ندوة مصرية حول السياحة والإرهاب: مستشار في الحكومة يرى أيادي خارجية في الأحداث الأخيرة

خبراء أكدوا فشل تنظيم القاعدة في محاولة اختراق مصر

TT

«أنا لدي 6 إخوة، وذقت مرارة أن يُعتقل أحدهم 15 عاما بتهمة الشروع في أعمال إرهابية»، عبارة قالها أحد حاضري مؤتمر «مستقبل السياحة بين الإرهاب والسلام الاجتماعي»، الذي عقدته مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، والذي أقيم على خلفية حادث الحسين الإجرامي، وكأن المؤتمر نكأ جرح الإرهاب الأسود الذي يستهدف أرواح الأبرياء ويستخدم في ذلك شبابا ممن غُيبت عقولهم وعانوا من ضغوط مريرة، ليدخلوا أنفسهم والمجتمع في تجارب أكثر قسوة.

المؤتمر فتح الباب على مصراعيه للحديث عن خطر الإرهاب، كما طرح عدة تساؤلات أهمها: هل الحادث عودة إلى دق ناقوس خطر التنظيمات المتطرفة وفكرها الذي يستهدف قتل المدنيين والأبرياء؟ وكيف تقوم الجهات المتخصصة في مصر بإدارة تلك الأزمات؟ وهل نتوقع في الفترة القادمة حدوث مثل تلك العمليات الإرهابية؟

«هل كنا مخطئين عندما اعتقدنا أننا طوينا صفحة التسعينات بما فيها من عنف ديني زلزل كيان مصر؟»، هذا ما تساءل به أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت، الذي أكد على أهمية منظمات المجتمع المدني للتوعية بأهمية وجود مشروع للسلام المجتمعي تشارك فيه كل مؤسسات الدولة وتساعد على نشره والتوعية به، لأنه على الطرف الآخر هناك منظمات تعمل في الظلام لنشر ثقافة هدامة مناهضة للسلام، مؤكدا أن أخطر ما في الأمر أن مفهوم الإرهاب أصبح مفهوما ملتبسا لدى الأفراد، وذلك أدى إلى تجاوز الخطوط الحمراء التي ما كانت لتكسر إنسانيا وأخلاقيا، فمفهوم الإرهاب أصبح متداخلا مع مفهوم المقاومة ومفهوم الإرهاب الفردي مع إرهاب الدولة، مما يجعل الإرهاب أداة في أيدي صناع القرار لخدمة أهدافهم السياسية والاجتماعية. مضيفا أنه عندما حدثت واقعة الإرهاب في لندن تم القبض على 17 من المشتبه بهم، أما في مصر عندما وقع إرهاب طابا تم القبض على 1000 من المشتبه بهم، وهذا هو الفارق في إدارة الأزمات، مشددا على ضرورة إلغاء قانون الطوارئ الذي تأكد الأزمات أنه لا يتم الاستفادة منه إلا في الأسوأ.

الدكتور محمد ياسر أبو الفتوح المستشار برئاسة مجلس الوزراء المصري، رئيس محكمة أمن الدولة بالمحلة (بدلتا مصر)، ربط بين الحوادث الإرهابية والمواقف السياسية لمصر وكذلك الأوضاع الاقتصادية للبلاد، ورجح وجود أيدٍ خارجية تهدف إلى زعزعة النظام السياسي والاقتصادي في مصر، مشيرا إلى أن الحادث جاء في توقيت صعب حيث الركود الذي تسببت فيه الأزمة المالية العالمية، والذي أثر بالسلب على السياحة، حيث توقع الخبراء أن ينخفض أعداد السائحين الوافدين إلى مصر خلال عام 2009 بسبب الأزمة ليصل إلى 10,1 مليون سائح، بعد أن زار مصر العام الماضي نحو 13 مليون سائح.

وأشار إلى أن مصر مرت بسلسلة من الهجمات الإرهابية حيث تعرضت لأربع عشرة عملية إرهابية ضد السائحين الأجانب من قِبل جماعات الإسلام السياسي المسلحة، التي تعتنق الفكر الجهاد والتكفيري للمجتمع، والتي بدأت من عام 1992 حتى 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 1997، وحادثة الأقصر التي قتل فيها 58 سائحا من جنسيات مختلفة. وقد كان لهذا الحادث التأثير الأسوأ على السياحة المصرية، حيث أصبحت نسبة الإشغال في الفنادق العالمية بمصر 5%، مؤكدا أن السياحة صناعة خطيرة لأنها مرتبطة بـ121 مهنة، ولكن تلك الحوادث تؤثر عليها لأنها صناعة هشة في مواجهة الإرهاب، مضيفا أن في إسبانيا كل مواطن يصرف عليه سائح، على الرغم من أن لدينا منتجا سياحيا أكثر غزارة.

ويعتقد د. عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أنه لا توجد تنظيمات إرهابية في مصر، وقال: «إن تنظيم القاعدة حاول اختراق مصر كثيرا ولكنه لم يستطع»، وأشار إلى أن ظاهرة التنظيمات انتهت من مصر، وكان حادث الأقصر الذي تبنته الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد كان بداية النهاية لهذين التنظيمين، حيث كانا مسؤولين عن العمليات الإرهابية في تسعينات القرن الماضي، حيث تم القضاء عليهما مع بداية الألفية الثالثة، وانكسرت شوكتهم وأعلن كثير منهم مراجعاتهم. حتى في الجزائر التي شهدت حروبا أهلية طاحنة، انكسرت شوكة التنظيمات الجهادية، وحتى تنظيم القاعدة تراجع هناك. مضيفا أن تلك الظاهرة تراجعت لتحل محلها ما أسماه إرهاب العملية الواحدة أو الإرهاب العشوائي، مضيفا أنه حتى تفجيرات شرم الشيخ في 2005 كانت من خلايا صغيرة لا تنتمي إلى تنظيمات كبيرة، وهذا الإرهاب يتم بعشوائية من أشخاص محبطة اجتماعية وليس لديها رؤية فكرية وعقائدية وفقهية ولو بالخطأ، كما كان يفعل الأمير بالشباب في التنظيمات القديمة، حيث كان الشاب يأخذ ثلاث سنوات حتى يتم ثقله فكريا وفقهيا ويكون بعدها قادرا على حمل السلاح. أما الشاب الذي يقوم بالعمليات الآن يتم إعداده في شهرين من خلال الإنترنت وبتحريك من الخارج في كثير من الأحيان، وهو لم يقرأ لا كتبا صحيحة ولا متطرفة، ولم تؤثر فيه مراجعات الشيخ فضل ولا غيره، ولكنه محبط وضائع وسريع الاستجابة لهذا الطريق المدمر، ويستطيع من خلال الإنترنت أن يتعلم كيف يقوم بصنع قنبلة. وحادثة الحسين والقنبلة البدائية التي استخدمت وطريقة الحادث تؤكد أن من قاموا بها هواة وليسوا محترفين.

ويرى الشوبكي أن هذا النوع الجديد من العنف العشوائي الفردي الذي لا ينتمي إلى تنظيمات، هو أقل خطورة من التابع لتنظيمات.