الحريري يدعو لإبقاء المحكمة بمنأى عن التجاذبات.. ويرحب بالملاحظات «القانونية» على مذكرة التفاهم

نقابة المحامين في بيروت ترحب بانطلاق المحكمة الدولية

TT

قبل ساعات قليلة من انعقاد جلسة مجلس الوزراء في القصر الجمهوري مساء أمس والمدرج على جدول أعمالها البند المتعلق بمذكرة التفاهم بين وزارة العدل اللبنانية والمدعي العام الدولي لإنشاء مكتب للأخير في لبنان، أطلق زعيم الأكثرية النيابية رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري موقفا دعا فيه إلى «وجوب أن تبقى المحكمة الدولية بمنأى عن التجاذبات السياسية وأي محاولات تعمل على جعلها موضع خلاف داخلي».

ونقل زوار الحريري عنه «أن المحكمة صارت واقعا قانونيا دوليا لا مجال للعودة عنه أو التشكيك فيه. واللبنانيون بمختلف مواقعهم السياسية يلتقون على هذه الحقيقة ويريدون للمحكمة أن تكون سبيلهم لإقرار العدالة وحماية لبنان من مسلسل الإجرام الإرهابي». ورأى «أن الجزئية المتعلقة بمذكرة التفاهم المقترحة من وزارة العدل، لا يجوز أن تشكل بابا لإثارة الغبار من جديد حول قضية المحكمة». وحض على «التعامل مع المذكرة بالإيجابية المطلوبة وفي إطار النقاش المسؤول والانفتاح على أي ملاحظات لا تتناقض مع مسار المحكمة والتحقيق الدولي». وقال: «إننا منفتحون على مناقشة الملاحظات القانونية الخاصة بمذكرة التفاهم. ولا مانع حيال ذلك من إرجاء بتها إلى الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء إذا كان الأمر يتطلب مزيدا من التشاور. المهم ألا تقف أي اعتبارات أمام مسار التحقيق الدولي وأن تنطلق عجلة المحكمة بعيدا عن المشاحنات السياسية».

من جهته، أكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب وائل أبو فاعور، عقب لقائه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أمس، أن المحكمة الدولية «أصبحت حقيقة وأمرا واقعا وموجودا في عهد القضاء الدولية». وأشار إلى أن مذكرة التفاهم المقدمة إلى مجلس الوزراء «ليس فيها أي تسييس وليست فيها أي خلفيات أو أي استهداف سياسي لأي طرف لبناني على الإطلاق. وبالتالي النقاش الموضوعي مرحب به ومقبول. وإذا كان هناك أي طرف في مجلس الوزراء لديه ملاحظات من هذا النوع فيجب أن تناقش بعقل بارد وبترو. وليس هناك أي أمر ملح. ونتمنى أن يحصل نقاش، بعيدا عن أي خلفيات سياسية، لأن المذكرة المقدمة ليست فيها أي خلفيات أو استهدافات سياسية لأي طرف لبناني على الإطلاق». وأفاد أن الحزب التقدمي الاشتراكي «موافق على المذكرة كما هي مطروحة. وإذا كانت هناك ملاحظات أو وجهات نظر تتطلب بعض التعديلات التي لا تمس الجوهر فنحن مستعدون لمناقشتها». وردا على سؤال حول ما تردد عن سحب النائب وليد جنبلاط القاضي الدرزي الذي اختير ليكون في عداد قضاة المحكمة الدولية، قال أبو فاعور: «ليس هناك قاض درزي وغير درزي، فالقاضي هو قاض لبناني، بصرف النظر عن طائفته وهويته المذهبية أو الطائفية. كما أننا في الأساس لسنا على اطلاع على أسماء القضاة المنتدبين لأن يكونوا في المحكمة الدولية لكي نطلب تغيير اسم أو إضافة اسم آخر. وهذا ليس من صلاحياتنا. ووجود أي قاض من أي طائفة يعني وجود قاض لبناني ولا يعني وجود قاض ممثل لطائفة ما. وبالتالي هذا النقاش أساسا لم يحصل. وهو نقاش، إلى حد ما، فيه الكثير من السخف إذا لم أقل شيئا آخر». وأمل وزير السياحة ايلي ماروني «أن يقر مجلس الوزراء مذكرة التفاهم بين الحكومة ومدعي عام المحكمة الدولية لأن ذلك يؤكد مصداقية لبنان ولأن المحكمة الدولية أصبحت واقعا لا مفر منه». واعتبر أن «التمنع أو التحفظ أو الاعتراض أو تحويل هذا البند إلى مجلس جنوب جديد يطرح أكثر من علامة استفهام وأسئلة حول عرقلة عمل المحكمة الدولية وهذه الوثيقة هي مجرد عملية تنسيقية بين المحكمة الدولية ومكتب المدعي العام الدولي في لبنان والنيابة العامة التمييزية». إلى ذلك، رحبت نقابة المحامين في بيروت بانطلاق «عمل المحكمة الدولية». وطالبت «جميع المعنيين، وخاصة السياسيين منهم» بـ «إبقاء السياسة بعيدة عن المحكمة وعملها وعدم إدخالها في السجال السياسي المحلي الذي يلحق بها وبالبلاد الأذى الكبير». وأكدت قناعتها بأن «العدالة الدولية لن تكون مسيسة وأن المحكمة ستقوم بعملها بكل استقلال ونزاهة وشفافية، وأن لا شيء يحكم هذا العمل إلا مستندات الملف وأحكام القانون والضمير». ورأت النقابة أن «إطلاق المحكمة الدولية يؤشر إلى أمرين. الأول، أن ولادة هذه المحكمة تنبئ بنهاية فترة كانت فيها الجرائم السياسية الكبيرة التي تقع في لبنان تبقى من دون عقاب. ونحن على يقين أن زمن الإفلات من العدالة قد ولى. والثاني، هو أن إقامة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وترحيب اللبنانيين بها، هما دليل واضح على العثرات التي وقع فيها القضاء في لبنان وأدت إلى حالة من العجز وزعزعة الثقة بين المواطنين والجسم القضائي».

وأمل لقاء «الانتماء اللبناني» في بيان أصدره أمس، أن «تعجل المحكمة الدولية في بت ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري والاغتيالات الأخرى في لبنان، وأن يبرهن المجتمع الدولي على تعامل جاد مع النتائج التي ستصدر عن هذه المحكمة». واعتبر «أن الاغتيالات التي شهدها لبنان في السنوات الأخيرة لم تكن اغتيالات لأشخاص فحسب، بل كان الهدف منها محاولة اغتيال حرية الرأي والاختلاف».