مصادر دبلوماسية فرنسية: قمة دولية للسلام قريبا.. والمبادرة العربية مخرج لحماس

قالت إن قطار المحكمة الدولية لن يقف.. وإسرائيل لن تسمح بقنبلة نووية إيرانية

TT

أفادت مصادر دبلوماسية فرنسية أن باريس تعول على عقد قمة دولية للسلام في الشرق الأوسط «ربما في الأسابيع القادمة أو الشهر القادم»، بغرض تحديد مواقف الأطراف وإعطاء دفع سياسي ودبلوماسي لمسألة السلام.

ووفق التصور الفرنسي، فإن مؤتمر باريس لن يكون بالضرورة المكان الذي ستجرى فيه المباحثات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، أو بين الأطراف الأخرى وإسرائيل، أي سورية ولبنان، كما لا يتعين الخلط بينه وبين المؤتمر الذي تسعى روسيا لالتئامه في موسكو استمرارا لمسار أنابوليس. وسبق للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن أشار إليه في شرم الشيخ يوم الأحد الماضي عندما تحدث عن مؤتمر سلام في «عاصمة أوروبية»، في إشارة خفية إلى باريس. وتصر موسكو على انعقاد المؤتمر الذي كان من المقرر أن يلتئم الربيع الماضي في العاصمة الروسية في شهر أبريل (نيسان) أو مايو (أيار)، استكمالا لمؤتمر أنابوليس. ولا ترى باريس في ذلك غضاضة، بل إنها ترى من الفائدة استكمال كل ذلك بمؤتمر آخر يُعقد هذه المرة في العاصمة الأميركية. وحتى الآن، لا تنتظر باريس «لأسباب داخلية» تغيرات سريعة في المواقف السياسية الأميركية من حركة حماس وكيفية التعاطي معها، حيث ما زالت واشنطن تتمسك بالشروط الثلاثة التي فرضتها اللجنة الرباعية عليها، في الوقت الذي تكتفي فيه باريس بمطالبة حماس بالاعتراف بمبادرة السلام العربية شرطا لفتح الخطوط معها. وفي النظرة الفرنسية «سيكون من الأسهل» على حماس قبول المبادرة العربية التي تنص ضمنا على الاعتراف بإسرائيل من إعلان تخليها عن النضال المسلح أو الاعتراف بإسرائيل مباشرة. وبكلام آخر، تقدم فرنسا «مخرجا» لحماس وطريقة لتسهيل المصالحة الفلسطينية وقيام حكومة وحدة وطنية تضم كل الأطراف الفلسطينية، أن تكون هذه الأطراف راضية عنها أو داعمة لها، كما أنها «تقدم خدمة» للرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وأشارت المصادر الدبلوماسية الفرنسية إلى أنها «تلمس» تغيرا في المقاربة الأميركية وتحديدا من قبل الوزيرة هيلاري كلينتون التي ترى أنه «لا يمكن انتظار الولاية الثانية للرئيس أوباما للاهتمام بالشرق الأوسط والحل»، كما أن كلينتون «تؤمن بضرورة قيام دولتين» فلسطينية وإسرائيلية، كما تصر على «وقف الاستيطان»» الإسرائيلي في الضفة الغربية.

أما في موضوع آلية صرف الأموال لإعادة إعمار غزة، فإن باريس ترى أن قيام حكومة وحدة وطنية هو «الحل الأسلم». ولكن في حال تعذره، فثمة «إمكانية لتمويل إعادة البناء من غير المرور بحماس، رغم أن هذه الأخيرة موجودة على الأرض». ومن الأمثلة على ذلك الهلال الأحمر الفلسطيني والآلية الأوروبية وغير ذلك. ورأت هذه المصادر أنه سيكون «صعبا» على حماس حرمان سكان غزة من المساعدات أو الوقوف بوجه إعادة إعمارها.

وفي الموضوع اللبناني وبعد انطلاقة المحكمة الدولية، ترى المصادر الفرنسية أن للمحكمة المذكورة وظيفتين متلازمتين: إظهار أن زمن الإفلات من العقاب في المنطقة قد انتهى إلى غير رجعة، ومحاكمة من تعتبره المحكمة مسؤولا عن جريمة اغتيال الحريري، وفي ذلك رسالة «رمزية» إلى أهالي الضحايا. والوظيفة الثانية أن المحكمة لها «وظيفة ردعية». ورغم أنه «ليس من المؤكد» أنها ستمنع أي عملية اغتيال إضافية في لبنان، فإنها ستجعل المخططين لهذه الجرائم «يترددون» في جرائمهم، خصوصا أن للمحكمة «دينامية» متنامية ستفرض نفسها كواقع لا يرد. وفي هذا السياق، طمأنت المصادر الفرنسية مجددا إلى أن قطار المحكمة «لم يعد بالإمكان وقفه حتى لو أردنا التأثير على المحكمة». ومن هذا المنظور، تعتبر باريس أن «عقد صفقة ما» لإجهاض عمل المحكمة «أمر لا يمكن أن يحصل»، لأن هذه «طبيعة العدالة الدولية». غير أن «القلق» الفرنسي يتناول الموضوع الانتخابي، حيث إن باريس «لا تخاف من مرحلة ما قبل أو في أثناء الانتخابات، بل بعدها» في إشارة إلى إمكانية أن يرفض طرف أو آخر نتائج الانتخابات، ما سيكون من شأنه تخريب حالة التوافق الراهنة في لبنان التي أفرزها اتفاق الدوحة. وأشارت المصادر الفرنسية إلى أن باريس تقوم بإرسال «إشارات» حول هذه النقطة، بما في ذلك إلى السلطات السورية التي تتحاور معها «لدفعها إلى إقناع من تستطيع إقناعهم بقبول ما سيخرج من صندوق الاقتراع وبالابتعاد عن المواقف السلبية». وكشفت المصادر الفرنسية أن باريس «شجعت» الإدارة الأميركية الجديدة على فتح حوار مع السلطات السورية، وأنها بدورها «شجعت» في الانفتاح على دمشق من قِبل قطر وإسرائيل. وربطت بين الموقف الإسرائيلي الداعي إلى فك الحصار الدبلوماسي والسياسي عن دمشق وبين المفاوضات غير المباشرة التي كانت قائمة بين تل أبيب ودمشق عبر تركيا.

وفي الموضوع النووي السوري، تلتزم باريس موقفا «خجولا»، فهي من جهة «ترفض المقارنة» بين البرنامج النووي الإيراني وما يزعم عن برنامج نووي سوري برز إلى العلن مع قصف إسرائيل لموقع الكبر القريب من دير الزور، كما أنه تُرفض المقارنة بين «الخطر» الذي يمثله البرنامجان. وفي المقابل، فإن باريس تدعو سورية إلى التعاطي بشفافية والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية التي أبدت رغبتها بالقيام بتحقيقات إضافية في دمشق، ولكن لم يلقَ طلبها تجاوبا سوريّا.

وتميل باريس إلى الرأي الأميركي القائل إن طهران تقترب من «الحافة» النووية، أي تمكن طهران من التكنولوجيا التي تؤهلها لصناعة القنبلة النووية إذا أرادت. وبحسب مصدر فرنسي رسمي عالي المستوى، فإن القنبلة النووية الإيرانية «لن ترى الوجود، لأن إسرائيل لن تسمح لها بذلك».