سورية تدخل على خط أزمة السفينة الإيرانية.. وتطالب قبرص بتسليمها شحنة الأسلحة

واشنطن تقول إن السفينة كانت متوجهة إلى دمشق * طهران تحذر تل أبيب من صواريخها

الرئيس الايراني أحمدي نجاد يحيي مستقبليه خلال زيارة قام بها لمدينة روميا شمال شرقي طهران أمس (رويترز)
TT

دخلت سورية على خط أزمة السفينة الإيرانية التي تحتجزها قبرص بعدما وجدت على متنها أسلحة تعتقد الدول الغربية أن إيران كانت تريد إرسالها إلى حماس. وطلبت سورية من قبرص تسليم السفينة إليها بصفتها الدولة التي كانت السفينة متوجهة إليها، كما قالت أميركا لدول غربية، قبل توقيفها في عرض البحر المتوسط بعد إشارة من سفن أميركية كانت لديها معلومات استخباراتية حول حمولة السفينة. وقال مسؤولون أوروبيون لوكالة أنباء الأسوشييتدبرس الأميركية إن وزير العدل السوري محمد الغفري زار قبرص قبل نحو أسبوع لبحث موضوع السفينة مع القبارصة، إلا أن ضغوط الاتحاد الأوروبي على نيقوسيا منعتها من تسليم السفينة قبل استكمال التحقيقات حول الجهة التي كانت الأسلحة متوجهة إليها. وبحسب المسؤولين الغربيين فقد حاول الغفري خلال مباحثاته في نيقوسيا التوصل إلى اتفاق سري مع المسؤولين القبرصيين لتسليم السفينة إلى سورية، أو على الأقل تسليم جزء من الأسلحة إلى ميناء اللاذقية السوري على البحر المتوسط. إلا أن مسؤولين قبرصيين رفضا تأكيد هذه الأنباء لوكالة الأسوشييتدبرس، موضحين أن موضوع تسليم جزء من الأسلحة إلى ميناء اللاذقية السوري لم يطرح على الأقل في الاجتماع الرسمي بين المسؤولين السوريين والقبرصيين. غير أن مسؤولا غربياً قال من ناحيته إن دبلوماسيين من قبرص أوضحوا بما لا يدع مجالا للشك أن قبرص قالت لبريطانيا وفرنسا وألمانيا إن سورية تمارس ضغوطاً كبيرة على نيقوسيا حول موضوع السفينة. ولم تتمكن الأسوشييتدبرس من الحصول على تعليق من سورية حول الموضوع بالرغم من محاولتها لعدة أيام. وبموجب قوانين الحظر على إيران، فإن شحنة الأسلحة يجب أن يتم التخلص منها في قبرص، إلا أن المسؤولين القبرصيين قالوا إن موضوع التخلص من الشحنة موضوع «تقني» وسيتم تنفيذه عندما تحين اللحظة المناسبة. وكان مسؤول قبرصي قال لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات القبرصية عثرت على مواد يمكن أن تستخدم في صناعة البارود ومتفجرات، موضحاً أن السلطات القبرصية أفرغت حمولة السفينة وقررت احتجازها بناء على قرارات الأمم المتحدة بحظر التبادل التجاري مع إيران في المواد التي يمكن أن تستخدم في صناعة الأسلحة.

إلى ذلك، وعلى صعيد آخر، قال الجنرال محمد على جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني إن الصواريخ التي تمتلكها إيران يمكن أن تصل إلى المواقع النووية الإسرائيلية. وتأتي التصريحات الإيرانية بينما ما زالت الإدارة الأميركية الجديدة تراجع سياساتها حيال إيران. وقال الجنرال جعفري، وفقاً لما نقلت عنه وكالة «اسنا» الإيرانية أمس، إن كل المنشآت النووية الإسرائيلية، في أي موقع داخل الأراضي الإسرائيلية هي في نطاق الصواريخ الإيرانية. وتأتي تلك التصريحات فيما بدأ مجلس الشيوخ الأميركي نقاشاً لبحث خيارات السياسة الأميركية حيال إيران وكيفية بدء حوار دبلوماسي معها بدون تشجيعها على تجاوز المزيد من «الخطوط الحمراء» عبر سعيها لصنع سلاح نووي.

ويأتي ذلك فيما حذر السناتور جون كيري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، من أن المجموعة الدولية وجهت رسالة «تتضمن تناقضاً أو حتى ضعفاً» عبر السماح لإيران ببلوغ نقطة تخصيب اليورانيوم على مستوى صناعي. وقال «في وقت كانت إيران تتحاور مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأوروبيين، قامت بتجاهل كل خط أحمر رسمته المجموعة الدولية. وفيما كانت إيران تتحاور مع دول العالم كانت تتقدم في اتجاه التحول إلى دولة نووية».

وافتتح كيري جلسات استماع تستمر أسبوعاً حول خيارات السياسة الأميركية في إيران بعد أيام من قول الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه يعد باعتماد نهج «مبدئي وثابت» مع إيران. وما جعل من هذه المسألة أكثر إلحاحاً هو تصريح رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الأميرال مايكل مولن الذي اعتبر فيه أن إيران تملك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة ذرية. وقال كيري إن الولايات المتحدة يجب أن تضع جدولا زمنياً لإحراز «تقدم جوهري» في أي محادثات مع إيران وإرفاقه بتهديد بفرض عقوبات دولية أشد وقيود أكثر على التجارة والأموال. لكن بعض الخبراء الذين يدلون بإفاداتهم أمام لجنة كيري حثوا الإدارة الجديدة على اعتماد مقاربة إيجابية أكثر مع الإيرانيين وتجنب وضع خطوط حمراء علناً على السلوك الإيراني. وعبر ريتشارد هاس رئيس مجلس الشؤون الخارجية عن شكه في أن توقف إيران عمليات التخصيب، واقترح أن تقبل واشنطن بـ«الحق في تخصيب» اليورانيوم.

وقال هاس «أعتقد حينئذ أن المفاوضات يجب أن تركز حول ما إذا كان يجب السماح لإيران بامتلاك بعض قدرات التخصيب، أو تحديد ماهية الحق في التخصيب ومداه ودرجة الشفافية ومدى هامش عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية». لكن السناتور جيمس ريش الجمهوري من إيداهو قال إنه من «السذاجة» الاعتقاد بأن إسرائيل ستبقى على الهامش في حال اقتربت إيران من امتلاك سلاح نووي. وقال ريش إن «هذه المحادثات يجب أن تشمل ما سيحصل حين تقوم إسرائيل بما أعتقد أنها ستقوم به حتماً لإبقاء الإيرانيين بعيدين عن امتلاك السلاح النووي» مشيراً إلى تاريخ إسرائيل في شن ضربات وقائية على مفاعل نووي في العراق وفي الآونة الأخيرة على موقع سوري تشتبه الولايات المتحدة أنه كان يضم منشآت نووية.

من جهته قال السفير السابق فرانك فايسنر إن «أي إيراني لا يأخذ التهديد الإسرائيلي لقدرات إيران النووية على محمل الجد يكون قد أساء تقدير المصالح الحيوية لهذه الدولة». لكنه أضاف أن أي رد عسكري إسرائيلي على حصول تطور في المجال النووي في إيران «سيضعنا جميعاً في وضع صعب جداً». ورأى خبراء آخرون أن العمل العسكري لا يقدم حلا للتحدي الذي تشكله قدرات إيران النووية، فيما حذر البعض من عواقب وخيمة لذلك على الولايات المتحدة والمنطقة. واعتبروا أن المجال لا يزال مفتوحاً للدبلوماسية رغم تحذير الأميرال مايكل مولن من أن إيران جمعت ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة ذرية.