منظمات حقوقية: لا سبيل قريبا لتنفيذ أمر المحكمة الدولية لاعتقال البشير

7 مطلوبين للاهاي ما زالوا طليقين.. و3 سلمتهم حكومة الكونغو وواحد سلمته بلجيكا

TT

أمرت المحكمة الجنائية الدولية باعتقال رئيس السودان عمر حسن البشير، لكن حتى أكثر أنصار المحكمة تشددا يسلمون بأنه سيمضي وقت طويل قبل أن يمثل للمحاكمة، هذا إن حدث أصلا.

وأشار ريتشارد ديكر الخبير القانوني لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان «هيومان رايتس ووتش» ومقرها نيويورك، إلى أن موطن ضعف المحكمة الجنائية الدولية هو أنه ليس لديها قوة شرطة لتنفيذ أوامرها. وبدلا من ذلك تعتمد المحكمة التي يوجد مقرها في لاهاي على الحكومات، ولا سيما حكومات المشتبه بهم الذين توجه إليهم اتهامات لتنفيذ طلباتها.

ومن بين الأربعة الذين استسلموا للمحكمة منذ نشأتها عام 2002 - وكلهم من سادة الحرب الكونغوليين - فإن ثلاثة سلمتهم حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وواحدا سلمته بلجيكا. وما زال سبعة آخرون صدرت بحقهم لوائح اتهام قبل هذا الأسبوع مطلقي السراح. وأمرت المحكمة الجنائية الدولية، في بيان الأربعاء ملحق بمذكرة الاعتقال التي أصدرتها في حق الرئيس السوداني، بإرسال طلب إلى حكومة الخرطوم باعتقال البشير وتسليمه بسبب جرائم الحرب والجرائم بحق الإنسانية المزعومة في دارفور.

وأعلنت المحكمة أيضا أنه بموجب قرار لمجلس الأمن الدولي صدر عام 2005 بإحالة مسألة دارفور إلى المحكمة الجنائية، فإن السودان ملزم بالتعاون مع المحكمة مع أنه ليس طرفا في معاهدة روما التي تشكلت المحكمة بموجبها. وفي واقع الأمر، لا يتوقع أحد أن يسلم السودان البشير الذي ظل الحاكم التنفيذي للبلاد منذ أكثر من 15 عاما.

وأعلن السودان مرارا أنه لا يعترف بالمحكمة الجنائية الدولية وسيتجاهل طلباتها. ورفض بالفعل تسليم مواطنين سودانيين وجهت إليهما المحكمة اتهامات من قبل بسبب جرائم مزعومة في دارفور. وتقول الأمم المتحدة التي لها آلاف من قوات حفظ السلام في السودان، إنها ليست مخولة باعتقال البشير ولن تحاول أن تفعل هذا إلا إذا غير مجلس الأمن تفويضها، وهو أمر يقول دبلوماسيون إنه غير محتمل.

ولذلك تركز جدل الدبلوماسيين والمحللين على أي مدى يمكن لأمر الاعتقال أن يقيد سفريات البشير في الخارج ويقلل من مكانته الدولية، وربما يضعفه سياسيا على المدى الطويل في الداخل. وفي بيانها دعت المحكمة الجنائية الدولية 108 دول موقعة على معاهدة روما، كما دعت أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة غير الموقعين على المعاهدة وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا والصين «وأي دولة أخرى كما تقتضي الضرورة» بالتعاون مع أمر الاعتقال.

ويبدو أن البشير سيكون في خطر أكبر إذا وصل إلى دولة موقعة على معاهدة روما. وهذا يسمح له في واقع الأمر بالسفر إلى معظم أرجاء العالم العربي، نظرا لأنه من بين 22 دولة عضو في جامعة الدول العربية لم يوقع سوى الأردن وجيبوتي وجزر القمر على المعاهدة وصدقوا عليها. وأعلن السودان أن البشير سيحضر القمة العربية التي تعقد في الدوحة عاصمة قطر في وقت لاحق من الشهر الجاري. ووقعت 30 دولة أفريقية على المعاهدة، لكن أثيوبيا وبها مقر الاتحاد الأفريقي لم توقع. وحضر البشير قمة الاتحاد الأفريقي التي عقدت في أديس أبابا الشهر الماضي فقط. وانتقدت جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي قرار المحكمة الجنائية باعتقال رئيس السودان لما يمثله ذلك من خطر على فرص السلام في دارفور. وتوفد جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي وفدين إلى نيويورك في محاولة لإقناع مجلس الأمن بإرجاء الأمر. لكن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكلها دول دائمة العضوية تملك حق النقض «الفيتو»، ترفض التأجيل.

وقد لا يوقف أمر الاعتقال أيضا الاتصالات الدبلوماسية مع البشير. وقال مبعوث دولة غربية كبرى لدى الأمم المتحدة، إن بلاده ستقطع الاتصالات «غير الضرورية» فقط مع الرئيس السوداني لا الاتصالات «الضرورية» التي تتضمن وجود سفير معتمد في الخرطوم. كما أعلنت ميشيل مونتاس المتحدثة باسم الأمم المتحدة، أن مسؤولي المنظمة الدولية «سيستمرون في التعامل مع الرئيس البشير حين يحتاجون إلى ذلك». ويعول المدافعون عن حقوق الإنسان على المدى الطويل، ويشيرون إلى حالتي الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش ورئيس ليبيريا السابق تشارلز تيلور.