وزراء الخارجية العرب يدينون مذكرة توقيف البشير.. والاتحاد الأفريقي يحذر من تداعياتها

دعم أوروبي وأميركي للقرار.. وموسكو تعتبره خطيراً.. وبان يطالب بحماية المدنيين

TT

دان وزراء الخارجية العرب قرار إصدار مذكرة توقيف دولية في حق الرئيس السوداني عمر البشير، بينما حذر الاتحاد الأفريقي من تداعيات القرار. وعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً طارئاً في أعقاب صدور قرار ضد توقيف الرئيس السوداني عمر حسن البشير لبحث تداعيات الموقف على أمن واستقرار السودان. وعلمت «الشرق الأوسط» أن كل الدول العربية ترفض القرار الذي صدر ضد البشير، واستندوا في رفضهم إلى ما سبق من قرارات صدرت في هذا الشأن والتي حذرت من صدور مثل هذا القرار والتأكيد على التضامن مع الرئيس البشير والسودان، فيما أكدت مصادر مصرية أن الرئيس المصري حسني مبارك سبق وأن حذر من هذا الموقف منذ يومين أثناء لقاءاته في شرم الشيخ مع كل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وكذلك الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وأيضاً خلال جولته إلى فرنسا وإيطاليا. وقال إن إصدار القرار «تجاوز الجهود العربية والأفريقية» الرامية إلى إقرار العدالة وتحقيق السلام في السودان، ووضع «صعوبات بالغة أمام هذه الجهود». وقال موسى إنه أثناء اجتماع وزراء دول أميركا اللاتينية والدول العربية المنعقد لدراسة أسس وأطر التعاون بين المجموعتين تمهيدا للقمة المشتركة الثانية فور انتهاء القمة العربية في 31 مارس (آذار) في الدوحة، «فوجئ بقرار الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية بتوقيف أو اعتقال الرئيس عمر البشير». وأضاف موسى أن القرار «أدى إلى انزعاجنا البالغ وانزعاج الكثيرين لخطورة الموقف وآثاره على استقرار السودان وعلى المسيرة التي يعاد بها بناء السودان»، سواء من خلال دفع السلام بين الشمال والجنوب أو مواصلة جهود السلام في دارفور.

وأعلن علي تريكي وزير الشؤون الإفريقية الليبي أمس أن بلاده ترفض قرار المحكمة الجنائية بإصدار مذكرة توقيف في حق الرئيس السوداني، وتعلن عدم التزامها به. وقال الوزير الليبي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه «قرار غير شرعي ونرفضه، وغير معترف به»، وأضاف أنه «قرار يسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار في السودان وإفريقيا». وأكد وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ أن وزراء الخارجية العرب قرروا خلال اجتماعهم الاستثنائي في القاهرة أمس إدانة قرار المحكمة الجنائية الدولية. وقال صلوخ، قبل مغادرته مطار القاهرة، للصحافيين: «لا يصح توقيف رئيس عربي أو غير عربي خلال حكمه، ولقد قرر وزراء الخارجية العرب عدم الموافقة على القرار وإدانته وشجبه». وأعلنت وزارة الخارجية المصرية أن القاهرة تلقت القرار بـ«انزعاج شديد» نتيجة للتداعيات السلبية المحتملة لمثل هذا القرار على استقرار الأوضاع في السودان، وكذلك على مستقبل تنفيذ اتفاق السلام الشامل وجهود تفعيل العملية السياسية في دارفور. واعتبر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ أمس أن مذكرة توقيف البشير «تهدد السلام في السودان». وأضاف في بيان أن «القرار يأتي في الوقت الذي تُبذل فيه جهود حثيثة من أجل تحقيق مصالحة وطنية وسلام دائم وحكومة ديمقراطية في السودان»، موضحاً أن «السعي وراء تحقيق العدالة يجب أن لا يعرقل مسيرة العملية السلمية في البلاد». وذكر بيان المنظمة أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيعقد اجتماعاً طارئاً اليوم في مقر المنظمة في العاصمة الإثيوبية بشأن المذكرة الدولية. ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن مصادر الخارجية الروسية قولها إن موسكو تعرب عن قلقها إزاء احتمالات توتر الأوضاع في السودان نتيجة صدور هذا القرار، ونوّه مارغيلوف بالموقف المتحيز الذي انطلقت منه المحكمة، متسائلا: «لماذا يوجّه الاتهام إلى الرئيس البشير وحده، بينما لا تجري تحقيقات بشأن زعماء الفصائل الانفصالية؟ أليس الصراع في دارفور متكافئا؟».

ودعا الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، الحكومة السودانية إلى «التعاون بالكامل» مع المحكمة الجنائية الدولية، بعدما أعلنت إصدار مذكرة توقيف دولية في حق الرئيس عمر البشير. ودعا الاتحاد الأوروبي في بيان «الحكومة السودانية وحركات التمرد في دارفور إلى ضبط النفس في الوضع الراهن.

ودانت حركة «حماس» القرار، مطالبة بإصدار مذكرات توقيف في حق المسؤولين الإسرائيليين. وقالت الحركة في بيان، إن «الأمم المتحدة والهيئات المنبثقة عنها تثبت يوماً بعد يوم أنها باتت أداة من أدوات القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية».

ومن جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الحكومة السودانية إلى ضمان أمن السكان المدنيين على أراضيها. وقالت الناطقة باسم بان، ميشال مونتاس، في بيان، إن «الأمين العام للأمم المتحدة يعترف بسلطة المحكمة الجنائية الدولية كهيئة قضائية مستقلة». وأضاف البيان أن الأمين العام «يدعو الحكومة السودانية إلى مواصلة التعاون الكامل مع كل مؤسسات الأمم المتحدة وشركائها، مع الالتزام التام بواجبها في ضمان (...) الأمن للسكان المدنيين وموظفي الأمم المتحدة».

وكانت واشنطن ولندن وباريس في مقدمة العواصم المطالبة بتطبيق العدالة بحق من ارتكبوا جرائم في السودان، من دون الإعلان مباشرة عن الترحيب بالمذكرة. وقال البيت الأبيض إن «المسؤولين عن فظائع دارفور يجب أن يحاسبوا». ودعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند أمس السلطات السودانية إلى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.