الكويت: التراجع عن حل مجلس الأمة بعد اجتماع الشيخ صباح برئيسي الحكومة والبرلمان

الحكومة تتجه للمحكمة الدستورية للفصل في استجوابي رئيسها احتواء للأزمة السياسية

أعضاء في مجلس الأمة الكويتي خلال اجتماعهم في مقر المجلس أمس (أ.ف.ب)
TT

فيما كان النواب يناقشون أمس أثناء جلستهم في البرلمان التعديلات المقدمة على مشروع قانون العمل في القطاع الأهلي، رشحت معلومات عن قرب إعلان حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة، وهو ما أعلنه صباحا النائب صالح عاشور بقوله إن «قرار الحل سيصدر ظهر اليوم (أمس) أو الأحد المقبل في أبعد تقدير، وأن الانتخابات ستعقد خلال مايو (أيار) المقبل».

تصريح عاشور أتى بعد تواتر أنباء عن اعتزام أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد إصدار قرار بحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة، إثر تصعيدات نيابية ضد الحكومة أدت إلى تقديم طلبي استجواب مختلفين مطلع الأسبوع بحق رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، وبلوغ الأزمة السياسية بين الحكومة والبرلمان إلى حد تعطلت معه البلاد طوال الفترة الماضية.

وسادت الشارع السياسي أمس حالة من الترقب المشوب بالحذر بانتظار ما سيسفر عنه اجتماع استثنائي عقد ظهرا في قصر السيف (مقر الحكم) في مكتب أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بين رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد، ورئيس البرلمان جاسم الخرافي، والذي جاء بعد اجتماع عقد مساء أول من أمس لكبار الأسرة الحاكمة الذين بحثوا خلاله الأحداث الأخيرة ومنها تنامي ظاهرة تقديم استجوابات بحق رئيس مجلس الوزراء، ومطالبته صعود المنصة وتفنيد محاور الاستجوابات، في وسيلة للضغط على الحكومة لتمرير بعض الأجندات، أو لإثبات فشل السياسيات الحكومية في معالجة الأوضاع من دون تقديم حلول يمكن تطبيقها.

وانتهى اجتماع قصر السيف بحسب مصادر خاصة بـ«الشرق الأوسط» إلى «احتواء طلبي الاستجواب المقدمين بحق رئيس الوزراء، من خلال إحالتهما إلى المحكمة الدستورية (وهي أعلى جهة قضائية تنظر في الأمور المنظمة للعلاقة بين الحكومة والبرلمان) للبت في مدى تطابقهما مع الدستور ولوائح البرلمان المنظمة للاستجواب، مقابل العدول عن خيار حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة، وهو إجراء دستوري، يهدف إلى إزالة الشبهات التي ربما تعتري الاستجوابين المقدمين للشيخ ناصر المحمد، إذ يسائله النواب في ملفات منظورة أمام القضاء، ولم تحسم بعد بأحكام نهائية».

واعتبرت المصادر في حديثها لـ«الشرق الأوسط» ما انتهى إليه الاجتماع بأنه بمثابة «الفرصة الأخيرة للنواب، الذين عليهم إحسان الاستفادة منها، خاصة أن أمير البلاد أبدى ضيقه من محاولات الاستفزاز المتعمدة التي يقوم بها النواب في تصعيدهم على الحكومة، وهو ما ساهم في تفشي حالة الإحباط بين المواطنين، وعاد بالسلب على الديمقراطية الكويتية، إلى جانب مطالبة الشيخ صباح الحكومة بإنجاز قانون الإنقاذ الاقتصادي، والعمل على تحسين مستوى خدمات أجهزتها، ومحاسبة المقصرين، بهدف قطع الطريق أمام النواب الذين يتصيدون الأخطاء على الحكومة».

ومن جانبه، أكد رئيس البرلمان جاسم الخرافي في تصريحات للصحافيين أمس في البرلمان بعد انتهاء الجلسة أن ثقته بـ«حكمة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد كبيرة، وسموه حريص على الاستماع إلى آراء أسرته الكبيرة وهم أهل الكويت».

وأضاف ردا على سؤال حول الأنباء المتواترة عن قرب حل البرلمان «نعلم جميعا أن ما يتعلق بالإجراءات الدستورية الخاصة بحل المجلس من عدمه فهي بيد أمينة، ألا وهي يد سمو الأمير، وكما عودنا سموه فإن القرار في النهاية لا يتخذه سموه إلا بعد أن يدرس الأوضاع من جميع جوانبها، وأنا شخصيا ثقتي كما هي دائما كبيرة في حكمة سموه وفي الإجراءات التي يتخذها، وأتمنى أن يعمل الجميع مجلسا وحكومة وفق توجيهات سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وأن نكون عونا له في أي قرار يتخذه لما فيه صالح الكويت وأهلها».

وقال الخرافي «التقيت سمو الأمير في وقت سابق اليوم (أمس) واستأذنته بالسفر لحضور اجتماعات الاتحاد البرلماني العربي المقرر عقدها في العاصمة العمانية مسقط، أما فيما يتعلق بحديث الساعة والرسائل والإشاعات فكما تعلمون فقد كان هناك لقاء لبعض أفراد الأسرة الحاكمة مع سموه بقصد إطلاع سموه على ما يدور من أحداث والأوضاع الخاصة بالبلد، وأمير البلاد حريص على الاستماع ليس فقط للأسرة الصغيرة، إنما أيضا للأسرة الكبيرة وهي أهل الكويت، وحسب ما فهمت فإنه لم يكن هناك تصور إلى الآن في ما يتعلق بأي إجراء دستوري سيتم اتخاذه» في إشارة إلى حل البرلمان، مردفا أن «اتخاذ الإجراءات الدستورية حق لسمو الأمير وحده، ولا أحد يستطيع التكهن متى سيتخذ سموه أي قرار أو ما يمكن أن يتخذه، فسموه الأقدر على تقييم تلك الإجراءات».