سعود الفيصل يبحث مع وزراء خارجية أميركا وبريطانيا والنرويج سبل دفع عملية السلام وجهود إعمار غزة

على هامش مؤتمر شرم الشيخ

الامير سعود الفيصل يتحدث الى هيلاري كلينتون امس ( إ ب أ)
TT

أجرى الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، أمس، جملة من اللقاءات على هامش مؤتمر إعادة إعمار غزة الذي عقد أمس بمدينة شرم الشيخ المصرية، فقد التقى مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون، وبحث معها مختلف القضايا الدولية والإقليمية الراهنة وفي مقدمتها عملية السلام في المنطقة وسبل دفع عملية السلام المتوقفة حاليا، وكيفية كسر جمودها في ظل التطورات الحالية.

وجدد الفيصل في اجتماعه مع كلينتون مواقف بلاده الثابتة تجاه القضايا المطروحة وسعيها من أجل السلام عن طريق تحقيق متطلبات مبادرة السلام العربية، إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها في مختلف المجالات. واستقبل الفيصل المبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام بالشرق الأوسط جورج ميتشيل، وناقش معه دور الإدارة الأميركية الجديدة في عملية إحياء مسار السلام الفلسطيني الإسرائيلي ودعم مبادرة السلام العربية والجهود الدولية لإعادة إعمار غزة خاصة، وإعادة تأهيل الاقتصاد الفلسطيني عامة. وبحث الأمير سعود الفيصل الذي ترأس وفد المملكة العربية السعودية إلى مؤتمر شرم الشيخ، مع وزراء الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند والعماني يوسف بن علوي بن عبد الله والإسباني ميغيل موراتينوس، المواضيع المدرجة على جدول أعمال المؤتمر والجهود الدولية لإعادة إعمار غزة ودعم الاقتصاد الفلسطيني وآليات تنفيذ برامج ومشروعات إعادة الإعمار بما يضمن تحقيق النتائج المرجوة من المؤتمر وتحسين سبل إعاشة الشعب الفلسطيني وإنهاء معاناته.

وناقش الفيصل مع وزير خارجية النرويج يوناس جار ستوير، سبل وجهود إعادة إعمار غزة وآليات دعم الاقتصاد الفلسطيني واستقبال مساهمات الدول والجهات المانحة المقدمة للفلسطينيين وكيفية تحويل هذه المساهمات إلى برامج ومشروعات لإعادة الإعمار في غزة وتأهيل الاقتصاد الفلسطيني.

يذكر أن النرويج تتولى رئاسة لجنة الارتباط لدعم الاقتصاد الفلسطيني، كما تتولى مع مصر الرئاسة المشتركة لمؤتمر شرم الشيخ الدولي لإعادة إعمار غزة.

من جهة أخرى بعث سعود الفيصل رسالة لوزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربى،حول التنسيق بين الدول العربية المطلة على البحر الأحمر لمكافحة عمليات القرصنة قبالة سواحل الصومال وتداعياتها السلبية على حركة الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن. وسلم الرسالة علي بن محمد الحمدان سفير السعودية باليمن.

وأوضح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي أن الأموال الممنوحة للفلسطينيين من أجل إعادة إعمار غزة ستصرف إذا لم يكن هناك ما يعوق صرفها، مشيرا إلى أن بلاده كونت آلية لتقديمها عن طريق الصندوق السعودي للتنمية بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية والمنظمات الدولية الموجودة على الأرض لإدخال المواد المطلوبة واختيار المشروعات التي سيتم تنفيذها. وأكد الفيصل في تصريح صحافي أمس بمدينة شرم الشيخ المصرية، على أن إدخال المواد والأجهزة اللازمة للبناء لن يتأتى إذا كانت هناك معارضة لإدخالها «لكن هناك ما هو أهم من ذلك، وهو ما إن تنتهي هذه المشاريع المقصود بها رفع مستوى معيشة الشعب الفلسطيني، فإنها إذا ما بنيت تهدم مرة ثانية، لذلك يجب أن تكون هناك ضمانات لعدم تكرار ذلك».

وأضاف القول «لقد ذكرت في الكلمة التي ألقيتها اليوم بالمؤتمر أن كل الأمور مرتبطة ببعضها البعض، فالتنمية مرتبطة بالأمن، والأمن مرتبط بالسلام، والسلام مرتبط بالتنمية، وهكذا، لذلك على هذا المؤتمر أن يغطي كل هذه الجوانب، إذا كان هناك أمل أن تسير الأمور على ما يجب أن تسير عليه».

وعن وجود تنسيق مع الدول المشاركة في المؤتمر للتوصل إلى تذليل لهذه التحديات، قال الأمير سعود الفيصل «إن هذا الأمر هو المطلوب. وهو ما دعونا إليه كل من يريد أن يرى تنمية حقيقية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية»، مؤكدا أنه «إذا كان الإسرائيليون يستغلون الظروف للقضاء على ما يتم بناؤه لرفع مستوى معيشة الفلسطينيين، فهذا أمر في غاية الخطورة، وبالتالي على هذا المؤتمر أن يضع الضمانات الكفيلة بالتنفيذ، وهذا لن يتأتى إلا بتضافر الجهود الأوروبية وجهود الولايات المتحدة الأميركية».

وفي كلمته أمام المؤتمر قال الفيصل أن المملكة تهيب بجميع الأشقاء الفلسطينيين احتواء الخلافات الداخلية وتغليب المصلحة الوطنية وحماية الوفاق الوطني واللجوء إلى الحوار لحل الخلافات حفاظا على وحدة الشعب الفلسطيني واستقلالية قراره السيادي باعتباره طريق تحقيق التطلعات والآمال. وأعرب الأمير سعود الفيصل عن استعداد المملكة كما هي دائما للمساهمة الفاعلة في كل ما يسهم في تحقيق التطور والنماء لفلسطين والشعب الفلسطيني. واستعرض الأمير سعود الفيصل آثار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وفرض سياسة الإغلاق والتعسف والاستيطان وجعل السلام بعيد المنال. واعتبر سياسة إسرائيل متعارضة تماما مع كل ما اتفق عليه منذ اتفاق أوسلو لعام 1993 وحتى مؤتمر انابوليس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007 .

ووصف الوضع في قطاع غزة بكارثة إنسانية حيث تقديرات البنك الدولي تشير إلى أن غالبية الشعب الفلسطيني تعيش تحت خط الفقر مع تدهور كبير ومستمر لكافة المؤشرات الاجتماعية في الأراضي الفلسطينية مع انهيار تام للاقتصاد.

وأشار الفيصل إلى المبادرة العربية التي انطلقت في بيروت عام 2002 ولم تجد أي تجاوب من إسرائيل. وأضاف أنه كما قال خادم الحرمين الشريفين إن الخيار بين الحرب والسلام لن يكون مفتوحا في كل وقت وإن مبادرة السلام العربية المطروحة على الطاولة اليوم لن تبقى على الطاولة إلى الأبد. وتحدث عن منحة مليار دولار التي أعلن عنها خادم الحرمين في القمة الاقتصادية والاجتماعية في الكويت كمساهمة من المملكة في جهود إعادة الإعمار. وأوضح أن تقديم هذه المساهمة سوف يتم عن طريق الصندوق السعودى للتنمية. وأضاف أن الصندوق سينسق مع الجهات المانحة الأخرى في إطار الآليات المعتمدة في هذا الشأن، مؤكدا أن ذلك يأتي أيضا في سياق ما أطلقته دول مجلس التعاون الخليجي من برنامج لإعادة إعمار غزة. ولفت الأمير سعود الفيصل إلى أن إعادة إعمار غزة لن تكون مجدية أو مفيدة في ظل افتقار الأمن والاستقرار. وقال «إنه من غير المقبول أن يتم الإعمار وتأتي إسرائيل لتدمر ما بني وتحيله إلى ركام». ودعا الفيصل المجتمع الدولي لتحمل المسؤولية وتحميل إسرائيل التبعات القانونية والمالية لعدوانها وعدم النظر بمعايير مزدوجة.

وقال الفيصل إن السلام والاستقرار والتنمية أبعاد متلازمة ومترابطة ولا يمكن تحقيق بعد منها دون آخر ويتطلب تعاون كافة الأطراف الإقليمية والدولية لتحقيقها. ودعا الفيصل المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته نحو تحقيق السلام المنشود وناشد كل الأطراف الفلسطينية تحمل المسؤولية وطمأنة المانحين من أن الأموال التي يسهمون بها والجهود التي سيبذلونها ستجد البنية المستقرة والملائمة لاستثمارها بكل الفعالية والكفاءة لفائدة الإنسان الفلسطيني.