مسؤول فرنسي: طلبنا من اليمن التدخل لمعرفة سبب تأخر سورية بإرسال سفيرها إلى بيروت

باريس تدعو اللبنانيين للمحافظة على مناخ «الحوار والتفاهم»

TT

رحبت باريس أمس ببدء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أعمالها في ضاحية ليشندام القريبة من لاهاي، بموجب القرارين الدوليين الصادرين عن مجلس الأمن، اللذين يحملان الرقم 1757 و1852. وجاء في بيان صدر عن الخارجية الفرنسية أن انطلاق المحكمة يشكل «مرحلة حاسمة» في ملاحقة قتلة رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري ورفاقه، وخصوصا لوضع حد «للإفلات من العقاب». وأعربت باريس عن أملها بـ«إلقاء كامل الضوء» على جريمة اغتيال الحريري، وعلى الأحداث المتصلة بها. وفيما وصفت المحكمة بأنها هيئة قضائية «مستقلة و محايدة»، شددت على استعدادها لتوفير كامل الدعم لها عملا بالقرار الدولي رقم 1852 الصادر في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الذي يدعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للتعاون مع مكتب الإدعاء الدولي.

وذكرت باريس بالتزامها تقديم مساهمة مالية سنوية للمحكمة قيمتها 1,5 مليون يورو في العام، وذلك للسنوات الثلاث الأولى من عمرها. بموازاة ذلك، دعت باريس المسؤولين السياسيين اللبنانيين للمحافظة على مناخ «الحوار والتفاهم»، الذي عاد إلى لبنان مع اتفاق الدوحة الربيع الماضي، وذلك من أجل تعزيز حال «الاستقرار واحترام المعايير الديمقراطية وتدعيم استقلال لبنان وسيادته وسلامة أراضيه»، التي أعربت، كما المجموعة الدولية، عن «تمسكها» بها.

وقالت مصادر فرنسية رسمية إنه ستتاح للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الفرصة للتأكيد على دعم فرنسا للبنان بمناسبة زيارة الدولة، التي سيقوم بها الرئيس اللبناني ميشال سليمان يومي 16 و17 الجاري إلى العاصمة الفرنسية. وترى باريس أن المحكمة الدولية «خرجت من دائرة التصارع الداخلي والخارجي ولم يعد بإمكان أي طرف وقف مسارها أو التأثير على عملها». وأفادت المصادر المشار إليها، أن باريس ستؤكد مجددا للرئيس سليمان «دعمها التام له»، وهي لا تفوت فرصة للثناء على أدائه، وهي تقول عنه إنه «عرف أن يكون فوق الصراعات الداخلية وأن يبقى بعيدا عن لعبة المحاور» العربية والإقليمية. وأفادت المصادر الفرنسية الرسمية أن ساركوزي وسليمان، سيعمدان إلى «مراجعة ملف العلاقات اللبنانية - الفرنسية من زاوية الالتزامات، التي قطعتها دمشق على نفسها» بموجب «خريطة الطريق الفرنسية – السورية»، التي اتفق عليها الرئيسان ساركوزي، والسوري بشار الأسد في باريس في يوليو من العام الماضي، ودمشق سبتمبر من العام الماضي. وقال مصدر رسمي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط»، إن باريس «لم تحصل بعد على جواب مقنع» من السلطات السورية حول سبب تأخير تعيين وإرسال سفير لها إلى العاصمة اللبنانية. وعلمت «الشرق الأوسط» أن فرنسا كلفت الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، بأن «يستكشف» سر تأخر دمشق بإرسال سفيرها، علما أنها تردد أن دمشق «لعبت دورا إيجابيا» في لبنان ما أدى إلى معاودة تطبيع العلاقات الفرنسية - السورية.

و ينتظر أن يطرح الرئيس الفرنسي على نظيره اللبناني مشروع باريس، القاضي بالدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط «في الأشهر القليلة المقبلة» وهي الفكرة التي عرضها ساركوزي للمرة الأولى في مصر، في شهر يناير الماضي في وقت الحرب الإسرائيلية على غزة. و تريد باريس «الإسراع» في ترجمة هذا الطرح إلى واقع.

غير أنها مقيدة الحركة حتى الآن بسبب عدم وجود حكومة إسرائيلية. و تتأرجح باريس بين طرحين، الأول يعود للرئيس ساركوزي، الذي «لا يخشى» وجود زعيم الليكود بنيامين نتنياهو على رأس الحكومة، «لأن اليمين هو الذي أقام السلام مع العرب»، في إشارة إلى مناحم بيغن مع مصر و آرييل شارون، الذي انسحب من غزة. غير أن كبار المسؤولين في الخارجية، المولين ملف الشرق الأوسط وجهة نظر مخالفة، يرون أن المرحلة الراهنة هي «الأكثر ظلامية»، مبدين بذلك تخوفهم من حكومة يمينية إسرائيلية «تطبق برنامجا إيديولوجيا» يقضي على فرص السلام في المنطقة.