مسيحيو العراق يخشون دفع الثمن مرتين

يطالبون بضمان حقوقهم في الدستور قبل رحيل الأميركيين

TT

يخشى مسيحيو العراق من احتمال توطينهم في مكان معزول ليدفعوا الثمن مرتين ويتحولوا إلى «لقمة سائغة لمن هب ودب»، حسبما ذكر أحد كبار أساقفتهم الذي ندد بالتخلي عن طائفته التي هجر الكثير من أبنائها في السنوات الأخيرة بعد استهدافهم من قبل مجموعات مسلحة.

وقال رئيس أساقفة كركوك للمسيحيين الكلدان لويس ساكا إن لدى «المسيحيين قلقا كبيرا وشعورا بالخوف بسبب هجرهم بعد تهجيرهم (...) وهاجسهم المخيف هو توطينهم في واحة معزولة عن باقي المكونات العراقية وحينها سيكونون لقمة سائغة لمن هب ودب». وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن المسيحيين «يجهلون مستقبلهم ولا يعلمون متى سيعودون إلى مناطقهم لاستعادة حقوقهم وأملاكهم ومشاركتهم في السلطة والمسؤولية في مؤسسات الدولة التي لا يلمسون أي ضمانات منها رغم ثقتهم بدورها وسعيها لاستتباب الأمن». وأضاف «كما أننا لا نلمس أي ضمانات من قبل المحتل أيضا». وقال إن «خروج المحتل إلزامي من حيث المبدأ لكن لم نحل مشاكلنا حتى الآن. هناك تحسن أمني، ولكن أين الايجابية في الجانب السياسي؟ فالعملية السياسية لا تزال غير واضحة ومن المحتمل أن يقود هذا إلى تدهور الأوضاع الأمنية».

وأكد الأسقف «نشعر بالخوف، ليس وحدنا فقط، بل الجميع يشعر بذلك وخصوصا في كركوك فعلى سبيل المثال، لم يتم تجهيز الجيش والشرطة بالأسلحة المتطورة من أجل استتباب الأمن ولا يزال البعض منهما يعاني من خروقات وانتماءات سياسية وطائفية وعرقية».

وشدد على أن «المسيحيين يأملون أن يكفل الدستور حقوقهم مع الأقليات الأخرى قبل الانسحاب الأميركي إلى جانب ضمان حقوقهم ضمن دستور إقليم كردستان، وفي حال تشكيل أقاليم أخرى في الوسط والجنوب». وقال ساكا «نناشدهم النظر إلى المسيحيين كمكون أساسي وحيوي وفاعل وحريص على وحدة العراق وسيادته لأنهم جزء فاعل من تاريخ العراق القديم والمعاصر». وأكد أن «أكثر من مائتي ألف مسيحي تشردوا وهم مهجرون خارج العراق نتيجة أعمال العنف والإرهاب والتطرف فضلا عن الآلاف الموجودين في إقليم كردستان».

وبحسب مسؤولين كنسيين، هاجر 250 ألف مسيحي من أصل 800 ألف كانوا يعيشون في العراق قبل الاجتياح عام 2003. وقد تعرض المسيحيون في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في الموصل (370 كلم شمال بغداد) لموجة من أعمال العنف والاعتداءات أسفرت عن مقتل نحو 15 شخصا منهم وتدمير ثلاثة منازل، ما أدى إلى نزوح 2500 عائلة في الأقل. وتوجه النازحون إلى مناطق تلكيف وتل اسقف والقوش وبطنايا وكرمليس وبعشيقة الواقعة شمال الموصل في سهل نينوى، حيث الغالبية مسيحية. وكان أبناء الطوائف المسيحية في الموصل هدفا لسلسلة من الاعتداءات خلال الأعوام المنصرمة أبرزها خطف أسقف الكلدان المطران بولس فرج رحو في 29 فبراير (شباط) 2008 والعثور عليه ميتا بعد أسبوعين. كما تتعرض كنائس المسيحيين في العراق باستمرار لاعتداءات، ما أرغم عشرات الآلاف منهم على الفرار إلى الخارج أو اللجوء إلى سهل نينوى وإقليم كردستان العراق.