أوكامبو عشية قرار لاهاي: لدينا أدلة دامغة ضد البشير و30 شاهدا.. وإذا خسرنا سنستأنف

استعدادات أمنية وحشود إعلامية في لاهاي.. انتظارا لإعلان قضاة المحكمة الجنائية قرارهم بشأن توقيف الرئيس السوداني

البشير خلال حشد شعبي في مدينة مروى بشمال السودان أمس (رويترز)
TT

تتجه الأنظار اليوم إلى مدينة لاهاي عاصمة القانون العالمية، حيث تعلن الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية اليوم، قرارها بشأن الطلب الذي قدمه الادعاء في 14 يوليو (تموز) 2008 لإصدار أمر بالقبض على الرئيس السوداني عمر البشير، الذي يتهمه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية في إقليم دارفور.. وقد استعدت المدينة أمنيا وإعلاميا، حيث يزورها العشرات من الصحافيين والإعلاميين، لتغطية الحدث المثير للجدل. وعشية إعلان القرار، أعلن مدعي المحكمة لويس مورينو أوكامبو أمس للصحافيين في لاهاي عن وجود «أدلة دامغة» ضد البشير، وأن لديه 30 شاهدا يثبتون الاتهامات ضد البشير. وسينشر قرار المحكمة عند الساعة الواحدة بعد ظهر اليوم في مؤتمر صحافي تعقده كاتبة المحكمة سيلفانا اربيا والناطق باسمها لورانس بليرون في مكاتب المحكمة في لاهاي. وفي حال وافقت المحكمة على طلب المدعي، ستكون مذكرة التوقيف الأولى التي تصدرها المحكمة في حق رئيس دولة منذ بدء مهامها في 2002.

ويحظى الحدث باهتمام إعلامي كبير، خاصة من جانب وسائل الإعلام العربية والإسلامية والأفريقية، وهناك عدد كبير من مراسلي محطات التلفزة الذين حضروا خصيصا إلى لاهاي لتغطية انطلاق عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الأحد الماضي، اضطر هؤلاء إلى تمديد فترة بقائهم بهولندا لتغطية الحدث الخاص بقرار المحكمة الجنائية الدولية حول الرئيس البشير. كما استعدت السفارة السودانية في لاهاي للحدث أيضا، واتصلت بعدد من الصحافيين لتبليغهم بتحديد موعد مع السفير السوداني لدى هولندا، لإعلان موقف الخرطوم الرسمي من القرار، والإجابة عن أسئلة الصحافيين.

وقال أحمد الطيب الصالح، مسؤول بالسفارة السودانية في لاهاي، خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن السفير سيعقد مؤتمرا صحافيا في مقر السفارة القريب من مقر محكمة العدل الدولية. وحول إمكانية حضور السفير أو أي من أفراد السفارة إلى المحكمة أو بالقرب من مقر المحكمة للتحدث إلى الصحافيين، قال الدبلوماسي السوداني «لن يقترب أحد منا إلى هذا المكان».

وأعلن مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو أمس، للصحافيين عن وجود «أدلة دامغة» ضد الرئيس السوداني عمر البشير. وأضاف القاضي «لدينا أكثر من 30 شاهدا سيقولون كيف قام (البشير) بإدارة وضبط كل شيء». وشدد مورينو أوكامبو على أنه سيقوم باستئناف القرار، في حال ردت المحكمة طلب المدعي بشكل كامل، مضيفا أنه إذا قبلته جزئيا «فعلينا اتخاذ قرار» حول كيفية المضي قدما»، مؤكدا أن ضميره «مرتاح جدا». وبحسب المدعي، فإن العديد من الشهود يتمتعون بحماية. وقال «لقد استبقنا ما يحدث حاليا: إنهم يهاجمون من يعتقدون أنهم شهودنا». وهدد مؤخرا رئيس جهاز الاستخبارات السودانية، صلاح غوش، واسع النفوذ بـ«قطع يد كل من يحاول المشاركة في تنفيذ قرار المحكمة الجنائية بحق الرئيس البشير» الذي تسلم السلطة في يونيو (حزيران) 1989 إثر انقلاب. ويحقق مدعي المحكمة الدائمة الوحيدة المؤهلة لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة، منذ 2005 في مسألة دارفور بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي. وأحال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الحالة في دارفور، إلى المحكمة الجنائية الدولية بموجب قراره رقم 1593 (2005)، الصادر في 31 مارس (آذار)2005. وفي يونيو (حزيران) 2005 ، قرر المدعي العام فتح التحقيق في هذه الحالة. وسبق للدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة أن أصدرت أمرين بالقبض على مسؤولين سودانيين، هما د. أحمد محمد هارون، وهو وزير الدولة السابق للشؤون الداخلية في حكومة السودان، ووزير الدولة للشؤون الإنسانية حاليا، وعلى السيد علي محمد عبد الرحمن المعروف باسم علي كوشيب، قائد ميليشيا الجنجويد العربية الموالية للحكومة، وذلك استنادا لمسؤوليتهما المزعومة عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ويتهم أوكامبو البشير، بتدبير وتنفيذ خطة لتدمير جزء كبير من مجموعات قبلية أفريقية وهي «الفور» و«المساليت» و«الزغاوة» لأسباب إثنية، بعد أن احتج بعض أعضاء من المجموعات الثلاث، وهم من ذوي النفوذ في دارفور، على تهميش الولاية وشرعوا في التمرد. وقال أوكامبو إن مكتبه قام بإجراء تقييم للخطوات والإجراءات القضائية في السودان حول الجرائم التي ارتكبت في دارفور، وثبت عدم إجراء أي تحقيق حول هذه الجرائم، وإنما هناك تحقيقات ضد الذين يعترضون على البشير، وليس ضد الذين يرتكبون جرائم حرب. وقال المدعي العام إن البشير حاول تدمير الزغاوة والمساليت والفور، على أساس عرقي، ووجه تعليمات للجيش للقضاء على التمرد.

وقال أوكامبو إن الهجوم على تلك القبائل كان عرقيا، ولم تهاجم القرى العربية، حتى وإن كانت قريبة من المدن أو القرى المستهدفة، وألمح إلى أن معظم تلك الهجمات جرت في عام 2003 و2004 وحتى بداية 2005، وهي الفترة التي كان يتولى فيها أحمد هارون مسؤولية الإشراف على شؤون دارفور، واستمرت أيضا الجرائم والانتهاكات في العامين التاليين، واستخدمت الطائرات العسكرية، على الرغم من صدور قرارات دولية تحظر ذلك.

وقال أوكامبو إن أسلحة البشير كانت التجويع والتخويف والاغتصاب، وهي أكثر الأساليب بشاعة في الإبادة الجماعية، كما إن المشردين كانوا يموتون في الصحراء بالاستنزاف.

وفي تصريحات سابقة حكى أوكامبو عن شاهدة عيان قولها، إن جنديا أراد قتلها بالرصاص، وقال له زميله «لماذا تخسر الرصاصة، اتركها ستموت في الصحراء». ويقول المدعي العام إن «البشير مسؤول لأنه له سلطة مطلقة في البلاد، فهو رئيس الدولة ورئيس الحزب الحاكم وقائد الجيش وهو في قمة السلطة واخضع قوات الجنجويد لتعليماته، وفي نفس الوقت سيستخدمها ليتبرأ من المسؤولية». وتقول الأمم المتحدة إن الحرب الأهلية في دارفور، الإقليم الواقع غرب السودان، أدت منذ 2003 إلى سقوط أكثر من 300 ألف قتيل ونزوح 2.2 مليون شخص. وتؤكد الخرطوم من جهتها أن النزاع أدى إلى مقتل عشرة آلاف شخص فقط.