«المصالحة العربية» تحط رحالها في «الجنادرية»

خادم الحرمين يفتتح النسخة الـ24 من المهرجان * متعب بن عبد الله: الدعوة للمصالحة «ضمدت الجراح»

خادم الحرمين الشريفين يتابع عبر المنظار سباق الهجن الذي اقيم في افتتاح مهرجان الجنادرية 24 أمس (أ ف ب)
TT

حطت المصالحة العربية التي قادها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، خلال قمة الكويت العربية الاقتصادية، رحالها أمس، على أرض الجنادرية، فارضة نفسها على كافة فقرات الحفل الخطابي والشعري للنسخة الـ24 من المهرجان الوطني للتراث والثقافة.

وبارك المتحدثون خلال حفل الافتتاح الذي رعاه العاهل السعودي أمس، مبادرة خادم الحرمين الشريفين لتحقيق المصالحة العربية بين الدول التي بدا التباين واضحا في مواقفها خلال الفترة الأخيرة، وساهم العدوان الإسرائيلي على غزة بـ«تعميق الخلافات فيما بينها». وتمنى جميع المتحدثين في الحفل الخطابي، موفور الصحة والعافية للأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي، متمنين عودته سالما إلى أرض الوطن.

ووصف الأمير الفريق أول ركن متعب بن عبد الله، نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية، دعوة المصالحة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين بالكويت، بأنها جاءت «مضمدة للجراح».

وقال مخاطبا الملك عبد الله «إن المواطن العربي كان قلقا مما آلت إليه الأحوال في العالم العربي بعد ما تعرض إخواننا الفلسطينيون في غزة لاعتداءات غاشمة، وما واكب تلك الفترة العصيبة من انقسام عربي كاد يعصف بالعلاقات العربية ويجعل تقاربها ضربا من المستحيل، حتى جاءت ساعة الفرج في مؤتمر الكويت الاقتصادي ليظهر صوت المملكة بكلمتكم ومواقفكم الأصيلة فتشرح الصدور وتجدد الآمال وتضفي على الاجتماع روح المودة والألفة والمصالحة وتضميد الجراح وإغاثة الأخ المحتاج».

واستعاد متعب بن عبد الله، بعض الكلمات التي ألقاها خادم الحرمين بالكويت؛ حينما قال «إن قطرة دم واحدة من الدم الفلسطيني أغلى من كنوز الأرض وما احتوت عليه»، معتبرا أن تلك الكلمات لن ينساها التاريخ العربي والإسلامي، حيث جاءت مدعومة بالتبرع الكبير الذي قدمه الملك عبد الله لإغاثة أهل غزة.

وأشادت قصيدة شعرية، ألقاها اللواء خلف بن هذال العتيبي، بـ«جهود المصالحة» التي قادها الملك عبد الله في الكويت. وشبهت القصيدة الشعرية العدوان الإسرائيلي على غزة بـ«محرقة هتلر»، وهاجمت من سعى في شق الصف الفلسطيني، الأمر الذي أدى إلى إضعافه أمام إسرائيل.

وسبق أن تصدى مهرجان الجنادرية خلال النسختين الماضيتين لقضية الشقاق بين الفلسطينيين، وأهمية اتفاق مكة في إعادة اللحمة للصف الفلسطيني. وحرصت اللجنة المنظمة على التمسك بالموضوع الفلسطيني كأحد أهم الموضوعات التي ستتصدر المشهد الثقافي اليوم الخميس، حيث تستضيف ندوة تشخص العوائق التي تعترض مسيرة السلام في الشرق الأوسط وإنهاء الصراع العربي ـ الإسرائيلي.

وطبقا للأمير متعب بن عبد الله، فإن مهرجان الجنادرية «اختار موضوع حوار الثقافات ليكون الموضوع الرئيسي للندوات الثقافية بمشاركة العديد من رموز الثقافة من مختلف دول العالم للمشاركة في هذا الموضوع الهام».

وأكد نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية، حرص خادم الحرمين الشريفين على التسامح والتقارب والتعايش بسلام بين مختلف الشعوب، في إطار «تبنيه الأعمال الجسام والقضايا المصيرية التي تلامس حياة الإنسان في شتى بقاع الدنيا»، التي جاءت على أثرها الدعوة المستمرة للحوار بين أتباع الديانات.

وأضاف بالقول «وقد واصلتم العمل في هذا الجانب الذي بانت نتائجه في الاجتماع الأول في مدريد، وفي الثاني في نيويورك ليكون العالم بأكمله شاهدا على هذا الحوار ومنطلقاته النبيلة».

وعد متعب بن عبد الله الجنادرية «أحد معالم نهضتنا المباركة»، وشدد على حرص الملك عبد الله على إقامته منذ وقت مبكر لتحقيق الأهداف السامية والغايات النبيلة التي يتحرك من خلالها، «تأصيلا للتراث وإحياءً لمنارات الثقافة ودعما للقدرات والإبداعات من أبناء هذا الوطن، وها هو المهرجان في عامه الـ25 يفخر بما تحقق له من نجاحات بتوفيق من الله وبدعمكم».

وذكر بأن المهرجان الوطني للتراث والثقافة «أصبح منظومة مترابطة تمثل رمزا مضيئا لوحدة هذا الوطن الغالي الذي أرسى دعامتها الملك عبد العزيز رحمه الله».

وتحدث الفريق أول ركن متعب بن عبد الله، عن قيام المهرجان بدوره الرئيسي وأهدافه السامية «لتأكيد هوية وأصالة بلادنا والمحافظة عليها من رياح التغيير التي هبت على العالم معتمدا على القيم والمبادئ التي تنطلق من ديننا الحنيف، وشريعتنا الإسلامية ومن ثوابت أصيلة منهجا ونهجا لا تحيد عنها بالدنيا ولا تزايد عليها».

وامتدح مشاركة الدول الخليجية في المهرجان، واعتبرها «دليلا على الترابط والتلاحم والنسيج الثقافي والتاريخي الذي يربط دول المجلس، إضافة إلى المشاركة الدائمة من المفكرين والمثقفين من الدول العربية والإسلامية ومن مختلف دول العالم في برامج المهرجان، حيث أصبح بيتا مفتوحا للفكر والثقافة، وملتقى عالميا كبيرا للإبداع والمبدعين».

وأكد جهوزية المعرض الذي بدأ منذ هذا العام باحتضان المشاركين من الدول الصديقة، حيث إنه، وفي إطار المعتمد منذ العام الماضي، يتم توجيه دعوة لإحدى الدول، وكانت البداية أن تمت دعوة تركيا، وهذا العام دعيت روسيا كضيفة شرف على المهرجان الوطني للتراث والثقافة.

وقد كرم الملك عبد الله بن عبد العزيز، الدكتور عبد العزيز الخويطر وزير الدولة، نظير ما قدمه من مجهودات في إطار دفع العجلة الثقافية في السعودية.

وشارك الشاعر الكبير عبد الله بن دريس بقصيدة شعرية بالفصحى خلال الحفل الخطابي المعد بمناسبة افتتاح مهرجان الجنادرية.

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، قد رعى بعد عصر أمس، انطلاقة المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته الرابعة والعشرين الذي ينظمه الحرس الوطني سنويا بالجنادرية.

واستقبل الملك عبد الله بن عبد العزيز، الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، والشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد إمارة أبوظبي وضيوف السعودية.

وسلم خادم الحرمين الشريفين جوائز سباق الهجن الكبير للفائزين الـ5 الأوائل بشوط السباق الأول، كما تسلم الفائزان الأول والثاني هدايا مقدمة من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، سلمها لهما الشيخ حامد بن زايد آل نهيان. وقد جاء مبلش ومرخان المملوكان للأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز، في المركزين الأول والثاني، وحل سداح لمذكر بن مسفر القرشي ثالثا، قبل أن يعود الجملان بشار والحاكم المملوكان للأمير عبد العزيز بن فهد ليحتلا المركزين الرابع والخامس.

وأدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، وضيوف المملكة والحضور صلاة المغرب. ثم شرف خادم الحرمين الشريفين وملك البحرين حفل العشاء الذي أقيم بهذه المناسبة.

كما زار خادم الحرمين الشريفين، مساء أمس، جناح روسيا الاتحادية المقام بصفتها ضيف شرف مهرجان الجنادرية، وكان في استقباله وزير الثقافة الروسي ألكساندر أفدييف، ونظيره السعودي الدكتور عبد العزيز خوجة وسفير روسيا لدى السعودية فيكتور كودريا فتسيف، حيث اطلع الملك عبد الله على محتوياته واستمع إلى شرح من الوزير الروسي عن المعروضات التي اشتمل عليها الجناح، توجه بعدها إلى جناح معرض «الفيصل شاهد وشهيد»، وكان في استقباله الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز، والأمير عبد الرحمن بن عبد الله الفيصل، والأمير محمد بن سعود بن خالد، والأمير بندر بن سعود بن خالد، والأمراء. واطلع الملك عبد الله خلال الجولة على محتويات المعرض واستمع إلى شرح من الأمير تركي الفيصل عن ما يحتويه الجناح من معروضات، كما شاهد والحضور فيلماً وثائقياً للملك فيصل.

إلى ذلك يرعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رئيس نادي الفروسية، غداً الجمعة، المهرجان السنوي الكبير على كأس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ـ رحمه الله ـ في ميدان الملك عبد العزيز للفروسية بالجنادرية.

وكان الملك عبد الله بن عبد العزيز قد شهد والحضور العرض الفني «أوبريت وطن الشموس» من كلمات الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن بن عبد العزيز، وألحان الدكتور عبد الرب إدريس، وأداء محمد عبده وعبد المجيد عبد الله وراشد الماجد وعباس إبراهيم، وشارك في التمثيل راشد الشمراني وحسن عسيري، وبمشاركة عدد من فرق الفنون الشعبية. عقب ذلك تشرف بالسلام على الملك عبد الله المشاركون في الأوبريت، من شاعر وملحن وفنانين، كما تشرف بالسلام على الملك عبد الله ممثلو الشركات الراعية للأوبريت.

حضر حفل الافتتاح والعشاء والحفل الخطابي والفني الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز نائب وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، والأمير بندر بن محمد بن عبد الرحمن، والأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، والأمير سطام بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بالنيابة، والأمير أحمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية، والأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة، والأمراء وضيوف السعودية، والوزراء وضيوف المهرجان، وكبار المسؤولين.