً عسكرياً وإنما هو مدني. وتابع: «أنا زلمة مدني، موظف يدير وكالة تهتم بالقضايا المدنية، والاستخدامات السلمية للطاقة». وقال عثمان إن سورية أجابت كتابياً عن كل أسئلة الوكالة في رسالة بتاريخ 15 فبراير (شباط) الماضي، ولم يعد عندها ما تضيفه، مطالباً بعدم تسييس الأمور.

وفي اليوم الأول من اجتماعات وكالة الطاقة، ركز البرادعي على ضرورة الإسراع في تكملة ما بدأ من مشروع لإنشاء «بنك نووي» يخزن اليورانيوم منخفض التخصيب، ولا يحرم الدول من حقها في استخدام سلمي للطاقة، بل يوفر لها مخزوناً مضموناً تحت إشراف عالمي بعيداً عن أية ميول سياسية. وأوضح البرادعي أن المشروع رصد له حتى الآن مبلغ 50 مليون دولار من حكومة الولايات المتحدة الأميركية، و10 ملايين من دولة الإمارات العربية المتحدة، و25 مليوناً من الاتحاد الأوروبي، و5 ملايين من النرويج. وسيناقش مجلس الحكام خلال اجتماعهم أيضاً مسألة تعيين خلف للبرادعي الذي تنتهي ولايته الثالثة من أربع سنوات على رأس الوكالة في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) ولم يترشح لولاية رابعة.

وتقدم مرشحان رسمياً لهذا المنصب هما السفير الياباني يوكيا امانو والسفير الجنوب أفريقي عبد الصمد مينتي.