خبير في منظمة حقوقية يؤكد أن قوات حفظ السلام في السودان لا يمكنها اعتقال البشير

صابر : الخرطوم ملزمة بالتعاون مع الجنائية وحصانة الرئيس في الخارج محل شكوك

TT

قال خبير في منظمة «هيومان رايتس واتش» إن قوات حفظ السلام في السودان سواء كانت في الجنوب أو دارفور أو في أي منطقة أخرى لا يمكنها تنفيذ مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، لأن مهام هذه القوات لا تشمل إيقاف الأشخاص المطلوب مثولهم أمام المحكمة الجنائية الدولية. وقال عبد الرحيم صابر الخبير في مكتب المنظمة في واشنطن لـ «الشرق الأوسط» حول طريقة تنفيذ القرار «المحكمة الجنائية الدولية ليس لديها قوة شرطة خاصة بها، لذلك ستعتمد على السلطات الوطنية في التعاون من أجل إجراء عمليات التوقيف بالنيابة عنها. ويمكن للمحكمة أن تطلب من أية دولة يزورها المتهم (الرئيس عمر البشير) إيقافه وتسليمه». وأوضح صابر أن «الدول الأطراف في نظام روما الذي تأسست بموجبه المحكمة ملزمة بذلك، ويمكن للدولة أن تتشاور مع المحكمة للتوصل لحل إزاء هذه القضية». وأشار إلى أن قرار مجلس الأمن الذي أحال الوضع في دارفور إلى مدعي المحكمة الجنائية الدولية عام 2005 طالب حكومة السودان وكافة الأطراف في النزاع بالتعاون بالكامل مع المحكمة وأن تقدم لها المساعدات المطلوبة. وقال أيضا «السودان على الرغم من أنه ليس من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية ملزم بالقرار وبالتالي ملزم بتنفيذه، خاصة أن القرار نفسه يدعو الدول الأخرى غير الأعضاء في نظام روما إلى التعاون».

وردا على سؤال حول إمكانية سفر الرئيس السوداني خارج حدود بلاده قال صابر «هذه أول حالة تصدر فيها المحكمة الجنائية الدولية مذكرة إيقاف ضد رئيس دولة أثناء توليه الرئاسة وبالتالي طريقة تنفيذ القرار لم تختبر بعد» وزاد قائلاً «بموجب القانون الدولي يتمتع رؤساء الدول عامة بنوعين من الحصانة، الحصانة الاسمية والشخصية أو الإجرائية، الحصانة الاسمية تحمي رؤساء الدول من أحكام المحاكم الأجنبية وهي لا تنطبق على هذه الحالة لأن القانون الدولي واضح إزاء أعمال الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، ولا يمكن قط ارتكابها كجزء من المهام الرسمية للرئيس، ونظام روما، مثل معاهدات أخرى كثيرة يقر بهذا، إلا أن رؤساء الدول الحاليين يتمتعون بحصانة «شخصية» بموجب القانون الدولي. ويعني هذا أن السلطات في الدول الأخرى لا يمكنها إيقاف رؤساء دول حاليين، سواء أثناء سفرهم لأداء مهامهم أو في رحلات خاصة، حتى جراء الجرائم الدولية الجسيمة التي توجه إليهم الاتهام بها محاكم وطنية. ونشأ هذا المفهوم القديم في القانون الدولي من حاجة رؤساء الدول للسفر لأداء مهام رسمية دون خوف من إيقاف أو مقاضاة». وقال صابر إن المحكمة الجنائية الدولية رأت أن التنازل عن الحصانة من قبل حكومة السودان أمر غير ضروري، لذلك فإن الدول التي يُطلب إليها تنفيذ مذكرة الإيقاف عليها التزام بإجراء التوقيف. ولأن هذه نقطة قانونية لم تخضع للاختبار بعد، فإن حكم المحكمة هو القرار السيادي الوحيد في هذا الشأن. وإذا كان لدى الدول المطلوب إليها إجراء التوقيف بواعث قلق إزاء التعارض بين الالتزامات بموجب القانون الدولي، فإن المنبر المناسب لمناقشة هذه المسائل هو المحكمة الجنائية الدولية.

 وجوابا على الأغراض الكامنة وراء إصدار أول قرار من المحكمة الجنائية الدولية حول قضية افريقية قال صابر «تأسست المحكمة الجنائية الدولية، لفرض العدالة في أكثر الجرائم جسامة في العالم، وتعكف حالياً النظر في قضايا في أربع بلدان وتحقق فيها بشكل نشط، وهي أفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية وأوغندا وإقليم دارفور في السودان. ومكتب المدعي وبمبادرة منه، يبحث أيضاً في إجراء تحقيقات في أفغانستان وكولومبيا وجورجيا» ويشرح صابر جانبا آخر من الموضوع قائلاً «تركيز المحكمة في الوقت الراهن على أفريقيا أدى إلى انتقادات من بعض الدول الأفريقية والمراقبين للمحكمة الجنائية الدولية، بأن القارة الأفريقية هي هدف المحكمة الأساسي. إلا أن ثمة عدة عوامل موضوعية تدحض من مثل هذه الاتهامات ومنها: ثلاثة من أوضاع الدول الأربعة المرفوعة للمحكمة والتي تم التحقيق فيها أحيلت إلى المحكمة من قبل الدول المعنية، بينما الوضع الرابع في دارفور أحاله مجلس الأمن للمحكمة. لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق إلا في الجرائم التي تم ارتكابها بعد يوليو (تموز) 2002، ما يعني أن الكثير من الأوضاع مبعدة عن الاختصاص القضائي للمحكمة». يشار إلى أن 22 دولة أفريقية كانت من بين الدول المؤسسة التي صادقت على نظام روما. ومن بين 108 دول أطراف في المحكمة الجنائية الدولية، 30 منها دول أفريقية. وأظهرت كل منها اختيارا التزامها بالمؤسسة.   وفي رده على سؤال طرح في الآونة الأخيرة حول السبب الذي جعل مدعي المحكمة الجنائية الدولية يحقق مع الرئيس البشير ولا يحقق في الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في غزة، قال عبد الرحيم صابر «اختصاص المحكمة الجنائية الدولية يتوقف على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي تم ارتكابها بعد يوليو (تموز) 2002 فقط، ولا يحق للمحكمة النظر في الجرائم المرتكبة بعد هذا التاريخ إلا إذا تحقق فيها أحد الشروط التالية: إذا وقعت الجريمة على إقليم دولة طرف في نظام روما. أو إذا كان الشخص المتهم بالجرائم مواطنا لدولة طرف في نظام روما. أو إذا لم تكن الدولة طرفا في نظام روما لكنها تقبل بالاختصاص القضائي للمحكمة الجنائية الدولية بشأن الجريمة المعنية، بإعلانها ذلك وبإحالة القضية إلى سجل المحكمة الجنائية الدولية. أو إذا أحال مجلس الأمن الوضع المعني إلى مدعي المحكمة الجنائية الدولية. ولأن إسرائيل ليست طرفاً في نظام روما، على المحكمة الجنائية الدولية قبل أن تبدأ التحقيق في الوضع إما أن يحيل مجلس الأمن الوضع إلى مدعي المحكمة (كما فعل في حالة دارفور) أو أن تكون الدولة التي وقعت على إقليمها الجرائم (أو الدولة التي اتُهم مواطنوها بارتكاب الجرائم) قابلة بالاختصاص القضائي للمحكمة. وقد وافقت السلطة الفلسطينية على قبول الاختصاص القضائي للمحكمة في الجرائم التي يتم ارتكابها في غزة. والمدعي ينظر حالياً فيما إذا كانت السلطة الفلسطينية تعد دولة بموجب القانون الدولي، ومن ثم ما إذا كان يمكنها قبول الاختصاص القضائي للمحكمة في الجرائم المرتكبة في غزة».