عمر البشير.. أول رئيس تلاحقه المحكمة الجنائية الدولية وهو في سدة الحكم

يحكم أكبر دولة إفريقية.. وتولى السلطة عبر انقلاب عسكري عام 1989

TT

الرئيس السوداني عمر البشير العسكري الذي تولى السلطة بعد انقلاب دعمه الإسلاميون في 1989، هو أول رئيس دولة قد تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة لتوقيفه.

وشهد عهده المتواصل منذ نحو عقدين على رأس أكبر بلد إفريقي، حربين أهليتين: الأولى في الجنوب حيث وقع اتفاق سلام في 2005، والثانية في إقليم دارفور (غرب) مستمرة منذ 2003.

وقد أوقع النزاع في دارفور (غرب) قرابة 300 ألف قتيل في إقليم دارفور حسب الأمم المتحدة، وعشرة آلاف حسب الخرطوم.

ويقول المحلل أليكس دي فال إن «الرئيس البشير معروف بنزعته إلى الرد بعنف على الإهانات، ويقال إنه قلق مما يعتبره مؤامرة من الخارج تهدف إلى الإطاحة به، وردود فعله لا يمكن التكهن بها».

وُلد عمر البشير في 1944 في قرية حوش بانقا التي تبعد 150 كلم شمال الخرطوم وكان تواقا منذ شبابه إلى الانتساب إلى الجيش.

وقد ارتقى بسرعة المراتب العسكرية وشارك إلى جانب الجيش المصري في الحرب الإسرائيلية العربية في 1973.

وتولى قيادة اللواء الثامن في الجيش والمرابط في الجنوب في الحرب الأهلية التي اندلعت في 1983 بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان.

وفي 30 يونيو (حزيران) 1989، أطاح العميد البشير ومجموعة من الضباط الحكومة المنتخبة بطريقة ديمقراطية برئاسة الصادق المهدي في انقلاب عسكري دعمته الجبهة الإسلامية الوطنية بقيادة حسن الترابي الذي رعاه أولا ثم تحول إلى عدو لدود.

وقد فرض حال الطوارئ على مجمل الأراضي السودانية وعلق الدستور والحريات العامة وحظر الأحزاب أو أخضعها.

وتحت تأثير الترابي، اتخذ نظامه منحى إسلاميا في بلد يبلغ عدد سكانه 40 مليون نسمة موزعين على عدد من القبائل المتنوعة بينما يشكل المسلمون غالبية سكانه في الشمال والمسيحيون والإحيائيون في الجنوب. وانتشرت ميليشيات «قوات الدفاع الشعبي» التي شكلت في أثناء الانقلاب، وفرض الشريعة مما فتح فصلا جديدا في الحرب الأهلية التي قتل فيها مليونا شخص من 1983 إلى 2005.

وفي التسعينات أصبح السودان معقلا «للجهاديين» الذين قاتلوا في أفغانستان بما في ذلك زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي طردته الخرطوم بعد ذلك تحت ضغط الولايات المتحدة.

وفي نهاية العقد، تدهورت العلاقات بين «العسكري البشير» و«الإسلامي الترابي»، إذ اقترح الترابي في 1999 مشروع قانون يحد من سلطات الرئيس. لكن البشير رد بعنف وطوق الجيش المجلس الوطني ثم تم حله.

وبعد ذلك، حاول البشير الابتعاد عن التيار الإسلامي المتطرف وتحسين علاقاته مع جيرانه والمجتمع الدولي.

وقد وقّعت حكومته اتفاق سلام مع المتمردين في جنوب السودان يمهد لتقاسم السلطة ولإجراء استفتاء في 2011 حول استقلال الجنوب، حيث يتركز الاحتياطي النفطي للبلاد.

لكن السودان يواجه منذ 6 سنوات نزاعا آخر في دارفور وجهت المحكمة الجنائية الدولية من أجله اتهامات إلى عدد من مسؤولي نظامه بارتكاب جرائم حرب، في حين اتهمه المدعي العام للمحكمة هو شخصيا بالإبادة.

والبشير الذي أمضى أطول فترة في الرئاسة في السودان منذ استقلال هذا البلد في 1956، يدين بهذا الحكم الطويل لعلاقاته الوثيقة في الجيش. ويقول المؤرخ الأميركي روبرت كولينز: «لم ينسَ أنه كان عسكريا أولا ثم سياسيا».

وُلد الرئيس السوداني عمر حسن البشير في يناير 1944 بقرية حوش بناقه (150 كيلومترا شمال الخرطوم)، وتلقى تعليمه الثانوي بالخرطوم، والتحق بالجيش السوداني في سن مبكرة، قبل أن يدرس العلوم العسكرية في كل من الكلية الحربية بالقاهرة والأكاديمية العسكرية بالسودان وتخرج عام 1966، وشارك أيضا إلى جانب الجيش المصري في حرب السادس من أكتوبر(تشرين الأول) 1973. وهو متزوج بامرأتين وليس لديه أولاد، وزوجته الأولي هي ابنة عمه، أما زوجته الثانية فهي أرملة إبراهيم شمس الدين عضو مجلس الخلاص الوطني، ويرجع سر إقباله على الزواج بامرأة ثانية إلى تشجيع غيره من المسؤولين السودانيين بالزواج بأرامل رفاقهم ممن سقطوا في الحرب الأهلية السودانية.

وصل البشير إلى سدة الحكم، في أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة، عبر انقلاب عسكري أطاح برئيس الحكومة المنتخبة صادق المهدي في 30 يونيو (حزيران) 1989، وتسلم السلطة في السودان خلال تلك الفترة الانتقالية بالتحالف مع زعيم الجبهة الوطنية الإسلامية حسن الترابي، وقام بتطبيق الشريعة الإسلامية في السودان ماعدا الجنوب في عام 1991، وحظر الأحزاب السياسية الأخرى. وفي 16 أكتوبر 1993 نُصب البشير رئيسا للسودان، وحظر حزب الخلاص الوطني ليستأثر لنفسه بالسلطة التشريعية والتنفيذية في آن واحد، وليعاد انتخابه عام 1996 رئيسا للبلاد لمدة 5 سنوات بعد حصوله على نسبة أصوات بلغت 75,7%.

* أعدت التقرير شيماء محمد عبد المنعم