بعد مومباي.. 12 مقنعا يفتحون النيران على فريق الكريكت السريلانكي في لاهور

كولومبو تتمهل بتوجيه الاتهام للتاميل.. ونيودلهي تحذر إسلام آباد من تكرار الحادث في حال عدم القضاء على الإرهاب

رجل أمن باكسناتي يجمع بقايا قنابل يدوية من ساحة الانفجار في لاهور (أ.ف.ب)
TT

في اعتداء ذكر باعتداءات مومباي التي وقعت في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فتح 12 مسلحا مقنعا النيران على حافلة كانت تقل فريق الكريكت السريلانكي في مدينة لاهور الباكستانية، فقتل ثمانية أشخاص، ستة منهم من رجال الشرطة الذين كانوا يتولون تأمين الحماية للفريق، واثنان من المدنيين، فيما أصيب سبعة من أفراد فريق الكريكت. وقال وزير الداخلية الباكستاني رحمن مالك بعد الاعتداء إن باكستان في حالة حرب، إلا انه أضاف انه من المبكر جدا تحديد من يقف خلف الاعتداء. وأعلنت الشرطة عقب ذلك أنها أطلقت بحثا مكثفا عن المسلحين المقنعين الـ12 والتي قالت إنهم قد يكونون نجحوا في التفرق. وفتح المهاجمون المقنعون والمدربون جيدا، بحسب الشرطة، النيران بالأسلحة الرشاشة والقنابل على الموكب الذي كان يقل اللاعبين السريلانكيين الزائرين، ما أدى إلى اشتباك مع قوات الأمن. وبعد الهجوم، أعلنت أجهزة الأمن أنها فككت سيارتين مفخختين في لاهور وعثرت على مخزون أسلحة يتضمن قنابل ومتفجرات.

وأعلنت سريلانكا فور حصول الاعتداء أن وزير خارجيتها سيتوجه إلى باكستان، ووصف الرئيس ماهيندا راجاباكسي الهجوم بأنه «اعتداء إرهابي جبان» لكنه امتنع عن اتهام الانفصاليين التاميل الذين يحاربون القوات السريلانكية. وكانت القوات السريلانكية قد أطلقت قبل بضعة أشهر معركة قال إنها المعركة النهائية للقضاء على التاميل، واستولت على عاصمتهم واستطاعت أن تفرض حصارا عليهم. وفي معرض رده على تقارير إعلامية بشأن احتمال تورط متمردي التاميل الانفصاليين في الحادث، ذكر المتحدث باسم الجيش السريلانكي البريجادير أودايا ناناياكارا أنه ليس هناك ما يشير إلى تورط جبهة نمور تحرير تاميل إيلام في هذا الهجوم.

من جهته، أعلن خالد فاروق قائد شرطة البنجاب أن المهاجمين يبدو أنهم من الباشتون، وهي مجموعة اتنية تقيم في مناطق شمال غربي باكستان على الحدود مع أفغانستان والتي يتحدر منها عناصر طالبان. وأضاف المسؤول أن «باكستان تشن حربا ضد الإرهاب. إنها مذبحة محددة الهدف نجا منها لحسن الحظ الفريق السريلانكي». وذكر أن «هذا الهجوم يشبه هجمات بومباي»، وأضاف أن هجمات بومباي كانت «عملية كوماندوس وهذا الهجوم هو أيضا عملية كوماندوس».

وكانت الحافلة تقل فريق الكريكت السريلانكي إلى مجمع القذافي في مدينة لاهور، ليلعب مباراة ضد باكستان، عندما وقع الاعتداء. وأظهر شريط مصور عددا من المسلحين يطلقون العيارات النارية من رشاشاتهم على الحافلة من مستديرة «ليبرتي» القريبة من الملعب. وبعد أن سيطرت قوات الكوماندوس الباكستانية على الوضع، انتقل فريق الكريكت السريلانكي إلى خارج مدينة لاهور في مروحية إلى مكان آمن. وقال مسؤولون باكستانيون إن «الهجوم الإرهابي» يحمل طابع الهجمات الإرهابية التي وقعت في مومباي في الهند في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقال حبيب الرحمن رئيس الشرطة في المدينة إن منفذي الهجوم وصلوا إلى موقع الحادث في عربات ذات ثلاث عجلات ومعهم بنادق كلاشينكوف وقاذفات صواريخ وقنابل يدوية. وزار سلمان تاسير محافظ إقليم بنجاب (الذي تعد لاهور جزءا منه) موقع الحادث فور سيطرة الشرطة على المنطقة. وقال سلمان تاسير لوسائل الإعلام: «إن منفذي الهجوم هم ذاتهم الأشخاص الذين شنوا الهجمات في مومباي في العام الماضي». وقال سائق الحافلة التي كانت تقل الفريق السريلانكي خليل أحمد للصحافيين إن المسلحين ألقوا أولا بقنبلة يدوية على مقدمة الحافلة بينما كانت تتجه نحو البوابة الرئيسة للاستاد. وكما يروي خليل: «لقد أخطأت القنبلة الأولى طريقها إلى الحافلة، وبعد ذلك ألقوا بقنبلة أخرى والتي لم تنفجر، حيث أسرعت في قيادة الحافلة صوب الاستاد». وبعد أن أخطأت القنابل في إصابة الحافلة، بدأ المسلحون في إطلاق النار على الحافلة من جميع الاتجاهات الأربعة، ويضيف خليل: «يتراوح إجمالي عدد المسلحين ما بين 12 و15، وجميعهم كانوا يرتدون أقنعة». وصرح مسؤول رفيع المستوى في الشرطة لوسائل الإعلام بأن المسلحين هربوا من موقع الحادث في سيارة ملاكي استولوا عليها من مكان الحادث.

وروى شهود أن الحي التجاري «ليبرتي سكوير» تحول على مدى دقائق طويلة إلى ميدان معركة، حيث اختبأ الرجال المقنعون خلف الأشجار لفتح النيران. وقال احد لاعبي الفريق لوكالة الصحافة الفرنسية: «لقد وقع انفجار في بادئ الأمر ثم سمعنا إطلاق النار. وتم إطلاق صاروخ أيضا على الحافلة لكنه لم يصبها».

ونقل فردان من الفريق السريلانكي، وهما تيلان ساماراويرا وثارنغا بارانافيتانا، إلى المستشفى، وأصيب مدرب الفريق أيضا في الاعتداء. ووفقا لمسؤول رفيع المستوى في الشرطة، أصيب اثنان من اللاعبين السريلانكيين جراء طلقات نارية، «ولكن حالتهما مستقرة وهما يتلقيان العلاج في المستشفى المحلي». وقال حبيب الرحمن رئيس شرطة المدينة بأن ستة من أفراد الفريق السريلانكي تعرضوا لإصابات، وأن خمسة من حراسهم الأمنيين لقوا مصرعهم. وقد ألغى الفريق السريلانكي بقية جولته، وسيعود إلى سريلانكا في طائرة تابعة للقوات الجوية الباكستانية. وقال أحد مسؤولي الكريكت السريلانكيين: «الآن تجرى ترتيبات لإعادة فريقنا إلى سريلانكا في أسرع وقت ممكن». وكان فريق الكريكت السريلانكي قد وافق على زيارة باكستان بعد أن رفض فريق الكريكت الهندي دعوة مجلس الكريكت الباكستاني متعللا بأسباب أمنية. واتهم وزير الداخلية الباكستاني «أعداء باكستان» بالوقوف وراء الاعتداء، فيما وصف الرئيس آصف علي زرداري الهجوم بالـ«إرهابي» وقال انه «مخطط له». وكان كوماندوس إسلامي شن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) هجمات منسقة في عدة مواقع في بومباي، العاصمة الاقتصادية للهند، أوقعت 174 قتيلا بينهم تسعة من المهاجمين العشرة. ووجهت السلطات الهندية أصابع الاتهام إلى باكستان قبل أن تعترف في فبراير (شباط) أن الاعتداءات تم التخطيط لها جزئيا على أراضيها. وطلبت الهند مرة أخرى أمس من باكستان تعزيز جهودها في مجال مكافحة الإرهاب. وقال وزير الخارجية الهندي براناب مخرجي إن الإرهاب «هو اكبر خطر في حقبة ما بعد الحرب الباردة وينبغي السيطرة عليه». وأضاف «طالما لم يتم تفكيك البنى التحتية والمنشآت الموضوعة في تصرف المجموعات الإرهابية داخل باكستان، فان هذه الأحداث سوف تتكرر». واعتبر وزير الداخلية الهندي بالانيابان شيدمبارام أن «الإجراءات الأمنية حول فريق الكريكت السريلانكي لم تكن كافية إطلاقا».