«الاشتراكية».. تهمة يستخدمها الجمهوريون في مواجهة الديمقراطيين

حلت محل الليبرالية في هجوم اليمين على الإدارة الجديدة

TT

ربما يسعى المحافظون في الوقت الراهن للالتفاف حول زعيم روحي ومبدأ تنظيمي وهوية جديدة، لكن يبدو أنهم استقروا على الأقل على شعار خطابي مفضل لإثارة الرعب في النفوس: الاشتراكية. ويتهم هؤلاء المحافظون أعضاء الحزب الديمقراطي بتعمد فرض الاشتراكية على الولايات المتحدة. وعلى ما يبدو، فإن «الاشتراكية» حلت محل «الليبرالية» كلفظ سباب مفضل بين الكثيرين داخل عالم محافظ يجابه عددا من قرارات تقديم إعانات مالية للمصارف وأزمات في الميزانية ومشروعات قوانين ترمي لتحفيز الاقتصاد. ويلجأ المدونون والمحاورون بالبرامج الإذاعية ممن يميلون نحو اليمين إلى ترديد لفظ الاشتراكية على نحو مفرط، وكذلك الحال مع الجمهوريين داخل مجلسي النواب والشيوخ. على سبيل المثال، صرح السيناتور الجمهوري جيم ديمينت، عن ساوث كارولينا، يوم الجمعة، قائلاً: «في وقت سابق من الأسبوع، استمعنا إلى أفضل مروجي الفكر الاشتراكي على مستوى العالم وهو يخاطب الأمة»، في إشارة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما. أما مايك موكابي، حاكم أركنساس السابق، فندد بخلق «جمهوريات اشتراكية» داخل الولايات المتحدة. واستطرد قائلاً في إطار خطاب ألقاه أمام مؤتمر العمل السياسي المحافظ، انعقد في عطلة نهاية الأسبوع: «هذا الأمر كان سيروق للينين وستالين»، في إشارة إلى رئيسي الاتحاد السوفياتي السابقين. وأكد جوشوا بولين، من مدينة أوغستا بولاية جورجيا، أن: «تعد الاشتراكية اتهاماً جديداً بالنسبة لنا نوجهه إلى أوباما». يذكر أن بولين أنشأ موقعا على شبكة الانترنت يحمل اسم الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان يصفه بأنه مناظر محافظ للموقع الليبرالي، «موف اون».

بطبيعة الحال، ليس هناك من جديد بخصوص «الاشتراكية»، أو استعداد المحافظين لاتهام المعارضة على نحو متكرر بانتهاجها، تماماً مثلما سبق وأن فرض الليبراليون على المحافظين نعوتاً مثل «فاشستيين» و«أصوليين» و«بلوتوقراطيين» وما شابه ذلك على امتداد عقود عدة. لكن شعار الاشتراكية المرعب عاد للظهور بقوة بعد فترة طويلة من الخمول. وترجع بداية الحقبة المعاصرة من إثارة الاتهامات بانتهاج الاشتراكية إلى حملة الانتخابات الرئاسية بين أوباما والمرشح الجمهوري جون ماكين، حيث اتهم ماكين، والمرشحة لمنصب نائب الرئيس، سارة بالين، حاكمة ألاسكا، أوباما مراراً بالرغبة في «نشر الثروة»، وهي عبارة قالها أوباما خلال حوار بينه وبين «سباك» من أوهايو، يدعى جو. وتحولت «الاشتراكية» إلى لفظ يعاد ذكره مراراً وتكراراً في الاجتماعات الحاشدة التي عقدها ماكين وبالين. وجاء الحراك الأول لأوباما على الصعيد المالي لتغذي مجدداً إدعاءات المناهضين للاشتراكية، زاعمين أن تحذيراتهم ومخاوفهم حيال انتهاج أوباما للاشتراكية بدأت تتحقق بالفعل. وجاءت موجة التطورات الاقتصادية التي شهدها الأسبوع الماضي ـ من إقرار لميزانية الإدارة الجديدة وسيطرتها الجزئية على مصرف كبير آخر ـ بمثابة توقيت ملائم لعقد مؤتمر العمل السياسي المحافظ، الذي امتد من الخميس إلى السبت الماضي، ما منح المحافظين الفرصة لإعادة التأكيد مجدداً على اتهامهم المتكرر لأوباما. ومن جهته، علق تشارلز غيست، المؤرخ المالي في «مانهاتن كوليدج»: استخدم اليمين لفظ «اشتراكي» ضد الرئيس فرانكلين روزفلت طوال عقد الثلاثينات. ولم يكن من الغريب إشارة البعض له خلال تلك الفترة باعتباره الرفيق روزفلت». وأوضح غيست أنه رغم إثارة الاتهام باتباع سياسات اشتراكية على نحو متكرر حالياً، فإن هذا الاتهام المدوي تضاءل تأثيره عن ذي قبل. ويتفق مع هذا الرأي بيرني ساندرز ـ عضو مجلس الشيوخ الأميركي من ولاية فيرمونت، الذي يعلن صراحة إيمانه بالاشتراكية، حيث أوضح أن «الاشتراكية» جرى استغلالها كاتهام جاهز لوصم آخرين لارتباطه بنمط الشيوعية الذي انتهجه الاتحاد السوفياتي. وأشار مات كيب، رئيس فريدموركس، وهي جماعة ضغط محافظة، إلى أن: «الأميركيين بطبيعتهم يعارضون الاشتراكية».

* خدمة «نيويورك تايمز»