احتدام السجال حول «لجنة حقيقة» حول عهد بوش

الديمقراطيون يريدون فتح ملفات الإدارة السابقة.. والجمهوريون يتصدون

TT

تشهد الولايات المتحدة سجالا صاخبا حول احتمال تشكيل «لجنة حقيقة» تتولى التحقيق في الانتهاكات التي يعتقد أن الإدارة السابقة ارتكبتها بعد 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في إطار «الحرب على الإرهاب». وفي وقت يدعم الديمقراطيون، الذين يسيطرون على مجلسي الكونغرس، مثل هذه اللجنة، يؤكد الجمهوريون رفضهم لمحاسبة إدارة الرئيس السابق جورج بوش بهذه الطريقة.

وقال الديمقراطي باتريك ليهي، رئيس لجنة الشؤون القضائية في مجلس الشيوخ الأميركي أول من أمس، «أن ما من شيء أساء إلى صورة الولايات المتحدة في العالم، بقدر اكتشافنا أن بلدنا حرف القانون، وأن السلطة التنفيذية تجاوزت حدودها للسماح بالتعذيب وبالمعاملة السيئة».

وافتتح ليهي جلسة استماع يشارك فيها شهود حول إمكانية تشكيل مثل هذه اللجنة، في وقت تتكشف فيه أسبوعا تلو الآخر، حقائق جديدة حول ممارسات العهد السابق.

ونشرت إدارة أوباما، الاثنين الماضي، تسع مذكرات داخلية أصدرتها إدارة بوش. وتؤكد هذه المذكرات أن الإدارة السابقة سعت إلى إيجاد أساس قانوني لعدد من الممارسات المثيرة للجدل، مثل نقل سجناء إلى الخارج لاستجوابهم سرا، أو سلطة الرئيس في إعطاء الأمر بإجراء تنصت على خطوط هاتفية من دون مذكرات قضائية.

لهذا السبب أصبح تشكيل لجنة لتحديد المسؤوليات، سواء كانت بإشراف الكونغرس أو القضاء أو لجنة مستقلة، مدار جدل اليوم أكثر من أي وقت مضى. وهذه اللجنة طالب بتشكيلها العديد من النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان. غير أن الرئيس باراك أوباما لم يبد حماسة لهذه الفكرة مفضلا «المضي إلى الامام».

وأمل ليهي أول من أمس، في أن ترى الولايات المتحدة «ما هي الأخطاء التي تم ارتكابها، بما يتيح لنا أن نتعلم من أخطائنا وألا نكررها».

وأعلن توماس بيكرينغ، المسؤول الرفيع في وزارة الخارجية سابقا، أن تشكيل «لجنة سيسمح برواية التاريخ بأكمله وليس أعمال كل هيئة على حدة»، من أجل «معرفة كيف أن الحكومة برمتها كانت على علاقة بمعاملة المعتقلين».

وعلى غرار الاميرال المتقاعد لي غون، يؤكد بيكرينغ أن اللجنة يجب أن تترك لوزارة العدل مهمة القيام بملاحقات قضائية محتملة، وان تعد تقريرا مفصلا حول عملها يمكن للبرلمانيين أن يضعوا يدهم عليه إذا أرادوا.

كما دعا بيكرينغ إلى منح اللجنة سلطة استدعاء شهود، لكن من دون أن تكون لديها -أو اقله في حدود ضيقة للغاية- سلطة منح الحصانة لبعضهم مقابل إدلائهم بمعلومات تفيد التحقيق.

وفي مواجهة هذا الاحتمال، يبدي الجمهوريون حذرا متزايدا. وقال ارلن سبكتر، العضو الجمهوري في لجنة الشؤون القضائية: «لن يضيرني أن انظر إلى الوراء إذا كان لدي من دواع لذلك»، مذكرا بأن ممارسات الإدارة السابقة «تم عرضها ويتم عرضها» حاليا.

ودافع سبكتر عن فكرة إجراء ملاحقات جنائية في كل حالة على حدة وليس تحقيقا شاملا.

وبدوره، قال الحقوقي جيريمي رابكين انه «من السذاجة الاعتقاد بأن لجنة بسيطة يمكنها معالجة كل الجدل الذي أثير حول سياسة مضت، وان تستبدله بتسوية حول (حقيقة) تاريخية»، معتبرا أن تشكيل هكذا «لجان حقيقة» يتلاءم ودول مثل تشيلي بعد عهد بينوشيه، وأفريقيا الجنوبية بعد انهيار نظام الفصل العنصري، مؤكدا انه «في الولايات المتحدة لسنا في هذا الوضع».