الأمير سعود الفيصل يدعو إلى رؤية عربية مشتركة للتعامل مع «التحدي الإيراني»

موسى يرعى لقاء لوزراء خارجية مصر والسعودية وسورية لتنقية الأجواء قبل الاجتماع الرسمي

الأمير سعود الفيصل يقف فيما بدا عمرو موسى يصافح المفوضة الأوروبية فيريرو فالدنر خلال لقاء بمقر الجامعة العربية في القاهرة أمس (رويترز)
TT

دعا الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الدول العربية إلى وضع «رؤية مشتركة» للتعامل مع «التحدي الإيراني» للأمن العربي في افتتاح اجتماعات وزراء الخارجية العرب أمس. وهيمنت قضايا المصالحة العربية، والإعداد الجيد لقمة الدوحة نهاية الشهر الجاري، والحوار الوطني الفلسطيني، والتطورات على الساحة السودانية، والتعامل مع التحدي الإيراني، في ما يتعلق بالملف النووي وأمن منطقة الخليج، وإقحام أطراف خارجية في الشؤون العربية سواء في العراق أو فلسطين أو لبنان، على أعمال دورة الاجتماعات الـ131 لوزراء الخارجية العرب، التي بدأت ظهر أمس في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، برئاسة وزير الدولة السوداني للشؤون الخارجية علي كرتي ومشاركة 21 وزيرا.

ودعا الأمير سعود الفيصل في كلمته بالجلسة الافتتاحية إلى تحقيق المصالحة العربية وبناء رؤية مشتركة لمواجهة التحديات التي تتعرض لها المنطقة، كما تحدث عن أهمية المصالحات العربية والفلسطينية والإعداد الجيد للقمة العربية.

واعتبر الأمير سعود أن جهود «المصالحة العربية والفلسطينية لن يكرسها ويدعمها إلا توفر رؤية موحدة ومشتركة إزاء القضايا ذات المساس المباشر بالأمن العربي، مثل النزاع العربي - الإسرائيلي والتعامل مع التحدي الإيراني سواء في ما يتعلق بالملف النووي أو أمن منطقة الخليج أو إقحام أطراف خارجية في الشؤون العربية سواء في العراق أو فلسطين أو في الساحة اللبنانية».

وأشار الوزير السعودي إلى الجهود المصرية التي «أثمرت التوصل إلى اتفاق نأمل أن يعيد اللحمة بينهم (الفلسطينيين)»، مؤكدا: «إننا نتطلع إلى حكومة وحدة تتحدث باسم كل الفلسطينيين ويمكنها أن تفرض على الأطراف الدولية التعامل معها كمؤسسة متجانسة لا تسمح بإمكانية انتقائية التعامل مع أعضائها». وتبدأ الفصائل الفلسطينية محادثات في القاهرة في العاشر من الشهر الجاري من أجل الاتفاق على تشكيل حكومة توافق وطني قبل بداية أبريل (نيسان) المقبل.

وفي ما يتعلق بمبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت العربية في عام 2002، اعتبر الأمير سعود أن «التخلي عن هذه المبادرة في ظل ميزان القوى السائد وطبيعة الواقع العربي المتأزم لن يساعد مطلقا على تحسين هذا الواقع أو إنهاء تأزمه، بل سيمثل إلغاء المبادرة نوعا من إلحاق الأذى بالنفس في غياب البديل الأفضل».

وأضاف: «إن المبادرة العربية للسلام واجهت جملة من التحديات والصعوبات خلال العمل على ترويجها وتبنيها كأساس لحل النزاع العربي - الإسرائيلي نتيجة استمرار تعنت إسرائيل وتجاهلها أسس ومتطلبات العملية السلمية، وهو ما أدى إلى ظهور شعور متزايد بالإحباط أدى إلى بروز أصوات تطالب بالتخلي عن المبادرة دون إيجاد استراتيجية بديلة للتعامل مع النزاع».

وشدد وزير الخارجية السعودي على أهمية المصالحة العربية، قائلاً: «إن خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة الكويت الاقتصادية شكل علامة هامة في السياسة العربية، حيث جاء هذا الخطاب ليحول دون غرق القمة في متاهات الفرقة والاختلاف، وإحياء الشعور بأن الوقت قد حان لتجاوز الخلافات والانقسامات التي كانت وما زالت تمثل عونا لكل من يريد الإساءة إلى العرب».

وأوضح أنه تم إجراء العديد من الاتصالات والجهود في أعقاب قمة الكويت بهدف ترجمة رؤية خادم الحرمين الشريفين حول العلاقات العربية إلى واقع ملموس، حيث قام الأمين العام للجامعة بجهود مكثفة لتنقية الأجواء، كما طرأ تحسن ملموس في هذه العلاقات، ومن بينها الاتصالات الإيجابية القائمة بين الرياض ودمشق والتي من شأنها دعم مسيرة المصالحة العربية عموما.

وأعرب الأمير سعود الفيصل عن أمله أن تبلغ المصالحة الفلسطينية هدفها بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتحدث باسم كل الفلسطينيين وتتجنب المصير الذي انتهت إليه حكومة ما بعد اتفــاق مكة المكرمة، وبما يمكنها من أن تفرض على كل الأطراف الدولية التعامل معها كمؤسسة متجانسة لا تسمح بإمكانية انتقائية التعامل مع أعضائها.

وأعرب الأمير سعود عن أمله أن يشكل اتفاق حسن النوايا وبناء الثقة الذي تم توقيعه في الدوحة مؤخرا بين الفصائل المتنازعة في دارفور دعما للجهود العربية والدولية الرامية على حل الأزمة في هذا الإقليم.

وتشير المعلومات إلى تحرك مصري - سعودي قوى باتجاه المصالحة العربية وتنقية الأجواء خصوصا بعد اللقاء الإيجابي الذي انعقد صباح أمس بين وزراء خارجية مصر وسورية والسعودية بدعم ورعاية الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي أكد في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» وجود تطورات إيجابية ومهمة في العلاقات العربية - العربية، قبل انعقاد قمة الدوحة.

وتفيد التوقعات باتجاه لعقد قمة بين قادة دول السعودية ومصر وسورية، وقد ينضم إليها قطر في الرياض، وإن كانت المصادر لم تنفِ أو تؤكد هذا الاجتماع، لكن البعض توقع زيارة يقوم بها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إلى دمشق للإعداد لقمة مصغرة قبل قمة الدوحة أو الاتفاق على عقدها في أثناء قمة الدوحة.

وكانت اجتماعات مجلس الجامعة قد بدأت بكلمة لرئيس الدورة الحالية وزير الدولة السوداني علي كرتي، الذي طالب بضرورة نبذ الفرقة العربية في إطار مبادرة خادم الحرمين الشريفين، مؤكدا أن السودان كرئيس لهذه الدورة سيدعم هذه الجهود لرأب الصدع.

وأشار كرتي إلى أن هذا الاجتماع يُعقد وسط تطورات تشهدها المنطقة، ومنها جهود مصر لتحقيق المصالحة الفلسطينية، مؤكدا على ضرورة توحيد الصف الفلسطيني لمواجهة تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة. ومن جانبه، أكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي، أن الوضع العربي العام يشهد تنسيقا حاليا لاحتواء الخلافات العربية والحيلولة دون استمرار أو تصاعد هذه الخلافات.

وقال موسى إنه وجّه رسائل إلى وزراء الخارجية العرب منذ فترة تضمنت مقترحات محددة لمناقشتها تمهيدا لعرضها على قمة الدوحة لصياغة موقف عربي موحد من التحديات العديدة التي تواجه المنطقة. وتوقع موسى ترميم الوضع العربي قبل قمة الدوحة وذلك في إطار مبادرة خادم الحرمين الشريفين لتكون قمة الدوحة فاعلة.

ومن جهة أخرى، عقد مجلس السلم والأمن العربي اجتماعا له صباح أمس على المستوى الوزاري للدول الخمس الأعضاء، وهي السعودية رئيسا، وسوريا والسودان وجيبوتي والجزائر، وحضور الأمين العام للجامعة العربية، وذلك للنظر في كيفية تفعيل المجلس كآلية عربية لفض وتسوية المنازعات بالطرق السلمية.