أبو فاعور لـ«الشرق الأوسط»: هناك تدخل سوري في تركيب بعض اللوائح وصندوق مالي للانتخابات اللبنانية

نبه إلى أن جنبلاط ليس قادرا على ضبط الوضع الأمني في كل مرة

TT

كشف وزير الدولة اللبناني لشؤون مجلس النواب وائل أبو فاعور عن «وعود سورية» أُعطيت لأطراف إقليمية ودولية بتمرير استحقاق الانتخابات البرلمانية في يونيو (حزيران) المقبل بهدوء وسلام، لكنه استدرك أنه لا يصدق هذه الوعود استنادا إلى «معطيات» تلمسها قوى الأكثرية البرلمانية التي ينتمي إليها. وقال أبو فاعور الذي ينتمي إلى كتلة النائب وليد جنبلاط البرلمانية إنه توجد تدخلات سورية و«أخطار جدية تهدد سلمية الانتخابات المقبلة». وأكد وجود «تدخل سوري مباشر في تركيب عدد من اللوائح الانتخابية وعقد بعض التحالفات وإدارة سياسية أمنية للانتخابات اللبنانية من سورية»، مشيرا إلى «صندوق مالي مشترك لإدارة الانتخابات تُسهِم فيه أكثر من دولة إقليمية بإدارة سورية».

واعترف أبو فاغور في حوار مع «الشرق الأوسط» ببيروت بوجود «قضايا خلافية (بين قوى 14 آذار) يجري التداول حولها لتذليلها في ما يتعلق بالانتخابات»، لكنه أكد أن حجم الاختلافات ليس كبيرا، ونفى بشدة إمكان أن يؤدي «الغزل السياسي» بين جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه بري إلى توافق أو تفاهم انتخابي، مؤكدا أن جنبلاط «لن يذهب في أي خيار انفرادي بمعزل عن حلفائه في «14 آذار». وشدد على أن مسلك جنبلاط واضح وهو «إطفاء كل التوترات التي يمكن أن تحصل»، لكنه نبه إلى أن المطلوب من بعض القوى الأخرى أن تساعده، «لأننا لسنا قادرين في كل مرة على احتواء التوتر بالطريقة نفسها وبالفاعلية نفسها». وفي ما يأتي نص الحوار:

* أين أصبح بند السلاح المدرج بندا وحيدا على طاولة الحوار الوطني؟ هل ستتحول هذه الطاولة إلى مجلس إدارة للانتخابات البرلمانية؟

ـ الوصول إلى اتفاق حول الاستراتيجية الدفاعية ممتنع لأسباب محلية وغير محلية عدة. القضية ليست مسألة نقاش نظري حول الطاولة تنتهي باقتناع طرف بوجهة النظر الأخرى، بل تتعلق بحسابات وموازين قوى محلية وغير محلية. حتى اللحظة فإن التوازن السلبي القائم في المنطقة وفي لبنان لا يمكن أن يقود إلى استنتاج ما حول الاستراتيجية، الأمر لا يزال مستعصيا بحكم موازين القوى والحسابات، وبحكم أن هناك من لا يريد أن يقتحم هذا الموضوع بما يمكن أن يزيد الغبار السياسي في البلد، ونحن من هذا الرأي. لذلك تتحول هيئة الحوار إلى هيئة تناقش القضايا على ضفاف الاستراتيجية الدفاعية، والقضايا التي تطرأ في الوضع السياسي في البلاد. ولذلك لا نرى ضيرا ولا ضررا من استمرار الحوار، بل على العكس فنحن مستمرون في الحوار وآلية الحوار. والمهم أن يبقى منطق الحوار قائما بين اللبنانيين. وهنا لا بد من التنويه بالدور الوفاقي والتوفيقي لرئيس الجمهورية، والذي إذا ما استطردنا منه إلى الانتخابات النيابية نخلص إلى محصلة هي أنه يجب أن يكون لرئيس الجمهورية كتلة نيابية قد لا تكون حيادية وقد لا تكون وسطية، لكن هذا الموقع التوفيقي يجب أن يكون لديه حضوره النيابي.

* كيف يمكن قيام كتلة من هذا النوع في ظل الاستقطاب السياسي الحاد بين فريقي «8 آذار» و«14 آذار»، خصوصا أن «14 آذار» هي وحدها من ينادي بهذه الكتلة؟

ـ «14 آذار» لا تنادي بالكتلة الوسطية، إنها تنادي بكتلتها النيابية الخاصة. نحن لا يمكن أن ننادي بغير خياراتنا السياسية. ربما كان هناك لغط أحدثه تعبير «الوسطية» أو «الحيادية»، وهذا فيه ظلم لهذه الكتلة، لأن هناك مرشحين أو شخصيات غير حيادية تقتنع بوجهة نظر من هذا الفريق وفي الوقت نفسه تقتنع بوجهة نظر أخرى في الفريق الآخر. لذلك نحن لا ندعو إلى الاقتراع للكتلة الوسطية، لكن الفارق بيننا وبين الفريق الآخر أننا لا ننكر على أي شخص أنه لا يريد الانتساب إلى أي من هذين الفريقين، وأنا اعتقد أن الحملة الأساسية على هذه الكتلة مصدرها دمشق.

* لماذا؟

ـ لأنهم يعتقدون أن الكتلة الوسطية ستأخذ من حساب صديقهم ميشال عون إلى حساب رئيس الجمهورية. وميشال عون يقدم تغطية استراتيجية للمشروع السوري في لبنان، ولذلك لديهم همّ أساسي في الحفاظ عليه وعلى حجمه السياسي.

* هل نتوقع انتخابات نيابية هادئة، أم عاصفة؟

ـ الطرف السوري أعطى وعودا لأكثر من طرف عربي ودولي، وتحديدا أوروبي، بأنهم سيوافقون على تمرير الاستحقاق الانتخابي في لبنان بهدوء، لكني لا أصدق هذه الوعود. في الانتخابات النيابية المقبلة أخطار كبرى، والأحداث الأمنية الأخيرة جزء منها، وهدفها التهويل على الانتخابات، لكن الأمر تجاوز التهويل الانتخابي إلى التهويل على السلم الأهلي في لبنان. لذلك أقول إن هناك أخطارا جدية تهدد سلمية الانتخابات المقبلة، ولذلك فالمطلوب هو أكثر من مجرد الكلام، مطلوب قرار سياسي من كل القوى السياسية برفع الغطاء عن كل التجاوزات والتزام منطق الدولة.

* كيف ستكون العرقلة؟ هل تلمسون تدخلا سوريا مباشرا في العملية الانتخابية؟

ـ نعم، هناك تدخل مباشر في تركيب عدد من اللوائح الانتخابية وعقد بعض التحالفات، وحسب معلوماتي فإن هناك أيضا صندوقا ماليا مشتركا بإدارة النظام السوري، وهناك إدارة سياسية أمنية للانتخابات اللبنانية في سورية.

* التمويل سوري؟

ـ التمويل ليس بالضرورة من النظام السوري، لكن الإدارة سورية.

* صندوق لإدارة حملة «8 آذار» الانتخابية؟

ـ نعم، سمعنا عن صندوق إقليمي تتشارك فيه أكثر من دولة.

* ماذا عن الملف الأمني؟

- الأشخاص الذين كانوا يديرون الملف اللبناني، أعيد تأهيلهم ويتولون إدارته من سورية.

* هل من تدخلات على الأرض؟

ـ هناك دفق كبير من الأموال من مرشحين معروف عنهم أنهم يترددون في فتح باب الثلاجة. وفي الموضوع الأمني فإن المجموعات التي حُضّرت سابقا لا تزال موجودة ويمكن استخدامها. وإذا كان هناك قرار بتسهيل الانتخابات فيجب تفكيكها.

* وزيارات أمنية؟

ـ سمعنا أن بعض الشخصيات زارت لبنان وعقدت اجتماعات ونسقت أخرى.

* أين أصبحت تحضيرات «14 آذار» للانتخابات النيابية؟

ـ هناك قضايا خلافية يجري التداول في شأنها لتذليلها، وحجم الاختلافات ليس بالحجم الكبير، بل هو حجم تقدر قوى «14 آذار» على التعامل معه وإيجاد توافقات حوله.

* هل حلت مسألة دائرة الشوف؟

ـ الانتخابات ستُجرى في كل لبنان، وليس فقط في الشوف. ولا أفهم لماذا هذا التركيز المحموم على الشوف. الشوف هو جزء من خريطة عامة لقوى «14 آذار»، ونحن مستعدون للتفاهم مع حلفائنا على تمثيل مشروع ومحق للشوف، وبالتالي ليست هناك معضلة اسمها الشوف. هي جزء من الاختلافات الموجودة التي يمكن حلها، وهذا الموضوع لا يدار في الإعلام بل بعيدا عنه على طاولة التفاهم.

* وفقا لما قاله النائب جنبلاط، أي قاعدة نائبين من ثلاثة؟

ـ نعم، هناك مجال لمرشحين مارونيين في الشوف.

* هل من إمكان لتفاهم أو تحالف في عالية مع الوزير طلال أرسلان؟

ـ العلاقة مع الوزير أرسلان حتى اللحظة تتجاوز الانتخابات وتصل إلى مستوى الحفاظ على السلم الأهلي، وبالتالي فإن العلاقة القائمة رغم الاختلاف في معظم الملفات السياسية تتركز على اتفاق واضح على أن يكون الجبل بمنأى عن أي تشنج أو خلافات بين أبناء المنطقة، ولا أتحدث هنا عن الدروز فحسب بل جميع أبناء الجبل.

* إلى أين يمكن أن يؤدي الغزل السياسي بين النائب جنبلاط والرئيس نبيه بري؟ وهل يمكن أن نتوقع اتفاقا رباعيا جديدا أو ما يشابهه؟

ـ كلا، أبدا. لا أعتقد أن أحدا منا أو منهم يريد اتفاقا رباعيا جديدا، لا نحن في وارد تغيير تحالفاتنا السياسية ولا الرئيس بري. والقرار عموما للنائب جنبلاط هو البقاء في تحالف «14 آذار» وخوض الانتخابات في تحالفات هذا الفريق. ولن يذهب وليد جنبلاط في أي خيار انفرادي بمعزل عن حلفائه في «14 آذار».

* ما خاتمة هذا الغزل السياسي إذن؟ ـ مسلك وليد جنبلاط واضح، وهو إطفاء كل التوترات التي يمكن أن تحصل، والجهد الذي بذله في إطفاء التوتر بعيد استشهاد المواطن لطفي زين الدين كان باديا وقد شاهده الجميع على شاشات التلفزيون. لكن أيضا المطلوب من بعض القوى الأخرى أن تساعده، لأنها مسؤولية مشتركة لا فردية للنائب جنبلاط. وهنا رهاننا كبير على الرئيس بري وعلى حزب الله في تفهم هذا الأمر، لأننا لسنا قادرين في كل مرة على احتواء التوتر بالطريقة نفسها وبالفاعلية نفسها. وأنا أقول هذا الكلام انطلاقا من الحرص على السلم الأهلي ومن الحرص عليهم رغم الاختلاف السياسي.