مجلس الأمن لم يتلق أي طلب لجلسة طارئة.. و8 دول ضد التأجيل و7 معه

موقف السودان بإلغاء مذكرة التوقيف أربك حلفاءه الأفارقة والعرب.. وبان كي مون يحذر الخرطوم

TT

لا تبدو أية مؤشرات تشير إلى تحرك مجلس الأمن خلال الأيام المقبلة باتجاه إجراء مشاورات رسمية أو غير رسمية لبحث مذكرة المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. ورغم مرور يومين على صدور مذكرة الاعتقال لم يتلق رئيس المجلس لهذا الشهر القائم بأعمال البعثة الليبية السفير إبراهيم دباش أي طلب لعقد جلسة طارئة. وتفيد مصادر دبلوماسية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن التحرك السوداني في الأمم المتحدة قد أربك المساعي الأفريقية والعربية عندما صعد من سقف مطالبه حيث طالبت الحكومة السودانية وعلى لسان سفيرها لدى الأمم المتحدة عبد المحمود عبد الحليم بإلغاء مذكرة الاعتقال وقال «لم يعد مطلبنا الآن استخدام المادة 16 من نظام روما للمحكمة الجنائية (التي تدعو إلى تجميد فعالية مذكرة الاعتقال لمدة سنة قابلة للتجديد) وإنما مطلبنا الآن يتمثل بإلغاء مذكرة الاعتقال». وتوقعت المصادر نفسها أن يشهد الأسبوع المقبل نشاطا دبلوماسيا مكثفا مع وصول وفد رفيع المستوى من الجامعة العربية ومن الاتحاد الأفريقي. وقال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى «أنه بسبب الانقسام الذي يشهده مجلس الأمن إزاء مذكرة الاعتقال قد يتأخر صدور أي قرار أو أي موقف من المجلس». وأضاف المصدر نفسه «أن الأمر يعتمد على مدى فعالية وحيوية الجهود التي سيبذلها الوفد العربي الأفريقي المشترك». والدول التي تعارض استخدام المادة 16 من نظام روما هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتقف معها من الدول غير الدائمة العضوية كل من النمسا وكرواتيا واليابان وكوستاريكا والمكسيك. وبالمقابل تدعو روسيا والصين حليفة السودان إلى استخدام المادة 16 وتؤيد هذه الدعوة من قبل الدول غير الدائمة العضوية كل من ليبيا وفيتنام وبوركينافاسو وأوغندا وتركيا. وهذا يعني أن أي مشروع قرار لا يمكن تقديمه إذا لم يحظ على دعم 9 أصوات من مجموع 15 صوتا مجموع الدول الأعضاء في مجلس الأمن.

ويجادل الفريق الأول على أساس أنه ليس هناك رابطة بين مسار العدالة وعملية السلام الجارية في دارفور. وقد عبرت الولايات المتحدة عن هذا الموقف في بيان صدر عن بعثتها لدى الأمم المتحدة أعربت فيه عن دعم أميركا لإجراء المحكمة الجنائية الدولية، وقال البيان «إن الولايات المتحدة تساند إجراءات المحكمة التي تحمل مسؤولية من ارتكب هذه الجرائم الشنيعة في دارفور».

ومضى البيان يقول «نحن ما زلنا نلتزم بالسلام وبالعدالة في السودان وأن هؤلاء الذين ارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية في السودان يجب أن يمثلوا أمام العدالة وفق قرار مجلس الأمن 1593 الذي أحال جرائم دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية «وحثت واشنطن الحكومة السودانية وكل أطراف الصراع في دارفور إلى التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية وحثت كل دول المنطقة إلى التعاون التام مع قرار المحكمة. وحذرت من استخدام مذكرة الاعتقال كذريعة لتصعيد أعمال العنف ضد المدنيين والموظفين الدوليين في السودان.

وترى هذه الدولة أنه ليس هناك أي حاجة لاستخدام المادة 16 من نظام روما كما عبر عن هذا الموقف بوضوح سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة. وتطالب دول الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية بتفعيل واستخدام المادة 16 لمدة 12 شهرا، وقال ربرونو زيدومبا رئيس مجلس الأمن والسلام التابع للاتحاد الأفريقي «نريد تجميد مذكرة الاعتقال لفترة مؤقتة لمنح فرصة للسلام في السودان». وأعربت تركيا التي شذت في موقفها عن موقف دول الاتحاد الأوروبي عن قلقها من صدور مذكرة الاعتقال وبدأت تطالب باستخدام المادة 16 من نظام روما وقال وزير الخارجية التركي علي باباجان «نحتاج إلى تعاون حكومة السودان إذا أردنا حل مشكلة دارفور وأن المشكلة لا يمكن حلها من خلال عزل حكومة السودان وأن الحل الوحيد لا يتم إلا من خلال الحوار مع الحكومة السودانية». وأكد مصدر دبلوماسي قريب من البعثة التركية «أن بلاده تطالب باستخدام المادة 16 وسوف تؤيد التحرك العربي الأفريقي». وفي تطور آخر حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من قرار الحكومة السودانية بطرد 13 منظمة غير حكومية تضطلع بعمليات مساعدة في دارفور وقال الأمين العام في بيان أدلت به الناطقة الرسمية ميشيا مونتاس «إذا نفذ (قرار الحكومة السودانية) سوف يؤدي إلى إلحاق ضرر لا يمكن تلافيه في العمليات الإنسانية هناك». وأفاد بان كي مون في بيانه بأن عمليات هذه المنظمات تلعب دورا أساسيا في توفير شريان حياة لحوالي 4.7 مليون سوداني يحصلون على مساعدات في دارفور، وقال بان كي مون «إن هذه المنظمات تقدم مساعدة إنسانية لأولئك الذين يحتاجونها بطريقة طبيعية وغير متحيزة». وأعرب الأمين العام عن قلقه إزاء سلامة وأمن العاملين الإنسانيين المحليين والدوليين في السودان وأكد أن مصادرة المعدات والأموال والمواد الأخرى لا يمكن قبولها وينبغي أن تتوقف في الحال.