موسى كوسا.. رجل المهام الصعبة في ليبيا

أدار ملف الممرضات والعلاقات مع الغرب وتفكيك البرنامج النووي

TT

رغم عدم ظهوره العلني وتفضيله الوقوف خلف الستار، أُطلق عليه «رجل المهام والملفات الصعبة»، و«دينامو الاستخبارات» و«صاحب النفوذ الأعلى في القرار السياسي الليبي»، و«رجل الخيمة الثاني» المقرب من الزعيم الليبي معمر القذافي.

إنه موسى كوسا الذي عين وزيراً لخارجية ليبيا، في إطار تعديل وزاري أعلنه مؤتمر الشعب العام في ليبيا (البرلمان) الليلة قبل الماضية يوم 4 مارس(أذار) الجاري، خلفاً لعبد الرحمن شلقم، الذي شغل هذا المنصب منذ ثمانية أعوام، وسينتقل إلى نيويورك لتمثيل ليبيا في مجلس الأمن الدولي.

تاريخ كوسا وخبرته الكبيرة ودوره في تشكيل سياسة بلاده الخارجية في المرحلة الأخيرة، كان العامل الأساسي الذي أهله لهذا المنصب. فكوسا، 59 عاما، الذي يعد من عائلة متوسطة معروفة في طرابلس الغرب، حصل على منحة وحاز شهادة ماجستير من جامعة ميشيغن الأميركية عام 1978، وبدأ حياته المهنية في أجهزة الاستخبارات كمسؤول عن أمن السفارات الليبية في شمال أوروبا. وكانت النقلة المهمة في حياته هي تعيينه عام 1980 سفيرا لليبيا في لندن، إلا أنه لم يمكث في هذا المنصب كثيراً، حيث طرده البريطانيون في السنة ذاتها، بعدما وردت أنباء عن قيامه بأنشطة ضد معارضين ليبيين على الأراضي البريطانية وفي أوروبا.

تولى كوسا منصب نائب وزير الخارجية في الفترة من 1992 إلى 1994، قبل أن يعين على رأس جهاز الاستخبارات الليبية، المعروف باسم جهاز الأمن الخارجي، حيث شغل هذا المنصب لمدة 15 عاما (حتى تم تعيينه الآن وزيراً للخارجية)، وكان هذا المنصب الأبرز في تاريخه.

لعب كوسا دوراً رئيسياً في العديد من الملفات الليبية الشائكة في الفترة الأخيرة، وكان له دور رئيسي في إزالة العديد من العقبات التي حالت دون بناء إقامة علاقات ليبية مع الدول الغربية، خاصة بعد أن فرضت الدول الغربية حصارا على بلاده في الفترة من عام 1992 حتى بداية الألفية الجديدة. فعلى مدى السنوات الست الماضية، نجحت الاستخبارات الليبية بقيادة كوسا في التوصل إلى صفقة مع الولايات المتحدة وفرنسا لتعويض ضحايا تفجير طائرة شركة «بان أميركان» في لوكربي عام 1988، وطائرة دي سي ـ 10 الفرنسية فوق النيجر عام 1989، رغم اتهام البعض له بأنه هو شخصيا الذي خطط لهذا الهجوم، حيث ظل مطارداً من الغرب في ذلك الوقت بتهم الإرهاب.

كما كان كوسا مسؤولاً عن الصفقة الليبية مع الاستخبارات البريطانية والأميركية عام 2003 والخاصة بتفكيك البرنامج النووي الليبي الذي أثار استغراب الكثير من المراقبين في ذلك الوقت كخطوة مفاجئة لم تكن متوقعة، وتخلي ليبيا عن السعي لامتلاك أسلحة دمار شامل مقابل انفتاح أميركي بريطاني يتبعه انفتاح مع أوروبا وباقي دول العالم، يُخرج النظام الليبي من عزلته التي طالت وأصبحت تشعر الرأي العام في ليبيا بالاختناق والبعد عن العالم الخارجي. وفتحت الصفقة التي قام بها «دينامو الاستخبارات» مع الغرب، الباب أمام رفع الحظر التجاري الذي كانت تفرضه الولايات المتحدة على ليبيا منذ عام 1986.

ومن أهم الملفات الشائكة التي كانت بحوزة كوسا أيضاً، وظلت عالقة بالأذهان بسبب تشابكها وتعقدها، وتداخل ما هو إنساني واجتماعي مع ما هو سياسي، قضية الممرضات البلغاريات، التي حُكم فيها عليهن بالإعدام بتهمة حقن مئات الأطفال بفيروس الايدز. ولكن، كما يُرجع البعض الفضل لـ«رجل المهام والملفات الصعبة»، تم إطلاق سراحهن في يوليو (تموز) 2007، بعد ثماني سنوات في السجن. فقد كان كوسا هو المفاوض الرئيسي في هذه القضية.

* شارك في التقرير محمد عبده حسنين