فيلتمان من بيروت: سأقول للسوريين إن سيادة لبنان لا تخضع لأي مفاوضات

نفى أي لقاء محتمل مع «حزب الله» وتحدث عن أمور كثيرة «تقلقنا» مع سورية

فيلتمان في لقائه السنيورة ومعه السفيرة الأميركية في بيروت ميشيل سيسون (أ ب)
TT

«جاهزين يا شباب؟» بهذه العبارة توجه السفير الأميركي السابق لدى لبنان جيفري فيلتمان إلى الصحافيين والمصورين الذين كانوا بانتظار حديثه عقب لقائه، صباح أمس، رئيس مجلس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة.

سأله أحدهم: «لماذا تبدو نحيلا يا سعادة السفير؟». فأجاب: «ربما أحتاج إلى الأطباق اللبنانية». وأضاف: «إنه لمن دواعي سروري أن أعود إلى بيروت بعد أربعة عشر شهرا». وأعرب عن تأثره بهذه العودة وعن مدى الاحترام والود الذي يكنه للشعب اللبناني. وقال: «من الرائع أن أعود إلى بيروت، لكنني لست هنا في زيارة خاصة، مع أنني أستمتع برؤية الأصدقاء القدامى. وكنت أتمنى أن يكون لدي مزيد من الوقت لرؤية جميع أصدقائي». وكان عندما وصل إلى باب السرايا الحكومي بادر إلى تحية الجميع بمودة. فهلل له البعض قائلين: «Welcome back». (أهلا بعودتك). فيلتمان العائد بصفته مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط بالوكالة، تحدث هذه المرة باسم الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، بعدما تحدث لسنوات باسم الرئيس السابق جورج بوش والوزيرة السابقة كوندوليزا رايس. ربما انطلاقا من هذا الأمر لم تتعرض جولته على المسؤولين اللبنانيين لأي انتقاد.

فيلتمان زار رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. وبحث معه في العلاقات الثنائية والأوضاع في المنطقة. وقال عقب اللقاء: «إن الإدارة الأميركية تدعم سيادة لبنان واستقلاله. وهذا كان مدار الاتصال الهاتفي الأخير بين الرئيسين سليمان وأوباما الذي أكد دعم الإدارة الأميركية للبنان القوي». وأضاف: «أن سيادة لبنان لا تخضع لأي مفاوضات. ولبنان يجب أن يكون بين أيدي اللبنانيين». وأشار إلى أنه يحمل «الرسالة نفسها إلى السوريين، ومفادها أن اللبنانيين يجب أن يقرروا مصير لبنان. وهذه الرسالة تبقى واضحة من أصدقاء لبنان والمجتمع الدولي والإدارة الأميركية بأن لبنان للبنانيين». وأكد «ترحيب الإدارة الأميركية بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان». وأشار إلى «دعم جهود الحكومة اللبنانية لإجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة في حزيران المقبل». وقال: «القرار 1701 هو القاعدة للاستقرار في الجنوب وضمان سلامة الأراضي اللبنانية. ونريد أن يطبق كاملا».

وفي السرايا الحكومية قال: «إنني مسرور لزيارة لبنان هذا الأسبوع الذي أطلق فيه رسميا عمل المحكمة الدولية. وأنا مسرور أيضا لأن أكون هنا بعدما رافقت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى مؤتمر شرم الشيخ. وأتمنى أن يكون الجميع قد تنبه لكلام الوزيرة كلينتون، الذي شدد على الدعم الأميركي لحل الدولتين ولسلام شامل وعادل في المنطقة بين إسرائيل والعرب».

وأفاد فيلتمان أن «أوباما كان واضحا. الحوار هو إحدى الوسائل الدبلوماسية. وأوباما قال إنه يريد حوارا مستمرا وأساسيا مع جميع دول المنطقة ومن بينها سورية. لكن الحوار، أي الكلام، لا يعني أنه جائزة أو أنه مجرد كلام. لدينا لائحة طويلة من الأمور التي تقلقنا مع سورية، على الصعيدين الثنائي والإقليمي. وأتوقع أن يكون لسورية بعض الأمور التي تقلقها تجاهنا أيضا. وزيارتنا إلى سورية، كما اجتماعنا الأسبوع الماضي بالسفير السوري في واشنطن، هما فرصة لنا لكي نبدأ بتصويب هذه الأمور واستعمال الحوار كوسيلة في تسويق أهدافنا في المنطقة. ولكن إحدى الرسائل التي أكدتها كلينتون للسنيورة في مؤتمر شرم الشيخ، وكما سبق للرئيس أوباما أن قال للرئيس سليمان، فإن أحد أهدافنا هو أن يعلم الجميع في المنطقة أن دعمنا للبنان مستمر وقوي». وردا على سؤال عن استثناء كلينتون لبنان من جولتها الشرق الأوسطية، قال: «كانت لكلينتون فرصة للقاء السنيورة والوزيرين فوزي صلوخ ونسيب لحود في شرم الشيخ. وهي تتطلع إلى لقاء (الرئيس) سليمان عندما يسمح لها الوقت بذلك». كما أشار إلى «الزيارة الناجحة جدا لقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي إلى الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وهناك العديد من الزيارات المتبادلة التي ترمز وتجسد الشراكة بين دولتينا». وكان فيلتمان وصل إلى بيروت مساء أول من أمس، يرافقه مدير دائرة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي دانيال شابيرو. وبدأ سلسلة لقاءاته بزيارة رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري. ومن دارة الحريري أكّد أن «الولايات المتحدة وشركاءها استجابوا للبنانيين وللكثير من الأصوات التي ارتفعت في السنوات القليلة الماضية مطالبة بوضع حد لحقبة الإفلات من العقاب لجرائم الاغتيالات وتحقيق العدالة لعائلات كثيرة خسرت من تحب خلال الاغتيالات، وبالتأكيد لمعرفة الحقيقة التي تكمن وراء اغتيال الرئيس رفيق الحريري».

أما صباح أمس، فقد استهل فيلتمان جولته بزيارة وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ الذي نوّه بـ«التوجهات الجديدة للإدارة الأميركية، لا سيما في مجال اعتماد الحوار سبيلا. وهي توجهات في مصلحة المنطقة».

من جهته، نفى فيلتمان إمكانية لقائه أحد مسؤولي «حزب الله». وقال: «تحدثنا مع صلوخ عن مؤتمر شرم الشيخ. وأكدنا أنه حان الوقت لإيجاد حل للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي بقيام دولتين مستقلتين. كما تحدثنا عن علاقات لبنان مع العالم العربي وعلاقة لبنان الثنائية معنا. وهي بداية جيدة ليوم جيد في بيروت». وعن التقارب في العلاقات بين سورية والمملكة العربية السعودية، قال: «نحن هنا في المنطقة لتحسين العلاقات الأميركية مع شركائنا في المنطقة، والمصالح الثنائية مع مختلف دول المنطقة. وأترك الأمر للمملكة العربية السعودية للحديث عما تنوي القيام به».

كذلك زار فيلتمان الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل. وقد سئل عقب اللقاء: «كنت من أكثر السفراء دعما لثورة الأرز، وأنت الآن ذاهب إلى دمشق في مهمة لإعادة العلاقات بينكم. ألا ترى نوعا من التناقض في ذلك؟ فأجاب: «برأيي ليس هناك من تناقض. إن دعمنا لحركة «14 آذار» عندما كنت سفيرا هنا، كان دعما لاستقلال لبنان. لقد حفز الشعب اللبناني المجموعة الدولية على كيفية خلق الأجواء التي تمكنه من ممارسة سيادته واستعادة قراره في بلده. وهذا هو الدعم الذي قدمته المجموعة الدولية ومن ضمنها الولايات المتحدة عندما كنت سفيرا.